“أطباء بلا حدود”: أطفال غزة يموتون من البرد القارس ويجب تكثيف الإغاثة

حذرت منظمة أطباء بلا حدود من تدهور حاد في الوضع الصحي لأطفال قطاع غزة، مع ارتفاع خطر الوفاة بسبب البرد القارس وتداعيات الظروف المعيشية الصعبة. يأتي هذا التحذير في ظل استمرار الأزمة الإنسانية وتزايد حدة المنخفضات الجوية التي تضرب المنطقة. وقد سجلت المنظمة بالفعل حالة وفاة لطفل رضيع بسبب انخفاض حاد في درجة حرارة الجسم، مما يزيد من المخاوف بشأن سلامة الأطفال في فصل الشتاء.
وقالت المنظمة في بيان لها اليوم، إن الطفل الرضيع، البالغ من العمر 29 يومًا، توفي في مستشفى ناصر جنوب غزة بعد نقله بوقت قصير إلى وحدة العناية بالأطفال التابعة لأطباء بلا حدود. وتناشد المنظمة جميع الأطراف السماح بإدخال كميات كافية من المساعدات الإنسانية العاجلة لإنقاذ حياة المدنيين، وخاصة الأطفال وكبار السن، المتضررين من الأحوال الجوية السيئة.
خطر متزايد على صحة الأطفال في قطاع غزة
لم يعد نقص الموارد الطبية والوقود في قطاع غزة مجرد تحدٍ، بل أصبح تهديدًا مباشرًا لحياة الأطفال. فبالإضافة إلى الإصابات والجروح الناتجة عن الأحداث الجارية، فإن ارتفاع معدلات التهابات الجهاز التنفسي بسبب البرد والرطوبة يضع ضغوطًا هائلة على النظام الصحي المنهك. وتشير التقديرات إلى أن مئات الآلاف من الفلسطينيين يعيشون الآن في ظروف غير مناسبة، بما في ذلك الخيام المتضررة التي تتسرب منها المياه في ظل الأمطار الغزيرة.
تدهور الظروف المعيشية وتأثيرها على الصحة
أدى القتال المستمر والنزوح الجماعي إلى تدهور كبير في الظروف المعيشية في غزة. يعاني النازحون من نقص حاد في الغذاء والمياه النظيفة والمأوى المناسب، مما يزيد من قابليتهم للإصابة بالأمراض. يتفاقم الوضع أيضًا بسبب نقص الوقود اللازم لتشغيل المستشفيات ومحطات تحلية المياه وأنظمة التدفئة.
أكدت أطباء بلا حدود تسجيل ارتفاع ملحوظ في حالات التهابات الجهاز التنفسي، وخاصة بين الأطفال دون سن الخامسة. وتشعر المنظمة بالقلق من أن هذا العدد قد يرتفع بشكل كبير مع استمرار الطقس البارد والأمطار الغزيرة. وبحسب تقارير المنظمة، فإن العديد من العائلات غير قادرة على توفير الملابس الدافئة أو التدفئة المناسبة لأطفالها.
يأتي هذا التحذير في وقت يشهد فيه الوضع الإنساني في غزة تدهورًا مطردًا. وقد دعت العديد من المنظمات الدولية إلى وقف فوري لإطلاق النار والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود. ومع ذلك، لا يزال هناك نقص حاد في المساعدات، مما يهدد حياة الملايين من الفلسطينيين.
وتواجه المستشفيات في غزة صعوبات جمة في توفير الرعاية اللازمة للمرضى. فقد أدت نقص الأدوية والمعدات الطبية والإمدادات الأساسية إلى تقليص الخدمات المقدمة. بالإضافة إلى ذلك، فإن انقطاع التيار الكهربائي المستمر يعيق عمل المستشفيات ويضع حياة المرضى في خطر. وتلفت المنظمة إلى أهمية توفير مولدات كهربائية ووقود إضافي للمستشفيات لضمان استمرار عملها.
من جهة أخرى، ذكرت وزارة الصحة الفلسطينية أن المستشفيات الحالية تعمل بأقل من طاقتها الاستيعابية بكثير، وأن هناك نقصًا حادًا في الأسرّة والموظفين الطبيين. وفي ظل هذه الظروف، يصبح من الصعب بشكل متزايد تقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى، وخاصة الأطفال. ويساهم ذلك في ارتفاع معدلات المراضة والوفيات.
المنخفضات الجوية التي تشهدها المنطقة تزيد الطين بلة. فمع هطول الأمطار الغزيرة والعواصف الشديدة، تتعرض الخيام والمنازل المتضررة لخطر الانهيار. كما أن تراكم المياه يزيد من انتشار الأمراض المعدية، مثل الكوليرا والدوسنتاريا. وتدعو المنظمة إلى توفير مأوى آمن وجاف للنازحين، بالإضافة إلى توفير المياه النظيفة والصرف الصحي.
بالإضافة إلى التحديات الصحية المباشرة، فإن الوضع الإنساني في غزة يؤثر سلبًا على الصحة النفسية للأطفال. فالعديد من الأطفال يعانون من الصدمات النفسية والخوف والقلق بسبب الأحداث الجارية. وتشعر المنظمة بالقلق من أن هذه الصدمات قد تكون لها آثار طويلة الأمد على صحة الأطفال النفسية.
وتؤكد أطباء بلا حدود على أن الوضع في غزة يتطلب استجابة إنسانية عاجلة ومستدامة. ويجب على جميع الأطراف الالتزام بالقانون الإنساني الدولي والسماح بدخول المساعدات الإنسانية دون قيود. كما يجب بذل جهود مكثفة لإعادة بناء البنية التحتية المتضررة وتوفير الخدمات الأساسية للسكان. تداعيات الشتاء قد تكون وخيمة إذا لم يتم اتخاذ الإجراءات اللازمة.
من المتوقع أن تستمر المنخفضات الجوية في ضرب غزة خلال الأسابيع القادمة. وإذا لم يتم السماح بدخول كميات كافية من المساعدات الإنسانية، فمن المرجح أن يتدهور الوضع الصحي في غزة بشكل كبير. وستواصل أطباء بلا حدود العمل في غزة لتقديم الرعاية الصحية اللازمة للمرضى، ولكنها تحتاج إلى دعم إضافي من المجتمع الدولي لتمكينها من القيام بذلك بفعالية. ما سيحدث بالضبط يعتمد بشكل كبير على تطورات الوضع الميداني واستجابة المجتمع الدولي.
وسيتم تقييم الوضع بشكل مستمر من قبل المنظمات الأممية والإقليمية لتقديم الدعم اللازم. من الضروري متابعة تطورات المساعدات الإنسانية وتقديمها بشكل فعال للوصول إلى المحتاجين في الوقت المناسب.





