أخميتوف مسلم سيطر على 30% من ناتج أوكرانيا خسر ربع ثروته في عام
كييف– منذ أعوام طويلة، يتربع رينات أخميتوف على رأس قائمة أثرى أثرياء أوكرانيا، ويتمسك بموقعه بلا منازع، بل إنه كان أغنى رجل في أوروبا قبل 2008، بثروة بلغت حينها نحو 31.1 مليار دولار.
أخميتوف (أو أحمدوف) رجل أعمال من أصول تترية مسلمة، وهو صاحب نادي (شاختار دونيتسك) المعروف، كما كان يسمى (ملك الدونباس)، إذ ينحدر من هذا الإقليم الواقع جنوب شرقي أوكرانيا.
ورغم أنه خسر عرشه في دونباس بسبب الأحداث التي شهدها الإقليم في 2014، ثم خسر جزءا كبيرا من ثروته، فإنه بقي على رأس قائمة الثراء، بأصول وصلت إلى نحو 8 مليارات قبل بداية الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير/شباط 2022.
خسارة
استمرت ثروة أخميتوف في التراجع مع بداية الحرب، وجاءت آخر الضربات التي تلقتها خزائنه خلال العام الجاري 2024، حين قصف صاروخي روسي جميع مؤسسات مجموعة “سيستم كابيتال مانجمنت” التابعة له، وخاصة مصانع شركة “ميت إنفيست” للتعدين، المسؤولة عن إنتاج 700 ملجأ للجيش حتى الآن.
وأتت الحرب كذلك على جميع منشآت الطاقة التابعة لشركة “ديتيك”، التي توفر الكهرباء لنحو 5.4 ملايين أسرة و150 ألف شركة في 5 مقاطعات رئيسية، من بينها العاصمة كييف.
وقبل الحرب، رأى محللون أن أخميتوف يسيطر عمليا على 30% من الناتج المحلي الأوكراني، لهيمنته على كامل سوق الطاقة وغيره، لكن 6 موجات كبيرة من القصف خلال هذا العام سببت خسارة نحو 23% من ثروته دفعة واحدة، ليصل حجمها إلى نحو 5 مليارات دولار.
البلاد تخسر طاقتها
مع ذلك، بقي أخميتوف محافظا على صدارة قائمة الأثرياء، أما بلده، فتئن يوميا بفعل الضربات الروسية المستمرة على قطاع الطاقة، وآخرها وأعنفها كان في 17 و28 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وفي حديث مع الجزيرة نت، قالت أوكسانا زويفا كبيرة خبراء مجموعة “داي شي” (DiXi) للبيانات “نفذت روسيا 25 هجوما هائلا على نظام الطاقة الأوكراني منذ سبتمبر/أيلول 2022، مستخدمة لهذا الغرض نحو 1400 صاروخ من أنواع مختلفة، و500 طائرة هجومية مسيرة”.
وأضافت “أدى ذلك إلى خسارة أوكرانيا 80% من منشآت التوليد الحرارية لديها، و35% من نظيراتها الكهرومائية، بحجم قدّره مسؤولون بنحو 8.8 مليارات دولار في 2024، وأكثر من 56 مليارا منذ بداية الحرب، تشمل السيطرة على محطة زابوريجيا النووية الأكبر في أوروبا”.
ولفتت إلى أنه “منذ بداية العام 2024، فقدت أوكرانيا 9 غيغاوات من قدرات التوليد الكهربائي، وبشكل عام من بداية الحرب، تراجع إنتاج الطاقة في أوكرانيا من 55 غيغاوات إلى أقل من 20 غيغاوات حاليا”.
وحسب الخبيرة، “بعد الضرر الذي لحق بمنشآت التوليد، تحولت روسيا في 2024 إلى استهداف محطات التحويل بشكل رئيس، لزعزعة استقرار نظام الطاقة، والحد من القدرة على نقل الكهرباء داخل البلاد، فضلا عن تعقيد وارداتها”.
