Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
سياسة

أفريقيا في أجندة ترامب في 2025: الأمن أولا، تجارة بلا شروط ووقف المساعدات

لم يكن كثيرون يتوقعون أن تحظى أفريقيا بمكانة بارزة في أجندة الرئيس الأميركي دونالد ترامب خلال ولايته الثانية. لكن عام 2025 سرعان ما كشف أن القارة السمراء أصبحت في صلب الحسابات الدبلوماسية لواشنطن، بين دول وجدت نفسها شريكا محتملا وأخرى تحت ضغط متزايد من السياسات الأميركية. وتُظهر التطورات الأخيرة تحولاً ملحوظاً في استراتيجية الولايات المتحدة تجاه أفريقيا، مع التركيز بشكل متزايد على الأمن والتجارة، مما أثار تساؤلات حول مستقبل العلاقات الأمريكية الأفريقية.

منذ الأيام الأولى لولايته الثانية، أعاد ترامب التأكيد على مقاربته الأمنية تجاه أفريقيا، بضربات جوية في الصومال استهدفت قيادات من تنظيم الدولة الإسلامية وحركة الشباب. وقد أثارت هذه التحركات، بالإضافة إلى قيود الهجرة المفروضة على بعض الدول الأفريقية، جدلاً واسعاً حول دوافع الإدارة الأميركية وأهدافها طويلة الأجل في القارة.

عودة عسكرية مفاجئة وتأثيرها على أفريقيا

شكّلت العودة العسكرية إلى الصومال تناقضا صارخا مع وعود ترامب السابقة بإنهاء التدخلات الخارجية، وأعادت القارة إلى واجهة إستراتيجية مكافحة الإرهاب الأميركية. وتأتي هذه الضربات في سياق تزايد المخاوف بشأن صعود الجماعات المتطرفة في منطقة الساحل، والتي تهدد الاستقرار الإقليمي والمصالح الغربية.

وفي الوقت نفسه، فرضت الإدارة قيودا جديدة على دخول مواطني 12 دولة، منها سبع أفريقية، في حين سمحت في المقابل باستقبال مجموعات محدودة من جنوب أفريقيا باعتبارهم “لاجئين”. وقد أثارت هذه المفارقة جدلا واسعا، خاصة مع تصاعد النقاش حول ما إذا كانت أفريقيا تتحول إلى “مكب بشري” للسياسات الغربية.

هجرة أفريقيا والسياسات الجديدة

تعتبر قضية الهجرة من القضايا الرئيسية التي دفعت الإدارة الأميركية إلى إعادة تقييم علاقاتها مع أفريقيا. فالقيود الجديدة على الهجرة تهدف إلى الحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين إلى الولايات المتحدة، ولكنها أثارت انتقادات من منظمات حقوق الإنسان والناشطين الأفارقة. ويرى البعض أن هذه القيود تمثل تمييزا ضد الأفارقة وتتعارض مع القيم الأميركية.

إضافة إلى ذلك، أثارت مسألة وضع اللاجئين الأفارقة في الولايات المتحدة جدلاً كبيراً. ففي حين سمحت الإدارة باستقبال مجموعات محدودة من جنوب أفريقيا، إلا أنها رفضت طلبات اللجوء من العديد من الدول الأخرى، مما أدى إلى تفاقم الأزمة الإنسانية.

من المساعدات إلى التجارة: تحول في الاستراتيجية

أحد أبرز التحولات في السياسة الأميركية تجاه أفريقيا تمثّل في قرار تفكيك الوكالة الأميركية للتنمية الدولية (USAID)، وهو ما أدى إلى تعطيل شحنات غذائية وطبية كانت متجهة إلى السودان والكونغو الديمقراطية. وبررت الإدارة هذا القرار بأنه يهدف إلى تقليل الإنفاق الحكومي وتعزيز الاعتماد على الذات في الدول الأفريقية.

لكن هذا التحول أثار مخاوف بشأن تأثيره على التنمية الاقتصادية والاجتماعية في أفريقيا. فقد اعتمدت العديد من الدول الأفريقية على المساعدات الأميركية في تمويل مشاريعها التنموية وتحسين مستوى معيشة مواطنيها. وفي هذا السياق، شددت الإدارة على أن المساعدات لم تعد محور السياسة الأميركية، مفضلة شعار “التجارة لا المساعدات”.

دبلوماسية الصفقات والرسوم الجمركية

في سياق تقليص العجز التجاري الأميركي، فرضت واشنطن رسوما جمركية واسعة على العديد من السلع المستوردة من أفريقيا، ما دفع وفودا أفريقية إلى واشنطن بحثا عن “صفقة” مع الرئيس الأميركي. وقد سعى ترامب إلى استغلال هذه الرسوم الجمركية للضغط على الدول الأفريقية لقبول شروط تجارية أكثر ملاءمة للولايات المتحدة.

وفي يوليو/تموز، استضاف ترامب في البيت الأبيض عددا من الرؤساء الأفارقة، في محاولة لإعادة صياغة العلاقات التجارية على أساس الصفقات المباشرة. وقد أثمرت هذه الجهود عن توقيع بعض الاتفاقيات التجارية، ولكنها لم تحل جميع المشاكل القائمة.

الصين.. منافس أم شريك؟

في ظل هذا المشهد، واصلت الصين تعزيز حضورها في أفريقيا، حيث بلغ حجم تجارتها مع القارة خمسة أضعاف حجم التجارة مع الولايات المتحدة. وقد قدمت الصين استثمارات ضخمة في البنية التحتية والطاقة والتعدين في أفريقيا، مما ساهم في تسريع التنمية الاقتصادية في القارة. وفي يونيو/حزيران، أعلنت بكين إعفاءات جمركية جديدة للدول الأفريقية، ما زاد من جاذبية شراكتها الاقتصادية مقارنة بالنهج الأميركي.

مستقبل العلاقات الأمريكية الأفريقية

هكذا، تحوّل عام 2025 إلى محطة مفصلية في السياسة الخارجية الأمريكية تجاه أفريقيا. فبين الضربات العسكرية، والقيود على الهجرة، والتحولات الاقتصادية، بدا أن ترامب يسعى إلى صياغة علاقة جديدة مع القارة، قائمة على الأمن والتجارة أكثر من المساعدات. ومن المتوقع أن تشهد الأشهر القادمة مزيداً من التطورات في هذا الملف، خاصة مع اقتراب الانتخابات الرئاسية الأميركية في عام 2026. وسيكون من المهم مراقبة رد فعل الدول الأفريقية على هذه التطورات، وما إذا كانت ستسعى إلى تنويع علاقاتها مع القوى العالمية الأخرى.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى