أحكام بالسجن بحق مقربين من نجل رئيس الغابون السابق

أصدرت المحكمة الجنائية المتخصصة في الغابون أحكامًا بالسجن تراوحت بين عامين وستة أشهر و15 عامًا على مجموعة من المدانين المرتبطين بنور الدين بونغو، نجل الرئيس السابق علي بونغو، وذلك في قضية فساد مالي كبرى تتعلق بتبديد الأموال العامة. وتأتي هذه الأحكام بعد جلسات محاكمة مطولة انتهت في وقت مبكر من صباح يوم 18 نوفمبر/تشرين الثاني 2025، كجزء من جهود أوسع لمكافحة الفساد في البلاد بعد فترة طويلة من الحكم العائلي.
وتشمل هذه الأحكام إدانة إيان غيسلان نغولو، المدير السابق لمكتب نور الدين بونغو، بالسجن لمدة 15 عامًا مع إيقاف تنفيذ 5 سنوات منها، بالإضافة إلى الأخوين أوشيني، محمد علي ساليـو وعبدول أوشيني أوسا، بنفس الحكم. كما شملت الأحكام أيضًا مدانين آخرين مثل جيسي إيلا إيكوغا وكيم أون، بالإضافة إلى غابين أوثا، جوردان كاموسيه، سيرياك مفورانجيامي وجيزيل مومبو، بتهم مختلفة تتعلق بالفساد.
التحقيقات في قضية الأموال العامة تكشف عن شبكة معقدة
بدأت التحقيقات في هذه القضية بعد الإطاحة بالرئيس علي بونغو في انقلاب عسكري في أغسطس 2023. وقد كشفت التحقيقات الأولية عن سلسلة من المخالفات المالية التي يُزعم أنها ارتكبت خلال فترة ولايته، والتي تورط فيها أفراد مقربون من العائلة، بما في ذلك نور الدين بونغو. ويُعتقد أن “فريق الشباب”، كما يُعرف هؤلاء المقربون، لعب دورًا رئيسيًا في اختلاس الأموال وتبييضها.
وبحسب تصريحات المدعي العام خلال المرافعات، فإن هذه القضية لا تتعلق بجرائم فردية بل بـ “منظومة فساد ممنهجة” استهدفت موارد الدولة. وأكد المدعي العام على ضرورة ردع الفساد وضمان محاسبة المسؤولين عن تبديد الأموال العامة.
تفاصيل الأحكام والغرامات
بالإضافة إلى العقوبات السجنية، ألزمت المحكمة غالبية المدانين بدفع تعويضات مالية كبيرة. وقع على نغولو غرامة بقيمة مليار فرنك أفريقي (حوالي 1.5 مليون يورو)، بينما قررت المحكمة مطالبة الأخوين أوشيني بدفع 6 مليارات فرنك أفريقي (أكثر من 9 ملايين يورو). كما تقرر مصادرة الممتلكات التي يعود ملكها إلى بعض المدانين، بما في ذلك ممتلكات جيسي إيلا إيكوغا.
وبرأ ستيف نزغو دييكو من جميع التهم الموجهة إليه. يُذكر أن الأحكام الصادرة قابلة للطعن أمام محكمة الاستئناف، وهو ما أعلن محامو المتهمين نيتهم فعله، وفقًا لمصادر إعلامية غابونية. تندرج هذه القضية ضمن سياق أوسع من إجراءات مكافحة الفساد في الغابون.
أهمية الأحكام ودورها في مستقبل الغابون
تعد هذه الأحكام خطوة مهمة في جهود الغابون لمكافحة الفساد واستعادة الأموال المنهوبة. وقد وصف رئيس المحكمة هذه الأحكام بأنها “لحظة تاريخية” في مسيرة العدالة في البلاد. يأمل مراقبون بأن تؤدي هذه الإجراءات إلى تعزيز الشفافية والمساءلة في إدارة الموارد العامة.
وتأتي هذه القضية بعد إدانة نور الدين بونغو نفسه في 12 نوفمبر/تشرين الثاني بالسجن لمدة 20 عامًا، بتهم مماثلة تتعلق باختلاس الأموال والتزوير. تشير هذه التطورات إلى عزم السلطات الجديدة على مواجهة الفساد بشكل جاد ومحاسبة المسؤولين عن الإضرار بمصالح الدولة. هذه الإجراءات تهدف إلى استعادة الثقة العامة.
وتشكل قضية الأموال العامة هذه اختبارًا حقيقيًا لمدى التزام الغابون بالإصلاحات الشاملة وتعزيز سيادة القانون. ويراقب المجتمع الدولي عن كثب التطورات في هذه القضية، باعتبارها مؤشرًا على مستقبل البلاد. من المرجح أن يكون لنتائج هذه المحاكمة تأثير كبير على الاستثمار الأجنبي ووضع الغابون على الساحة الدولية.
من المتوقع أن يتم تقديم طعون في الأحكام خلال الأسابيع القادمة. وستقوم محكمة الاستئناف بدراسة الطعون وإصدار حكمها النهائي في أقرب وقت ممكن. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الأحكام ستؤدي إلى كشف المزيد من قضايا الفساد أو استعادة المزيد من الأموال المنهوبة، لكنها بالتأكيد تمثل بداية جديدة في مكافحة الفساد في الغابون.