حياة بلا كهرباء
دفع هذا الواقع السلطات المعنية إلى إعادة تطبيق جداول انقطاع الكهرباء عن ملايين المستهلكين في معظم المقاطعات، مع صعوبات بالغة تواجه تلك الإمدادات في المقاطعات الحدودية القريبة من جبهات القتال، لا سيما مع اشتداد البرد.
وفي كييف ومدن 13 مقاطعة، عادت أصوات المولدات الخاصة لتملأ الأجواء، وعاد الظلام ليغطي مساحات واسعة من الأحياء السكنية، مع مخاوف شركات صناعية من تداعيات الانقطاعات الطويلة وشبح “زيادة التعريفة”.
وفي بيان لها، قالت شركة “ديتيك” إن “60 فرقة تعمل يوميا على إصلاح الشبكات بعد القصف الروسي في مقاطعة دونيتسك وحدها”، التي تسيطر أوكرانيا على أقل من 50% منها.
عمل المحطات النووية
والأسوأ من ذلك كله خطر كبير يحدق بعمل محطات الطاقة النووية، ويهدد بتراجع نسب إنتاجها، الأمر الذي يرى فيه خبراء “هدفا روسيا جديدا”.
وتقول الخبيرة في مجال السلامة النووية بوزارة الطاقة الأوكرانية، أولغا كوشارنا، لـ”الجزيرة نت” “القصف الأخير كان مركزا على منشآت تغذي محطات خميلنيتسكي وريفني بما تحتاجه من طاقة لعمليات التبريد، وهذا أدى إلى تراجع إنتاج تلك المحطات النووية بنسبة 40% لفترة”.
وتابعت “ضرب المحطات النووية كارثة، قد لا تقدم عليها روسيا، لكن من الواضح أنها تتعمد اليوم تحويل المحطات النووية إلى وضع الخمول، لأنها باتت ملاذا شبه وحيد للأوكرانيين”.
بدائل محدودة
ويبدو أن كل طرق البدائل تتجه نحو الطاقة النووية، لكن الأوكرانيين يتحدثون عن الحاجة إلى حمايتها، وتطويرها، وجعلها “مرنة”.
وتقول كوشارنا “خلال 3 سنوات من الحرب، أثبتت التجربة أن كل البدائل غير مستقرة مع استمرار القصف، كاستيراد الطاقة، أو وجود سفن التوليد في البحر، وغيرها”.
وتابعت “رغم تجربتنا المريرة مع كارثة مفاعل تشيرنوبل، تبقى المحطات النووية أفضل خيار، وليس لها بديل من حيث الكفاءة. نحن بحاجة إلى حمايتها وحماية المنشآت المغذية لها، ثم تطويرها بإضافة مفاعلات جديدة، وهذا الأمر يناقش حاليا بكل جدية”.
طاقة نووية “مرنة”
ولفتت في السياق ذاته إلى وجود 3 مشاريع بين أوكرانيا والولايات المتحدة بدأ الحديث عنها في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، لوضع 20 وحدة مفاعلات صغيرة من طراز “إس إم آر 160” قيد الخدمة، بقدرة إنتاج تبلغ 160 كيلووات لكل منها.
وقالت “مستقبل إنتاج الطاقة لهذه المفاعلات يتميز بالمرونة، فهي قابلة للنقل من مكان إلى آخر، وبعضها قادر على إنتاج 300 كيلووات، أي ما يعادل ثلث ما تنتجه بعض المحطات النووية الثلاث المتبقية في أوكرانيا (محطات ريفني وخميلنيتسكي ويوجني)”.
لكن صورة الحل ليست وردية تماما، فكوشيرنا تقول إن “مثل هذه المفاعلات الصغيرة حصلت مؤخرا فقط على التراخيص اللازمة، وبدأت تُنتج في الولايات المتحدة وكندا والصين وكوريا الجنوبية، لكن تقنيتها لم تطبق عمليا في أي دولة بعد، ولا نعرف إذا كانت ستكون بالفعل طوق نجاة آمن”.