وفد مجلس الأمن إلى لبنان يدعو للالتزام بوقف إطلاق النار

أكد وفد من مجلس الأمن الدولي، في ختام زيارته للبنان، دعمه الكامل لسيادة لبنان واستقراره، مشدداً على أهمية الالتزام بوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. وجاءت هذه الزيارة في ظلّ توترات مستمرة على الحدود الجنوبية، ومناقشات حول مستقبل العمليات الأممية في المنطقة. تأتي هذه التطورات في سياق بحث سبل تعزيز الاستقرار الإقليمي، فيما يظل موضوع الوضع في جنوب لبنان محوراً رئيسياً لاهتمام المجتمع الدولي.
الوفد، الذي اختتم زيارته اليوم السبت، أجرى محادثات مع كبار المسؤولين اللبنانيين، بما في ذلك الرئيس جوزيف عون ورئيسي الوزراء ومجلس النواب، بالإضافة إلى وزير الخارجية. وقد ناقش الوفد سبل دعم تنفيذ القرار الأممي 1701، وتطورات الأوضاع الأمنية والسياسية في البلاد، بالإضافة لمستقبل عمل قوات اليونيفيل في المنطقة.
تأكيد الدعم لسيادة لبنان وتنفيذ القرار 1701
غالبية البيانات الصادرة عن الوفد والمسؤولين اللبنانيين ركزت على التأكيد على سيادة لبنان واستقلاله. وأعرب الوفد عن تقديره لجهود الجيش اللبناني في حفظ الأمن والاستقرار، داعياً إلى تسريع وتيرة حصر السلاح بيد الدولة. بالإضافة إلى ذلك، رحب الوفد بالقرار الخاص بتعيين مدني لرئاسة الوفد اللبناني المفاوض، مشيراً إلى أهمية هذا التوجه في تعزيز المفاوضات المستقبلية.
القرار 1701، الذي صدر في عام 2006 بعد حرب تموز، يمثل إطاراً أساسياً لوقف إطلاق النار بين لبنان وإسرائيل. وينص القرار على انسحاب القوات الإسرائيلية من الأراضي اللبنانية، ونشر قوات حفظ السلام الدولية (اليونيفيل) لمراقبة الحدود وتأمين المنطقة. ومع ذلك، لا تزال هناك نقاط خلاف حول تفسير وتنفيذ بعض بنود القرار، بما في ذلك مسألة التلال المتنازع عليها.
اللقاءات التفصيلية للوفد الأممي
تضمنت الزيارة لقاءات مع الرئيس عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام، بالإضافة إلى زيارة مقر قوة اليونيفيل في الناقورة. وجاءت هذه اللقاءات بهدف فهم وجهات النظر المختلفة حول التحديات التي تواجه المنطقة، وبحث سبل إيجاد حلول مستدامة. كما قام الوفد بجولة ميدانية في المناطق الحدودية لتفقد الأوضاع الأمنية بشكل مباشر.
وحسب بيان صادر عن الرئاسة اللبنانية، فقد أكد الوفد على أهمية الحفاظ على الهدوء والاستقرار على الحدود، وتجنب أي تصعيد قد يؤثر على الأمن الإقليمي. كما شدد على ضرورة استئناف المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، وهو ما يمكن أن يفتح الباب أمام استثمار الموارد الطبيعية في المنطقة، مما يعزز الاستقرار الاقتصادي.
التوتر المستمر على الحدود الجنوبية
على الرغم من اتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التوصل إليه في نوفمبر/تشرين الثاني 2024، ورعاية كل من الولايات المتحدة وفرنسا لهذا الاتفاق، إلا أن إسرائيل تواصل شن غارات جوية بشكل دوري على مناطق في جنوب لبنان. وتبرر إسرائيل هذه الغارات بأنها تستهدف “عناصر معادية” تعمل في المنطقة. في المقابل، تدين لبنان هذه الغارات باعتبارها انتهاكاً لسيادته وتهديداً للأمن الإقليمي.
بالإضافة إلى الغارات الجوية، لا تزال إسرائيل تحتفظ بقواتها في خمس تلال في جنوب لبنان، وهو ما يعتبره الجانب اللبناني احتلالاً لأراضيه. وتشكل هذه التلال نقطة خلاف رئيسية بين الطرفين، حيث يطالب لبنان بانسحاب إسرائيل الكامل من جميع الأراضي المتنازع عليها. إن مسألة هذه التلال تظل عقبة رئيسية أمام تحقيق سلام دائم ومستقر بين لبنان وإسرائيل، وتتعلق بشكل مباشر بموضوع الوضع في جنوب لبنان.
وتأتي زيارة الوفد الأممي في ظلّ نقاشات متزايدة حول مستقبل قوات اليونيفيل، وتحديداً بعد انتهاء ولايتها في نهاية العام المقبل. هناك مخاوف من أن عدم تجديد ولاية اليونيفيل قد يؤدي إلى فراغ أمني في جنوب لبنان، مما يزيد من خطر التصعيد بين لبنان وإسرائيل. العديد من الأطراف المعنية، بما في ذلك المجتمع الدولي، تبحث عن حلول تضمن استمرار وجود قوة حفظ سلام في المنطقة بعد عام 2025.
الخطوات المقبلة والتحديات المستقبلية
يتوقع أن يقدم مجلس الأمن الدولي تقريراً مفصلاً عن زيارته للبنان، يتضمن توصيات بشأن سبل تعزيز الاستقرار في المنطقة، ودعم تنفيذ القرار 1701. كما من المتوقع أن تجرى مشاورات مكثفة بين أعضاء المجلس حول مستقبل عمل قوات اليونيفيل. يبقى تجديد ولاية اليونيفيل أمراً غير مؤكد، ويعتمد على التطورات السياسية والأمنية في المنطقة، ويتوقف بشكل كبير على إيجاد حلول لمعالجة المخاوف المرتبطة بـالوضع في جنوب لبنان والتحديات التي تواجه تنفيذ القرار 1701.
إلى جانب ذلك، يجب استئناف المفاوضات لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل. كذلك، من الضروري العمل على تخفيف التوترات على الحدود الجنوبية من خلال الحوار والتعاون بين الطرفين. سيظل الوضع في جنوب لبنان موضوعاً رئيسياً على جدول أعمال المجتمع الدولي في الأشهر والسنوات المقبلة، ويتطلب جهوداً مستمرة ومنسقة لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة. تعتبر قضية ترسيم الحدود اللبنانية أيضًا ذات أهمية بالغة في تحقيق الاستقرار الإقليمي.




