Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

أبو حسنة: الإسقاطات الجوية لن توقف المجاعة وكل القيم الإنسانية تتحطم على أبواب غزة

مع استمرار حرب الإبادة الجماعية والتجويع الإسرائيلية على قطاع غزة، تتفاقم الكارثة الإنسانية يوماً بعد يوم، لتصل إلى مستويات غير مسبوقة تضع حياة أكثر من مليوني فلسطيني على المحك، في ظل تفشي المجاعة والأمراض المعدية والحصار وتدمير البنى التحتية، في وقت تبدو جهود الإغاثة عاجزة عن مواكبة حجم الدمار والاحتياجات الإنسانية الهائلة.

وبعد أشهر من التردد أعلنت الأمم المتحدة وخبراء دوليون رسميا تفشي حالة المجاعة على نطاق واسع في قطاع غزة الذي يتعرض منذ أشهر لحصار وتجويع إسرائيلي متعمد أدى إلى استشهاد 281 فلسطينيا بينهم 114 طفلا، وفق إحصاء لوزارة الصحة في القطاع.

اقرأ أيضا

list of 2 itemsend of list

فقد أصدرت منظمة الصحة العالمية، وصندوق الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، وبرنامج الغذاء العالمي، ومنظمة الأغذية والزراعة (الفاو) بيانا مشتركا بجنيف أكدت فيه أن أكثر من نصف مليون شخص في غزة عالقون في مجاعة، مطالبين إسرائيل بضمان توفر الغذاء والإمدادات الطبية لسكان غزة من دون عوائق للحد من الوفيات الناجمة عن الجوع وسوء التغذية.

وبالتزامن مع البيان الأممي المشترك، أصدر التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي، وهو مبادرة عالمية متخصصة في موضوع قياس الأمن الغذائي وسوء التغذية، تقريرا قال فيه إن “المجاعة تتفشى في محافظة غزة”.

ومع تسارع الأحداث، التقت الجزيرة نت مع المستشار الإعلامي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (أونروا) عدنان أبو حسنة، للاطلاع على تطورات الوضع الإنساني في قطاع غزة، وفيما يلي نص الحوار:

  • بداية، كيف تصف لنا المشهد الإنساني الراهن في قطاع غزة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي والحصار والتجويع؟

الأوضاع الإنسانية في قطاع غزة يمكن وصفها بما بعد الكارثة أو تسونامي إنساني يضرب كل مناطق القطاع، نتحدث الآن عن 2.3 مليون فلسطيني على الأقل كلهم مجوعون، كلهم يعانون من درجات مختلفة من سوء التغذية

ونتحدث عن 50% من سكان القطاع هم من الأطفال والمئات منهم يعانون من أعلى درجات سوء التغذية، وإذا استمرت الأوضاع بهذه القسوة فمن الممكن أن يموتوا أو أن يتعرضوا لندوبات جسدية وأمراض تصاحبهم مدى حياتهم مثل التقويس أو التقزم.

كما نتحدث عن 100% تقريبا من سكان قطاع غزة يشربون مياها ملوثة بدرجات مختلفة، فلا يمكن العثور في غزة على مياه صالحة للشرب، بالإضافة إلى تلوث الخزان الجوفي في القطاع بسبب تدمير شبكة الصرف الصحي

أيضا انهيار القطاع الصحي بصورة شبه كاملة مع انتشار كبير للأمراض المعدية، وأصبح مئات الآلاف من المرضى لا يجدون الدواء، أما الأطباء والعاملون في القطاع الطبي فهم منهكون وجائعون وغير قادرين على العمل، باختصار ما يحدث في غزة غير مسبوق منذ الحرب العالمية الثانية.

ورغم إعلان التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي -وهو المرصد الوحيد المخول بإعلان حالات المجاعة عالمياً- عن وجود مجاعة في غزة، لم تستجب إسرائيل بزيادة عدد الشاحنات المحملة بالمساعدات أو السماح بإدخال مئات الشاحنات يومياً كما كان متوقعاً، بل على العكس، تمادت في إنكار هذه الحقيقة لدرجة أن أحد المسؤولين الإسرائيليين ادعى وجود أشخاص جائعين في ضواحي تل أبيب أيضاً، في مقارنة لا يمكن تخيلها.

