لم يكن عام 2025 عاما عاديا لأفلام الرسوم المتحركة، فقد شهدنا تحولا ملحوظا في هذا المجال، حيث تجاوزت هذه الأفلام كونها مجرد ترفيه للأطفال، لتقدم أعمالا فنية ناضجة تتناول قضايا معقدة وتثير التفكير. شهد هذا العام تنوعا كبيرا في الإنتاجات، بدءا من الأفلام الضخمة وصولا إلى الأعمال المستقلة، مع استخدام تقنيات بصرية مختلفة.
تنوعت هذه الأفلام بين الإنتاجات الضخمة والمستقلة، وبين أساليب بصرية مختلفة تمتد من الرسوم الثنائية الكلاسيكية إلى تلك المستخدم فيها الحواسيب. وقد حظيت العديد من هذه الأعمال بإشادة النقاد والجمهور على حد سواء، مما يؤكد أن الرسوم المتحركة لا تزال قوة دافعة في عالم السينما.
أبرز أفلام الرسوم المتحركة لعام 2025
شهد عام 2025 عودة قوية لأفلام الرسوم المتحركة، ليس فقط من حيث الكم، بل ومن حيث الجودة والتنوع. وقد تميزت هذه الأفلام بقدرتها على معالجة مواضيع إنسانية واجتماعية وسياسية بطرق مبتكرة ومؤثرة، مما جعلها قادرة على جذب جمهور واسع من مختلف الأعمار والخلفيات.
“إميلي الصغيرة أو شخصية المطر”: مزيج ثقافي وفني فريد
يصنع فيلم “إميلي الصغيرة أو شخصية المطر” (Little Amélie or the Character of Rain) مزيجا ثقافيا وفنيا أخّاذا، إذ يجمع بين الثقافة البلجيكية واليابانية، وفي الوقت ذاته يستخدم أسلوب رسوم متحركة ثنائية الأبعاد لم يعد دارجا في فن أفلام الرسوم المتحركة في الوقت الحالي. يعتبر هذا الفيلم تجربة سينمائية فريدة من نوعها، تجمع بين الجمال البصري والعمق الفكري.
يحكي الفيلم قصة طفلة بلجيكية تُدعى إميلي، تكبر في اليابان بعد الحرب العالمية الثانية، وتعيش عالمها عبر منظار الطفولة المليء بالفضول واكتشافات الحياة البسيطة. تبدأ رحلة الوعي الخاصة بإميلي الصغيرة عندما تتذوق قطعة شوكولاتة بلجيكية تحضرها لها جدتها القادمة من بلدها للتو، لتكتشف الحياة لأول مرة عبر رمز لأصولها، لكن علاقتها بالحياة تتوطد أكثر مع نمو علاقتها بمربيتها اليابانية “نيشو-سان”.
استخدم الفيلم أسلوب رسم مؤثرا وطفوليا يعكس نظرة إميلي المندهشة للعالم من حولها، ويمزج السرد بين الطفولة والهوية والثقافة والروابط الإنسانية بطريقة دافئة وعميقة. هذا الفيلم يتجاوز كونه مجرد فيلم عائلي عادي، ليصبح عملا فنيا يستحق المشاهدة والتقدير.
“زوتوبيا 2”: نقد اجتماعي جريء
يعود فيلم “زوتوبيا 2” (Zootopia 2) ليقدم استمرارا لقصة عالم الحيوانات المتمدينة، ولكن مع التركيز على قضايا أكثر نضجا وتعقيدا. يتناول الفيلم موضوعات مثل البيروقراطية والتهميش وإعادة كتابة التاريخ، ويطرح مقاربة جريئة في نقد المجتمع.
تدور أحداث الفيلم بعد فترة من نهاية الجزء الأول، حيث تعمل كل من الأرنبة جودي هوبس والثعلب نيك وايلد كثنائي في جهاز الشرطة بمدينة زوتوبيا. وبينما تحلم جودي بمغامرات كبرى، يجد الثنائي نفسيهما محاصرين بالمهام الروتينية، إلى أن يقودهما تحقيق إلى اكتشاف جانب خفي من تاريخ المدينة.
ترشح “زوتوبيا 2” لجائزة غولدن غلوب، ومن المتوقع منافسته الشرسة على الأوسكار العام المقبل، خصوصا وأن الفيلم يقدم رؤية جديدة ومبتكرة لعالم الرسوم المتحركة. يعد هذا الفيلم إضافة قيمة إلى سلسلة أفلام الرسوم المتحركة الناجحة.
“إيليو” و “قاتل الشياطين: قلعة اللانهاية”: تنوع في الأساليب والقصص
بالإضافة إلى “زوتوبيا 2″، شهد عام 2025 عروضًا مميزة لأفلام أخرى مثل “إيليو” (Elio)، الذي يدمج بين الخيال العلمي والدراما الإنسانية، و “قاتل الشياطين: قلعة اللانهاية” (Demon Slayer: Kimetsu no Yaiba – Infinity Castle)، وهو أنمي ياباني مقتبس من قصة مصورة ناجحة. يعكس هذا التنوع في الأساليب والقصص الإبداع المتزايد في عالم الأنيميشن.
فيلم “إيليو” يقدم قصة صداقة بين زمنين مختلفين، بينما فيلم “قاتل الشياطين” يقدم مشاهد أكشن ورسوم متحركة عالية الجودة. كلا الفيلمين حققا نجاحا كبيرا في شباك التذاكر، وحصلا على إشادة النقاد والجمهور.
أظهر “قاتل الشياطين: قلعة اللانهاية” قوة الأنمي الياباني في جذب جمهور عالمي واسع، محققًا إيرادات ضخمة وترشيحات لجوائز مرموقة.
مستقبل أفلام الرسوم المتحركة
مع استمرار التطور التكنولوجي والإبداعي، من المتوقع أن يشهد عالم أفلام الرسوم المتحركة المزيد من الابتكار والتنوع في السنوات القادمة. من المرجح أن نرى المزيد من الأفلام التي تتناول قضايا معقدة وتثير التفكير، بالإضافة إلى المزيد من التجارب البصرية والتقنيات الجديدة. من المنتظر الإعلان عن قائمة الترشيحات النهائية لجوائز الأوسكار في شهر يناير 2026، مما سيعطينا مؤشرا أوضح عن أفضل أفلام الرسوم المتحركة لهذا العام.
