حققت القوات المسلحة البريطانية تقدماً مهماً في مجال الدفاع الجوي، حيث نجحت في إسقاط طائرة مسيرة عالية السرعة باستخدام نظام الليزر الجديد “دراغون فاير” (DragonFire). وقد أثار هذا الإنجاز اهتمامًا واسعًا، مع تساؤلات حول فعالية هذا النظام في سيناريوهات القتال الحقيقية وتكلفته مقارنة بالأنظمة التقليدية.
يأتي هذا النجاح في إطار سعي المملكة المتحدة لتطوير قدراتها في مواجهة التهديدات الجوية المتزايدة، خاصةً من الطائرات المسيرة. وقد تم إجراء الاختبارات في منشأة عسكرية في اسكتلندا، ووثقت البحرية البريطانية الحدث بنشر مقطع فيديو على حسابها الرسمي.
نظام “دراغون فاير” للدفاع الجوي: تطور تكنولوجي هام
بدأ تطوير نظام “دراغون فاير” قبل ثماني سنوات، وهو نظام ليزر عالي الطاقة مصمم بالكامل في المملكة المتحدة. يعتبر هذا النظام قفزة نوعية في تكنولوجيا الدفاع الجوي البريطانية، بحسب وزارة الدفاع، نظراً لقدرته على تتبع وتدمير الأهداف بسرعة ودقة عالية.
وذكرت وزارة الدفاع البريطانية أن النظام تمكن من إسقاط طائرات مسيرة كبيرة الحجم تتحرك بسرعة تصل إلى 650 كيلومترًا في الساعة. يتميز النظام بدقة فائقة، قادرة على إصابة أهداف صغيرة على مسافات طويلة.
مزايا اقتصادية وتقنية
تكمن إحدى الميزات الرئيسية لنظام “دراغون فاير” في تكلفته المنخفضة نسبيًا. فطلقة الليزر الواحدة تكلف حوالي 12 دولارًا أمريكيًا فقط، وهو ما يمثل جزءًا صغيرًا جدًا من تكلفة الصواريخ الاعتراضية التقليدية مثل “Aster 30” التي قد تصل إلى مليوني دولار أو أكثر. وهذا يجعل نظام الليزر خيارًا اقتصاديًا جذابًا للدفاع الجوي، خاصةً في مواجهة أعداد كبيرة من المسيرات.
يُضاف إلى ذلك، أن الدقة العالية للنظام تقلل من احتمالية الأضرار الجانبية، مما يجعله مناسبًا للاستخدام في المناطق الحضرية أو بالقرب من البنية التحتية الحيوية. يمثل نظام الليزر أيضاً تقليلاً في الاعتماد على الذخائر التقليدية، وبالتالي تحسين الاستدامة اللوجستية.
ردود الفعل والتساؤلات
أثار إعلان النجاح ردود فعل متباينة على وسائل التواصل الاجتماعي. فقد أشاد البعض بقدرات النظام وإمكاناته المستقبلية، واعتبروه وسيلة دفاع فعالة منخفضة التكلفة. بينما عبر آخرون عن شكوكهم حول جدوى التطبيق العملي للنظام وقدرته على الصمود في مواجهة هجمات مكثفة.
تساءل البعض عن قدرة النظام على التعامل مع أعداد كبيرة جدًا من الطائرات المسيرة في وقت واحد، وهو سيناريو شائع في الحروب الحديثة. أُثيرت مخاوف بشأن قدرة النظام على الاستمرار في العمل لفترات طويلة دون توقف، أو التعرض للتلف بسبب الهجمات المضادة.
إلى جانب ذلك، اقترح البعض توسيع نطاق استخدام النظام ليشمل أهدافًا أخرى، مثل القوارب الصغيرة والصواريخ الباليستية القصيرة المدى. الاهتمام المتزايد بتقنيات مكافحة الطائرات بدون طيار (المسيرات) يعكس التهديد المتزايد الذي تشكله هذه الأسلحة في ساحات المعارك الحديثة، وكذلك حماية الأصول المدنية.
العقود والاستثمارات المستقبلية
استنادًا إلى نتائج الاختبارات الناجحة، منحت وزارة الدفاع البريطانية شركة MBDA عقدًا بقيمة 414 مليون دولار أمريكي لإنتاج وتسليم نظام “دراغون فاير”. سيتم تجهيز مدمرتين بريطانيتين من طراز Type 45 بالنظام، وذلك بهدف تعزيز القدرات الدفاعية البحرية لمواجهة التهديدات الجوية المتزايدة.
صرح وزير جاهزية الدفاع البريطاني لوك بولارد بأن نظام الليزر عالي الطاقة سيوفر للبحرية الملكية قدرة متقدمة، ويضعها في طليعة الابتكار داخل حلف الناتو. وسيعزز هذا النظام من دفاع المملكة المتحدة وحلفائها.
من المتوقع أن تبدأ عملية تجهيز المدمرات بنظام “دراغون فاير” في أقرب وقت ممكن، مع الانتهاء من التجهيز بنهاية عام 2026. سيراقب الخبراء العسكريون عن كثب أداء النظام في الظروف القتالية الفعلية، وتقييم مدى فعاليته في التعامل مع التهديدات المتنوعة. يتوقع أيضًا إجراء المزيد من الدراسات حول إمكانية دمج هذه التقنية مع أنظمة دفاعية أخرى.
