Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

أرقام صادمة عن الفساد في العالم على طاولة مؤتمر أممي بالدوحة

الدوحة – اختتمت في الدوحة أعمال الدورة الـ11 لمؤتمر الدول الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تحت شعار “تشكيل نزاهة الغد”، بمشاركة واسعة من دول العالم ومؤسساتها المعنية. ركز المؤتمر على تعزيز التعاون الدولي في مواجهة هذه الظاهرة العابرة للحدود، وتحديث آليات العمل المشترك لمواكبة التحديات المتزايدة، بما في ذلك الجرائم المالية المعقدة والتقنيات الرقمية الحديثة.

افتتح المؤتمر الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية القطري، واستمر لمدة خمسة أيام، جمع خلالها أكثر من 2500 مشارك من رؤساء دول ووزراء ومسؤولي أجهزة إنفاذ القانون وهيئات النزاهة، بالإضافة إلى خبراء وممثلي منظمات دولية وإقليمية. وتأتي هذه الدورة في ظل تزايد المخاوف العالمية بشأن تأثيرات الفساد على التنمية المستدامة والأمن والاستقرار.

أهمية مكافحة الفساد وتحديات العصر

تعتبر مكافحة الفساد ضرورة ملحة لتحقيق التنمية المستدامة، حيث تشير تقديرات أممية إلى أن الحد من الفساد قد يرفع الإيرادات الضريبية عالمياً بنحو تريليون دولار. ومع ذلك، لا يزال واحد من كل خمسة أشخاص حول العالم يتعرض لطلب رشوة عند تعامله مع مسؤولين عموميين، مما يؤكد الحاجة إلى جهود متواصلة ومضاعفة.

أكد المشاركون في المؤتمر أن الفساد لم يعد مجرد مشكلة قانونية أو إجرائية، بل أصبح يشكل تهديداً وجودياً للمجتمعات، ويقوض الثقة في المؤسسات الحكومية، ويعيق النمو الاقتصادي، ويزيد من الفوارق الاجتماعية. كما شددوا على أهمية معالجة الأسباب الجذرية للفساد، وتعزيز الشفافية والمساءلة، وتمكين المجتمع المدني من لعب دور فعال في الرقابة والمحاسبة.

استرداد الأصول وتعزيز التعاون الدولي

خصص المؤتمر جزءاً كبيراً من مناقشاته لقضية استرداد الأصول المسروقة نتيجة للفساد، والتي تمثل تحدياً كبيراً للدول النامية. تم التأكيد على أهمية تبسيط الإجراءات القانونية المتعلقة باسترداد الأصول، وتعزيز التعاون بين الدول في هذا المجال، وتوفير المساعدة التقنية للدول التي تحتاج إليها.

وشهد المؤتمر إطلاق مبادرات جديدة لتعزيز التعاون الدولي في مكافحة الفساد، بما في ذلك إنشاء شبكة عالمية للمدعين العامين المتخصصين في قضايا الفساد، وتطوير أدوات جديدة للكشف عن التحويلات المالية غير المشروعة. كما تم الاتفاق على أهمية توحيد المعايير الدولية لمكافحة الفساد، وتجريم جميع أشكال الفساد، بما في ذلك الرشوة والاختلاس واستغلال النفوذ.

دور التكنولوجيا في مكافحة الفساد

ناقش المؤتمر الدور المتزايد للتكنولوجيا في مكافحة الفساد، حيث يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي وتحليل البيانات الضخمة للكشف عن الأنماط المشبوهة في المعاملات المالية، وتحديد المخاطر المحتملة. ومع ذلك، حذر المشاركون من أن التكنولوجيا يمكن أن تستخدم أيضاً في تسهيل الفساد، من خلال إخفاء الأدلة وتشفير البيانات.

لذلك، أكدوا على أهمية وضع أطر تنظيمية مناسبة لاستخدام التكنولوجيا في مكافحة الفساد، وتوفير التدريب اللازم للموظفين الحكوميين، وتعزيز التعاون بين القطاعين العام والخاص في هذا المجال. كما شددوا على أهمية حماية المبلغين عن الفساد، وتوفير بيئة آمنة لهم للإبلاغ عن المخالفات.

مخرجات المؤتمر والخطوات المستقبلية

اختتم المؤتمر باعتماد 11 مشروع قرار، تتضمن توصيات بشأن تعزيز تنفيذ اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، وتطوير آليات جديدة للوقاية من الفساد ومكافحته، وتعزيز التعاون الدولي في استرداد الأصول. كما تضمنت القرارات توصيات بشأن دور القطاع الخاص والمجتمع المدني في مكافحة الفساد، وأهمية إشراك الشباب في بناء منظومات النزاهة المستقبلية.

من المتوقع أن تبدأ الدول الأعضاء في تنفيذ هذه القرارات على الفور، من خلال تعديل قوانينها ولوائحها، وتطوير برامج تدريبية للموظفين الحكوميين، وتعزيز التعاون مع المنظمات الدولية والإقليمية. وسيتم متابعة تنفيذ هذه القرارات من قبل هيئة الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، التي ستقدم تقريراً عن التقدم المحرز في الدورة القادمة للمؤتمر، المقرر عقدها في عام 2028. يبقى التحدي الأكبر هو ترجمة هذه الالتزامات إلى إجراءات ملموسة على أرض الواقع، وتحقيق نتائج حقيقية في مكافحة هذه الآفة التي تهدد مستقبلنا جميعاً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى