Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

أوروبا تسارع لتهدئة شركات الأدوية إثر ضغوط ترامب وتفوق الصين

تواجه شركات الأدوية العالمية ضغوطًا متزايدة على الحكومات الأوروبية لزيادة الإنفاق على منتجاتها، وذلك في ظل تهديدات أمريكية بفرض رسوم جمركية باهظة. يأتي هذا التطور بعد شكاوى أوروبية من ضعف الاستثمار في قطاع الأدوية، مما يثير تساؤلات حول مستقبل صناعة الدواء في القارة. وتعتبر هذه القضية ذات أهمية خاصة في ظل المنافسة الشديدة مع الولايات المتحدة والصين.

بدأت الحكومات الأوروبية في الاستجابة لهذه الضغوط، حيث سعت إلى إبرام اتفاقيات تهدف إلى زيادة الإنفاق على الأدوية. ففي بريطانيا، تم التوصل إلى اتفاق يسمح بزيادة الإنفاق مقابل تخفيضات في الأسعار، بينما وافق الاتحاد الأوروبي وسويسرا على سقف أقصى لزيادة الإنفاق يبلغ 15%. يبقى السؤال المطروح هو ما إذا كانت هذه الإجراءات ستكون كافية لتهدئة التوترات مع الولايات المتحدة وجذب المزيد من الاستثمارات.

الوضع الحالي لإنفاق أوروبا على الأدوية

تعتبر قضية تسعير الأدوية وإنفاق الحكومات عليها من القضايا الشائكة التي لطالما أثارت جدلاً واسعًا. وتتهم الولايات المتحدة الدول الأوروبية بالاستفادة المجانية من الأبحاث والتطوير التي تقوم بها الشركات الأمريكية، مطالبةً بتعديل سياسات التسعير لتكون أكثر تكافؤًا. هذا الأمر دفع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب للتهديد بفرض رسوم جمركية على الأدوية الأوروبية.

وفقًا لمنظمة الاتحاد الأوروبي للصناعات والجمعيات الدوائية (EFPIA)، انخفضت حصة أوروبا من الاستثمار العالمي في البحث والتطوير الدوائي إلى 31% في عام 2022، مقارنة بنسبة 41% قبل عقدين من الزمن. يعكس هذا الانخفاض تراجع القدرة التنافسية للقارة في هذا المجال الحيوي.

تأثير المنافسة الصينية

لا يقتصر التحدي على الضغوط الأمريكية، بل يمتد ليشمل المنافسة المتزايدة من الصين. فقد تفوقت الصين على أوروبا في إنتاج الأدوية الجديدة، مما يهدد بتآكل حصة القارة في السوق العالمية. وقد أدى ذلك إلى تحول الاستثمارات نحو الولايات المتحدة وآسيا، وخاصة الصين، حيث توجد حوافز أكبر للشركات الدوائية.

تشير البيانات إلى أن الإنفاق على البحث والتطوير في أوروبا زاد بنسبة 4.4% في عام 2024، ولكنه لا يزال أقل من الولايات المتحدة (5.5%) والصين (20.7%). هذا الفارق المتزايد يثير مخاوف بشأن مستقبل الابتكار الدوائي في أوروبا.

تحديات إضافية تواجه القطاع

بالإضافة إلى المنافسة العالمية، تواجه شركات الأدوية في أوروبا تحديات داخلية، مثل ارتفاع تكاليف البحث والتطوير، وزيادة الضغوط على الحكومات لخفض أسعار الأدوية. في بريطانيا، على سبيل المثال، تفرض الحكومة شروطًا صارمة بشأن تكلفة الأدوية الموصوفة في نظام الرعاية الصحية الوطني، مما أثار استياء الشركات الدوائية.

وقد أدى هذا الاستياء إلى إعلان بعض الشركات الأمريكية الكبرى عن نيتها تقليص استثماراتها في المملكة المتحدة، وهو ما يمثل ضربة قوية للاقتصاد البريطاني. وتشير التقديرات إلى أن صفقة الأدوية المحتملة بين بريطانيا والولايات المتحدة قد تكلف الحكومة البريطانية حوالي 3 مليارات جنيه إسترليني.

مستقبل صناعة الأدوية في أوروبا

تعتبر زيادة الإنفاق على الأدوية من قبل الحكومات الأوروبية مطلبًا رئيسيًا للقطاع، ولكن تحقيق ذلك قد يكون صعبًا في ظل الضغوط الاقتصادية المتزايدة. فالميزانيات العامة محدودة، وتكاليف الرعاية الصحية في ارتفاع مستمر، كما أن الحكومات الأوروبية تزيد إنفاقها على الدفاع بسبب الأوضاع الجيوسياسية المتغيرة.

من المتوقع أن تستمر المفاوضات بين شركات الأدوية والحكومات الأوروبية في الأشهر المقبلة، بهدف التوصل إلى حلول مستدامة تضمن استمرار الاستثمار في البحث والتطوير الدوائي. وسيكون من المهم مراقبة التطورات في هذا الملف، خاصةً في ظل التهديدات الأمريكية المستمرة.

في الختام، يواجه قطاع الأدوية في أوروبا تحديات كبيرة تتطلب حلولًا مبتكرة وتعاونًا وثيقًا بين جميع الأطراف المعنية. من المتوقع أن يتم الإعلان عن تفاصيل إضافية حول الاتفاقيات الجديدة بين شركات الأدوية والحكومات الأوروبية بحلول نهاية الربع الأول من عام 2026، وسيكون هذا الإعلان بمثابة نقطة تحول حاسمة في مستقبل صناعة الدواء في القارة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى