Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

أطفال الأوسكار.. نجاحات مضيئة وانكسارات حياتية صامتة

كانوا صغارا لكنهم حملوا على أكتافهم وهج الأضواء وثقل الحلم؛ أطفال الأوسكار الذين دخلوا شاشة السينما كما يدخل العطر نسيم الصباح، مبهورين بالتصفيق ومدهوشين بالسحر. مضت السنوات، وتشعبت الحكايات، منهم من ظل يركض في دروب المجد، يلمع اسمه كنجمة لا تنطفئ، ومنهم من تعثّر تحت ثقل التجربة أو انحنى أمام رياح الحياة، فتراجع خطوة أو ابتعد عن الخشبة. وهناك من واصل السير، لكن من دون أن يبلغ القمم التي عرفها في البدايات.

نفتح هنا دفاترهم، لنقرأ فصول التحول والدهشة والانكسار، ونصغي إلى الإيقاع الإنساني الذي شكّل ملامح مسيرتهم.

لعل تجربة الطفل الأشهر ماكولي كلكين تعد مثالا حيا على تلك التحولات الدرامية في حياة أطفال النجومية، رغم عدم فوزه بالأوسكار. فبعد أن أسعد الملايين بدوره في فيلم “وحدي في المنزل” Home Alone) 1990)، واجه تدهورا نفسيا واجتماعيا نتيجة الشهرة المفاجئة والضغط النفسي، مما أدى إلى توقفه عن التمثيل فترات طويلة وابتعاده عن الأضواء، قبل أن يحاول العودة مرة أخرى في مسار فني مختلف.

بعد إسعاد الملايين بدوره في فيلم “وحدي في المنزل” واجه ماكولي كلكين تدهورا نفسيا نتيجة الشهرة (غيتي)

وفي المقابل، فإن نموذجا مثل جودي فوستر التي لمعت في التاسعة من عمرها ورشحت للأوسكار، استطاعت أن تستمر في طريق الأضواء، في حين تعثر بعض هؤلاء وبهتت موهبتهم، كأنها ارتبطت فقط ببراءة الطفولة.

أوسكار في العاشرة

تعد تاتوم أونيل ممثلة ومؤلفة أميركية من أصغر الفائزين بجائزة أوسكار، فقد نالت جائزة أوسكار أفضل ممثلة مساعدة في سن العاشرة عن دور آدي لوغينز في فيلم “قمر ورقي” (Paper Moon) عام 1973. الفيلم، الذي شارك في بطولته والدها رايان أونيل، أطلقها نحو النجومية فورا، وجعلها من أبرز ممثلات الأطفال في عصرها.

بعد نجاحها المبكر، واصلت أونيل التمثيل في أفلام مثل “دببة الأخبار السيئة” 1976(Bad News Bears) و”المخمل الدولي”1978 (International Velvet)، إلا أن حياتها المهنية والشخصية غالبا ما طغت عليها طفولة مضطربة، وحياة عائلية اتسمت بالشهرة، ومعاناتها مع الإدمان، وسلطت وسائل الإعلام الضوء على علاقاتها بوالدها وزوجها السابق نجم التنس جون ماكنرو.

في العقد الأول من القرن 21، بدأت أونيل الكتابة بصراحة عن حياتها. فمذكراتها “حياة من ورق” (A Life of Paper)، المنشورة عام 2004، تناولت بالتفصيل طفولتها وعلاقتها المتوترة مع والدها، وأثارت جدلا واسعا. ومنذ ذلك الحين، ظهرت في أدوار تلفزيونية متنوعة، وكانت مدافعة عن التعافي من الإدمان، وشاركت رحلتها مع الجمهور. ولا يزال إرثها قصة معقدة لنجمة طفلة حققت نجاحا باهرا في بداياتها، لكنها واجهت تحديات شخصية عميقة في نظر الجمهور.

LOS ANGELES, CALIFORNIA - FEBRUARY 13: Tatiana Maslany at the Los Angeles Premiere of Neon's "The Monkey" at Immanuel Presbyterian Church on February 13, 2025 in Los Angeles, California. (Photo by Stewart Cook/Neon via Getty Images)
تاتيانا ماسلاني في العرض الأول لفيلم “The Monkey” (غيتي)

واشتهرت آنا باكين، الممثلة النيوزيلندية من أصل كندي، عالميا في 11 من عمرها فقط، إذ فازت بجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عن أدائها المؤثر لشخصية فلورا ماكغراث في فيلم “البيانو” (The Piano) عام 1993. مما جعلها هذا الفوز ثاني أصغر فائزة بجائزة الأوسكار في التاريخ، لتنطلق في مسيرة فنية امتدت عقودا في السينما والتلفزيون والمسرح.

قدمت باكين مجموعة متنوعة من الأدوار الناجحة في أفلام مثل “الطيران بعيدا عن المنزل” 1996 (Fly Away Home) و”مشهورة تقريبا” 2000 (Almost Famous)، حيث أظهرت براعة ميزتها عن أقرانها من نجوم الأطفال. ولعل الأشهر لدى الجمهور المعاصر دورها الرئيسي في دور النادلة سوكي ستاكهاوس في مسلسل “دماء حقيقية” (True Blood)، ونالت عنه جائزة غولدن غلوب لأفضل ممثلة في مسلسل درامي عام 2009، ولا تزال آنا باكين تجمع بين التمثيل والإنتاج حتى الآن.

كانت أبريل كينيدي زميلة آنا باكين في مسلسل “الدم الحقيقي” هي أيضا ممثلة، لكن مسارها المهني كان مختلفا تماما. وتشتهر كينيدي في المقام الأول بأعمالها على المسرح وفي الأفلام المستقلة، مع تركيز خاص على أدوار الشخصيات التي تتعمق في حالات نفسية معقدة.

واكتسبت شهرة واسعة لأدائها في مسرحية “الغرفة الهادئة” (The Quiet Room)، فقد نالت إشادة النقاد لتجسيدها المكثف والدقيق لامرأة تعاني من فقدان الذاكرة. ورغم أنها لا تحظى بشهرة عالمية واسعة كنظيرتها في “الدم الحقيقي”، فإن كينيدي بنت سمعة طيبة كممثلة تحظى باحترام كبير في المشهد المسرحي في نيويورك. غالبا ما تستكشف أعمالها السينمائية مواضيع الهوية والذاكرة، وهي معروفة بروحها التعاونية، حيث تعمل باستمرار مع مخرجين وكتاب ناشئين.

شيرلي تيمبل.. اكتشاف متأخر

اكتشفت الممثلة والمغنية والراقصة الأميركية شيرلي تيمبل شغفها بعد نجاحها في عالم مختلف عنه تماما. كانت قد أصبحت أشهر نجمة طفلة في تاريخ السينما. وبرزت خلال فترة الكساد الكبير، وكانت ابتسامتها ذات الغمازات، وشعرها المجعد، وتفاؤلها المعدي مصدر أمل وتسلية للملايين.

ولعبت دور البطولة في أكثر من 40 فيلما بين عامي 1934 و1940، منها أفلام شهيرة مثل “عيون مشرقة” و”العقيد الصغير” و”القمة المجعدة”. ولا تزال أغنيتها المميزة “على متن السفينة الصالحة” جزءا لا يتجزأ من ثقافة البوب. وبعد أن حصلت على جائزة الأوسكار الخاصة بالأطفال عام 1935 لإسهامها المتميز كممثلة شابة تراجعت.

اعتزلت شيرلي تيمبل التمثيل السينمائي في سن 22. وفي فصل ثان مميز، انطلقت في مسيرة مهنية في الخدمة العامة والدبلوماسية. وتحت اسم شيرلي تمبل بلاك أصبحت شخصية سياسية جمهورية بارزة، وشغلت منصب سفيرة الولايات المتحدة لدى غانا وتشيكوسلوفاكيا، ورئيسة المراسم في الولايات المتحدة. قصة حياتها قصة فريدة لطفلة نابغة نجحت في تحويل شهرتها إلى إرث من العمل السياسي والإنساني.