  • في ظل هذا الوضع المأساوي، ما أبرز الأنشطة الإغاثية التي لا تزال الأونروا قادرة على تنفيذها بالقطاع؟ وما أبرز التحديات التي تواجهونها في إيصال المساعدات؟

(بالنسبة) للعمليات الإنسانية -فيما يتعلق بالأونروا والتي تعتبر العمود الفقري للعمل الإغاثي والإنساني في قطاع غزة- فإن بعض العيادات الصحية لا تزال تعمل لدينا وهي حوالي 7 عيادات رئيسية و25 نقطة طبية متنقلة، ونستقبل يوميا 18 ألف مريض، كما لدينا المئات العاملين في فرق الدعم النفسي التي تجوب في مخيمات النزوح لتقديم الخدمة للمواطنين، كذلك نحاول توفير بعض المياه الصالحة للشرب وجمع النفايات الصلبة في بعض مناطق القطاع.

وأما بخصوص عمليات توزيع المواد الغذائية فقد توقفت منذ فترة سواء من قبل الأونروا أو المنظمات الخيرية والإغاثية الأخرى، والآن أصبح توزيع المساعدات الإغاثية مقتصرا على “مؤسسة غزة الإنسانية”.

وحتى الكميات القليلة من المساعدات التي يتم إدخالها إلى القطاع عبر المنظمات الأممية يتم الاستيلاء عليه بسبب إصرار الجانب الإسرائيلي على مرور شاحنات المساعدات في ممرات غير آمنة بها عصابات مسلحة.

  • هناك جدل كبير حول “مؤسسة غزة الإنسانية” فكيف تنظرون إلى دورها وما انعكاس وجودها على المدنيين؟

نحن حذرنا قبل إنشاء هذه المؤسسة من فكرة إنشائها وأثناء إنشائها وبعد إنشائها، وببساطة ما حدث هو إضافة ساحة جديدة لقتل الفلسطينيين، وهذه المؤسسة ببساطة ليس لها علاقة بالعمل الإغاثي والإنساني، حيث يعمل بها مجموعة من المتقاعدين العسكريين، وأقامت 4 أقفاص من الأسلاك الشائكة يدعون الفلسطينيين للذهاب إليها للحصول على بعض آلاف من السلال الغذائية التي لا تكفي حاجة المواطنين.

ويتعرض الفلسطينيون للقتل والإذلال وهم ذاهبون وهم عائدون وهم يتجمهرون بالقرب منها، نتحدث عن أكثر من 1400 فلسطيني قتلوا حتى الآن داخل مقرات هذه المؤسسة.

وهذه المنظمة لا لزوم لها عمليا لأنها تبتعد عن أسس وقيم العمل الإنساني الدولي، التي أقرتها الأمم المتحدة، وللأسف هناك شبهات حول هذه المنظمة وأنها تعمل بأجندة سياسية وعسكرية وهذا غير مقبول في العمل الإنساني.

  • هل تمتلك الأونروا خطة جاهزة لإنقاذ سكان غزة في حال فتح المعابر والسماح بإدخال المساعدات الإنسانية؟

لدينا خطط جاهزة ولدينا آلاف من موظفي الإغاثة في الأونروا وسبق أن أدرنا 400 نقطة لتوزيع المساعدات الغذائية في مختلف مناطق القطاع، قبل الثاني من مارس/آذار عندما أعلن نتنياهو وقف إدخال كل أنواع المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.

وفي فبراير/شباط ويناير/كانون الثاني الماضي عند وقف إطلاق النار استطعنا الوصول إلى مليوني فلسطيني وتزويدهم بالمواد الغذائية خلال أيام قليلة.

والأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش قدم خطة للجانب الإسرائيلي من 5 مراحل حول كيفية إدخال المساعدات الإنسانية والمسارات التي يجب أن تأخذها والمعابر ومخازن الأمم المتحدة والأسماء، وكل ذلك عدة مرات.

