واجهت هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) تحديات مالية كبيرة في عام 2025، حيث خسرت أكثر من 1.1 مليار جنيه إسترليني من إيراداتها. يعزى هذا الانخفاض بشكل أساسي إلى تزايد التهرب من رسوم التراخيص وتراجع أعداد المشاهدين، مما يثير تساؤلات حول مستقبل تمويل الهيئة. يأتي هذا في وقت تواجه فيه بي بي سي ضغوطًا إضافية بسبب قضايا قانونية محتملة.
تراجع الإيرادات وتحديات التمويل
أظهر تقرير للجنة برلمانية أن إيرادات بي بي سي من رسوم التراخيص، والتي تبلغ 174.5 جنيه إسترليني سنويًا، بلغت 3.8 مليار جنيه إسترليني للعام المالي 2025/2024. ومع ذلك، فإن هذا المبلغ يمثل انخفاضًا كبيرًا مقارنة بالسنوات السابقة. يرجع هذا الانخفاض إلى عدة عوامل، بما في ذلك زيادة معدلات الاحتيال في عدم دفع الرسوم وتراجع عدد الأسر التي تعتبر أن لديها حاجة إلى ترخيص.
أسباب تراجع الإيرادات
ارتفع معدل الاحتيال في عدم دفع رسوم التراخيص إلى 12.5%، بينما أعلنت 3.6 مليون أسرة أنها لا تحتاج إلى ترخيص، مقارنة بـ 2.4 مليون أسرة في عام 2021. تشير اللجنة البرلمانية إلى أن هذا يشكل “فجوة محتملة” بقيمة 1.1 مليار جنيه إسترليني في التمويل. بالإضافة إلى ذلك، تواجه بي بي سي صعوبة في جذب جمهور أصغر سناً، حيث يفضل الكثيرون منصات البث الرقمي البديلة.
المنصات الرقمية تمثل تحديًا كبيرًا لبي بي سي، حيث تتنافس على جذب المشاهدين وتقديم محتوى متنوع. هذا التحول في سلوك المشاهدين يؤثر بشكل مباشر على إيرادات بي بي سي، حيث أن عدد الأسر التي تدفع رسوم التراخيص يعتمد على عدد المشاهدين.
الضغوط القانونية الإضافية
تواجه بي بي سي أيضًا ضغوطًا قانونية إضافية بعد تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بملاحقتها قضائيًا بتهمة التشهير. ينبع هذا التهديد من توليف مقطع مضلل من خطاب له، وهو ما أثار غضب ترامب وأنصاره. قد تتسبب هذه القضية في تكاليف قانونية إضافية لبي بي سي، مما يزيد من الضغط على مواردها المالية.
التهديدات القانونية ليست جديدة على بي بي سي، ولكن هذه القضية تحديدًا تحمل أهمية خاصة نظرًا لشخصية ترامب وتأثيره. قد تؤدي هذه القضية إلى تدهور العلاقات بين بي بي سي والإدارة الأمريكية، مما قد يؤثر على تغطية بي بي سي للأخبار في الولايات المتحدة.
إجراءات الرقابة وتحديث الآليات
انتقد النواب بي بي سي لعدم اتخاذها إجراءات كافية لضمان دفع الرسوم. ودعوا إلى تحديث آليات الرقابة، مشيرين إلى أن الزيارات المنزلية أصبحت “أقل فعالية” على الرغم من زيادتها بنسبة 50% العام الماضي. وأشارت بي بي سي إلى أن عمليات التفتيش تواجه صعوبات متزايدة بسبب رفض العديد من الأسر استقبال المفتشين.
تحديث آليات الرقابة يعتبر أمرًا ضروريًا لضمان تحصيل الرسوم المستحقة. قد يشمل ذلك استخدام تقنيات جديدة لتحديد الأسر التي تشاهد برامج بي بي سي دون دفع الرسوم، بالإضافة إلى زيادة الوعي بأهمية دفع الرسوم لدعم الهيئة.
مستقبل التمويل والمفاوضات القادمة
تخضع قيمة رسوم التراخيص لمفاوضات جديدة قبل نهاية عام 2027 عند تجديد ميثاق عمل الهيئة. هذه المفاوضات ستكون حاسمة لتحديد مستقبل تمويل بي بي سي. من المتوقع أن تكون هناك ضغوط لخفض قيمة الرسوم، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة.
من غير الواضح حتى الآن كيف ستسير هذه المفاوضات، ولكن من المؤكد أنها ستكون معقدة وصعبة. يجب على بي بي سي أن تقدم حججًا قوية لإقناع الحكومة والحكومات اللاحقة بالحفاظ على مستوى التمويل الحالي أو زيادته. مستقبل التمويل يعتمد على قدرة بي بي سي على إثبات قيمتها للمشاهدين والمساهمين.
من المتوقع أن تستمر بي بي سي في مواجهة تحديات مالية في السنوات القادمة. سيكون من الضروري عليها أن تتكيف مع التغيرات في سلوك المشاهدين وأن تجد طرقًا جديدة لزيادة إيراداتها. ستكون المفاوضات حول رسوم التراخيص في عام 2027 لحظة حاسمة في تحديد مستقبل الهيئة.