بدأت تاتيانا ماسلاني التمثيل في المسرح المحلي والإنتاج التلفزيوني خلال طفولتها، وقد وفّر لها عملها المبكر في المسلسلات التلفزيونية والأفلام الكندية تجربة أساسية، ودفعتها مسيرتها التمثيلية بعد الطفولة إلى دائرة الضوء العالمية.

وجاءت انطلاقة ماسلاني مع مسلسل الخيال العلمي “أورفان بلاك” 2013-2017 (Orphan Black) الذي نال استحسان النقاد. وفي عرض رائع لتنوعها جسّدت شخصيات متعددة ومتميزة، لكل منها سلوك ولهجات فريدة ومشاهد عاطفية مميزة. بهذا الأداء المتميز نالت جائزة إيمي برايم تايم لأفضل ممثلة رئيسية في مسلسل درامي عام 2016، معززا سمعتها كواحدة من أكثر الممثلات موهبة في جيلها. وانضمت ماسلاني لاحقا إلى عالم مارفل السينمائي بدور البطولة في فيلم “شي-هالك: حامية” (She-Hulk: Attorney).

مواجهة الوحوش

رشحت جودي فوستر لجائزة الأوسكار في سن 14 عن دورها في “سائق التاكسي” (Taxi Driver)، لكنها لم تفز بجائزة الأوسكار، واستمرت في مسيرتها ممثلة ومخرجة، وحققت نجاحا كبيرا.

LOS ANGELES, CALIFORNIA - DECEMBER 05: Jodie Foster attends ELLE's Women in Hollywood Celebration at Nya Studios on December 05, 2023 in Los Angeles, California. (Photo by Robin L Marshall/WireImage)
جودي فوستر رشحت لجائزة الأوسكار في سن 14 لكنها لم تفز بجائزة الأوسكار واستمرت في مسيرتها ممثلة ومخرجة (غيتي)

أما هايدي جيه غولدفينغ فقد رشحت لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة مساعدة عن دورها في فيلم “الشجاعة الحقيقية” 2010 (True Grit) في عمر 13 سنة، ولم تفز بالجائزة لكنها استمرت في مسيرة فنية متكاملة تجمع بين التمثيل والغناء.

وتركت الممثلة الأميركية كوفينزاني واليس بصمة لا تُمحى في تاريخ السينما بأدائها المذهل في أول ظهور لها. ففي السادسة من عمرها فقط اختيرت لدور البطولة في فيلم “وحوش البرية الجنوبية” (Beasts of the Southern Wild) عام 2012، وهو لفتاة صغيرة تخوض غمار عالم خيالي زاخر بالتحديات، لما اتسمت به من مشاعر عفوية ونضج عميق.

أدى هذا الأداء المتميز إلى إنجاز تاريخي، حيث أصبحت واليس في التاسعة من عمرها أصغر ممثلة تُرشح لجائزة الأوسكار لأفضل ممثلة على الإطلاق، ورسّخت هذه اللحظة الرائدة مكانتها كموهبة فنية بارزة، وواحدة من أشهر الممثلات الشابات في جيلها.

واصلت واليس مسيرتها الفنية في فيلم “آني” المقتبس عن المسرحية الموسيقية الكلاسيكية عام 2014، حيث أظهرت مهاراتها في الغناء والرقص في الدور الرئيسي. واصلت منذ ذلك الحين مسيرتها المهنية في السينما والتلفزيون، بما في ذلك أداء الأصوات والظهور في أعمال مثل المسلسل الدرامي “سكر” (Sugar).

وإلى جانب التمثيل، أصبحت أيضا مؤلفة لكتب الأطفال، وتشهد مسيرتها المهنية على موهبتها الفذة التي أسرت قلوب الجماهير والنقاد منذ ظهورها الأول على الشاشة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى