Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

أسباب التوتر بين جورجيا وأوروبا وعلاقة روسيا بذلك

موسكو – في خطوة تزيد من التوتر في العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وتعمق الأزمة السياسية الداخلية، أعلنت السلطات الجورجية عن قرار يقضي بعدم السماح لمواطنيها بالتصويت في الانتخابات من الخارج. هذا القرار، الذي يثير جدلاً واسعاً، يأتي بعد فترة من الاتهامات المتبادلة بين تبليسي وبروكسل، ويُشكل منعطفاً حاداً في مسار العلاقات الجورجية الأوروبية.

وقال رئيس البرلمان الجورجي شالفا بابواشفيليا إن هذا الإجراء يهدف إلى حماية الناخبين من ضغوط خارجية محتملة، مؤكداً أن الانتخابات البرلمانية الأخيرة أظهرت مدى تأثير الحملات الإعلامية والسياسية على أصوات المواطنين. وأوضح أن الحكومة ترى أن ممارسة الحق في التصويت يجب أن تتم داخل الأراضي الجورجية، في أماكن تسجيل الناخبين، لضمان نزاهة العملية الانتخابية.

ازدواجية التوجه في السياسة الجورجية

تأتي هذه الخطوة في سياق اتهامات موجهة إلى تبليسي بممارسة سياسة مزدوجة، حيث يسعى البعض إلى تحقيق توازن بين التقارب مع الغرب والحفاظ على علاقات جيدة مع موسكو. ويتجلى ذلك في قرارات حكومية أثارت استياء الاتحاد الأوروبي، مثل تعليق عمل مكتب مكافحة الفساد الذي أنشئ بتوصية من الاتحاد، ونقل مهامه إلى ديوان المحاسبة.

الأزمة بين جورجيا والاتحاد الأوروبي تصاعدت بعد الانتخابات البرلمانية، والتي أعقبتها انتقادات من بروكسل لتقويض الديمقراطية وتجاهل توصيات الاتحاد. وقد أدت هذه الانتقادات إلى تعليق مفاوضات الانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، وهو ما يُنظر إليه على أنه ضربة قوية لطموحات تبليسي في الاندماج الأوروبي.

في ديسمبر 2023، حصلت جورجيا على صفة مرشح للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، لكن بروكسل اتهمت جورجيا الشهر الماضي بـ “تراجع ديمقراطي خطير”، معتبرةً أنها دولة مرشحة “اسمياً فقط”. وتضع هذه التطورات مستقبل العلاقات بين جورجيا والاتحاد الأوروبي على المحك.

التداعيات الجيوسياسية للقرار

تعتبر جورجيا نقطة التقاء استراتيجية بين روسيا والغرب، مما يجعلها منطقة ذات أهمية جيوسياسية كبيرة. ويواجه البلد تحديات معقدة في موازنة مصالحه بين هذين القطبين. ويرى محللون أن قرار منع التصويت في الخارج قد يعكس رغبة الحكومة الجورجية في التأكيد على سيادتها واستقلاليتها في مواجهة الضغوط الخارجية.

وعلى الصعيد الداخلي، أثار القرار موجة من الاحتجاجات والمظاهرات الحاشدة في تبليسي، حيث ندد المعارضون بالخطوة باعتبارها تقويضاً للديمقراطية وحقوق المواطنين. كما أعربت بعض المنظمات غير الحكومية عن قلقها بشأن تأثير القرار على مشاركة الجاليات الجورجية في الخارج في الحياة السياسية للبلاد.

بالإضافة إلى ذلك، يثير القرار تساؤلات حول التزام جورجيا بالمعايير الديمقراطية التي يشترطها الاتحاد الأوروبي لمنح صفة العضوية. وقد يؤدي ذلك إلى مزيد من التوتر في العلاقات مع بروكسل، وتقويض فرص انضمام جورجيا إلى الاتحاد في المستقبل القريب، وتعميق حالة الجمود السياسي الحالية.

سياسات تبليسي المثيرة للجدل

وفقًا لتحليلات حديثة، فإن الخلاف بين جورجيا والاتحاد الأوروبي يعود إلى عام 2022، بعد اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية وتداعياتها على الأمن الإقليمي. فقد ضغط الاتحاد الأوروبي على تبليسي للانضمام إلى نظام العقوبات المفروضة على روسيا، وهو ما قوبل بمقاومة من الحكومة الجورجية التي تسعى للحفاظ على علاقات اقتصادية مع موسكو.

ويرى خبراء أن الاتحاد الأوروبي ارتكب خطأً في عدم تقديم عرض واضح بشأن انضمام جورجيا في عام 2022، والاكتفاء بالضغط على تبليسي بشأن العقوبات. وقد أدى ذلك إلى شعور بالإحباط والاستياء في الأوساط السياسية والشعبية الجورجية، وتراجع الدعم للاندماج الأوروبي.

وخلافاً لمواقف أرمينيا ومالطا، اللتين تطبقان قيوداً مماثلة على التصويت من الخارج، تكمن المسألة في السياق السياسي المختلف لجورجيا وأهميتة الإستراتيجية بالنسبة للاتحاد الأوروبي، بالإضافة إلى المخاوف من تدهور المناخ الديمقراطي.

من المتوقع أن يشهد الأشهر القادمة مزيداً من التصعيد في الأزمة بين جورجيا والاتحاد الأوروبي، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسيةในปี 2026. ويعتمد مستقبل العلاقات الثنائية بشكل كبير على قدرة الطرفين على إيجاد حلول وسط تلبي مصالحهم المتبادلة، وتجنب المزيد من الاستفزازات المتبادلة. ويجب مراقبة التطورات الداخلية في جورجيا، بالإضافة إلى حركة الدعم الشعبي للاندماج الأوروبي، لتحديد المسار الذي ستسلكه البلاد في المستقبل القريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى