حذر رئيس الوزراء الماليزي، أنور إبراهيم، من تزايد التدخلات الخارجية في السودان، مؤكداً أن هذه التدخلات تعيق بشكل كبير جهود التسوية السياسية المستدامة وتحرّض على استمرار الصراع. جاءت هذه التحذيرات خلال زيارة لإثيوبيا، حيث التقى بمسؤولين رفيعي المستوى لمناقشة الأوضاع في السودان والقضية الفلسطينية، بالإضافة إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع القارة الأفريقية.
أوضح إبراهيم، في تصريحات خاصة، أن هناك أدلة دامغة تشير إلى تورط أطراف خارجية في تأجيج الأزمة السودانية، مما يطيل أمد الحرب ويضاعف معاناة المدنيين. وأكد على أن ماليزيا تولي اهتماماً بالغاً بتطورات الوضع في السودان، داعياً جميع الأطراف إلى وقف القتال فوراً والانخراط في حوار سياسي شامل بهدف تحقيق الاستقرار.
موقف ماليزيا الحازم تجاه التدخلات في السودان
وفقاً لرئيس الوزراء الماليزي، فإن استمرار التدخلات الخارجية يعرقل أي محاولة جادة لإيجاد حل سياسي للأزمة السودانية. وأضاف أن هذه التدخلات لا تقتصر على تقديم الدعم المادي أو اللوجستي لأحد الأطراف المتنازعة، بل تتعدى ذلك إلى التأثير على مسار المفاوضات وتشكيل الرأي العام. وتدعو ماليزيا إلى دور أكبر للاتحاد الأفريقي في قيادة جهود الوساطة.
اللقاءات التشاورية في أديس أبابا
ناقش إبراهيم الملف السوداني بشكل مفصل خلال لقائه مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد ورئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي. واتفق الأطراف الثلاثة على ضرورة إعطاء الأولوية لوقف إطلاق النار وتوفير الظروف الملائمة لبدء عملية سياسية شاملة بقيادة سودانية. وأكد رئيس الوزراء الماليزي أن بلاده تقف إلى جانب الشعب السوداني في مساعيه لتحقيق السلام والاستقرار والازدهار.
تأتي هذه التحذيرات في ظل استمرار الاشتباكات المسلحة في السودان منذ منتصف أبريل 2023، والتي خلّفت آلاف القتلى والجرحى، وتسببت في أزمة إنسانية حادة. وتشير التقارير إلى أن الوضع الإنساني يتدهور بشكل مطرد، حيث يعاني الملايين من نقص الغذاء والدواء والمياه النظيفة.
الالتزام بالقضية الفلسطينية والتعاون مع أفريقيا
كما أكد رئيس الوزراء الماليزي على موقف بلاده الثابت تجاه القضية الفلسطينية، مشدداً على أن أي حل لا يضمن الحقوق الكاملة للشعب الفلسطيني لن يكون مستداماً. وأوضح أن ماليزيا تدعم إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وتدعو المجتمع الدولي إلى التحرك بشكل جاد للضغط على إسرائيل لوقف العدوان والاستيطان.
وفي سياق آخر، أعلن إبراهيم عن انطلاق مرحلة جديدة من العلاقات بين ماليزيا والقارة الأفريقية، مؤكداً أن أفريقيا تمثل أولوية متقدمة في السياسة الخارجية الماليزية. وأشار إلى أن زيارته الحالية لإثيوبيا، والتي ستتبعها زيارات لجنوب أفريقيا وكينيا، تهدف إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين ماليزيا ودول القارة. واتفق مع آبي أحمد على تعزيز الشراكة في مجالات التكنولوجيا والرقمنة.
ذكرت وكالة الأنباء الماليزية أن التعاون الاقتصادي بين البلدين سيركز على قطاعات مثل الزراعة والتصنيع والطاقة المتجددة، إضافةً إلى تبادل الخبرات في مجال التنمية المستدامة. ويشمل ذلك دعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وتمكين الشباب، وتعزيز الابتكار.
من المتوقع أن تستمر ماليزيا في لعب دور فعال في جهود حل الأزمات الإقليمية والدولية، وتعزيز التعاون مع الدول النامية، وخاصة في القارة الأفريقية. وستشهد الأشهر القادمة مزيداً من التشاور والتنسيق بين ماليزيا والاتحاد الأفريقي والجهات المعنية الأخرى بهدف إيجاد حلول مستدامة للأزمات القائمة، وتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة. من المقرر أن يقدم الاتحاد الأفريقي تقريراً مفصلاً عن الوضع في السودان إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة في ديسمبر القادم.