  • في ظل رفض إسرائيل المتكرر لمقترحات وقف إطلاق النار، ما الانعكاسات الإنسانية الكارثية على سكان القطاع؟

بالتأكيد عدم التوصل لاتفاق وقف إطلاق النار كارثة ومصيبة لأنه تم دفع كل سكان قطاع غزة إلى مساحة أقل من 55 كيلومترا مربعا، ولو ألقيت أي حرجة في تلك المنطقة فستقتل وتجرح أعداد كبيرة من المواطنين.

أيضا في ظل سياسة التجويع الخطيرة المتبعة وما تسببت فيه من انتشار سوء التغذية وانعدام الأمن الغذائي وعدم توفر مياه شرب صالحة، يعني عمليا الفتك بهذه المجموعة البشرية، حيث يحاصرهم الموت قتلا بالطائرات والدبابات أو الموت جوعا وعطشا أو الموت مرضا.

وباختصار الوضع الإنساني في قطاع غزة لا يحتمل على الإطلاق ولا يمكن وصفه بالكلمات.

  • تواجه الأونروا حملة سياسية وإعلامية ممنهجة وبعض الدول علّقت تمويلها. ما تأثير هذه الأزمة المالية على عملياتكم بقطاع غزة والمناطق الأخرى؟

هناك حملة منظمة سياسية وإعلامية ضد الأونروا لم تتوقف، تستهدف قضم شرعيتها وتقويض عملياتها في الضفة وغزة والقدس (ولكن) معظم الدول -التي مساعداتها للأونروا بعد الادعاءات الإسرائيلية حول مشاركة بعض موظفيها في أحداث 7 أكتوبر/تشرين الأول، وهي ادعاءات لم تثبت على الإطلاق حتى الآن- أعادت تمويل الأونروا ما عدا الولايات المتحدة والسويد، وفي المقابل هناك أيضا دول انضمت للدول المانحة للأونروا مثل الجزائر والعراق.

وحقيقة نحن نعاني من أزمة مالية طاحنة، فنحن بحاجة إلى 200 مليون دولار حتى نهاية هذا الشهر حتى لا تتأثر عمليات الأونروا في مناطقة عملها الخمس (سوريا ولبنان والضفة والقدس وغزة) وحتى لا تضطر الوكالة لاتخاذ إجراءات قاسية حول عملياتها.

  • هناك من يتحدث عن الإسقاطات الجوية كحل بديل لإدخال المساعدات في ظل إغلاق إسرائيل للمعابر، فلماذا تنتقد الأمم المتحدة هذا المقترح؟

بالتأكيد الإسقاطات الجوية لا يمكن أن تحل مشكلة المجاعة في غزة، ونحن نصر على فتح المعابر البرية بين إسرائيل وقطاع غزة.

وهناك 5 معابر بين غزة وإسرائيل وبإمكان إسرائيل أن تدخل ألف شاحنة يوميا إذا أرادت وتمكين الأمم المتحدة من مواجهة المجاعة، بالإضافة إلى فتح المجال أمام القطاع التجاري لإدخال البضائع المختلفة.

وقد تم قبل ذلك تجربة فكرة الميناء البحري المؤقت، وأيضا الإسقاطات الجوية لم تنجح في السابق في حل الأزمة، والحقيقة أن إسرائيل لا تريد حل أزمة التجويع المتعمد لسكان قطاع غزة.

  • ما رسالتكم الأخيرة للمجتمع الدولي والمنظمات الدولية المعنية بالشأن الإنساني لوقف هذه الكارثة؟

رسالتنا للمجتمع الدولي يجب أن يكون هناك وقف فوري لإطلاق النار من أجل إنقاذ 2.3 مليون فلسطيني يتعرضون للموت عبر القتل والجوع والمرض.

إن كل القيم والمعايير والمواثيق الأممية والقانون الدولي الإنساني تتحطم على أبواب قطاع غزة، وهذا نموذج خطير يمكن تطبيقه في أماكن أخرى إذا لم يتم إجبار إسرائيل على وقف إطلاق النار وإنقاذ سكان قطاع غزة من هذه المقتلة الخطيرة وغير المسبوقة.

وما زالت هناك فرصة لوقف هذه الوحشية، من أجل الحفاظ على كرامة الإنسان في العالم والحفاظ على الثوابت الإنسانية والقانون الدولي الإنساني والقيم العالمية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى