أيمن غريّب.. ناشط يخشاه المستوطنون

الأغوار – أدت الاعتقالات الأخيرة للناشطين الذين يوثقون الانتهاكات في الأغوار الفلسطينية إلى مخاوف متزايدة بشأن حرية الصحافة وقدرة المنظمات الحقوقية على العمل في المنطقة. يُعدّ أيمن غريب، الناشط البالغ من العمر 42 عامًا والمعتقل إداريًا لمدة ستة أشهر، مثالاً بارزًا على هذا التحدي، حيث كان يُعرف بتوثيقه المستمر للمستوطنات واعتداءات المستوطنين في الأغوار، مما يُظهر الأهمية المتزايدة للنشاط الميداني في هذه المنطقة الحساسة.
غريب، المقيم في بلدة طمون المحاذية للأغوار الشمالية في الضفة الغربية، كان يوصف بأنه “حلقة وصل أساسية” بين الأحداث على الأرض والجهات الحقوقية والإعلامية، سواء المحلية أو الدولية. وقد أثر غيابُه بشكل ملحوظ على تدفق المعلومات المتعلقة بالانتهاكات الجارية، مما أثار تساؤلات حول مصير التوثيق المستقل في المنطقة.
الاستهداف المتزايد للموثقين في الأغوار
أزعج نشاط غريب الدقيق وتوثيقه للانتهاكات المستوطنين، الذين بدأوا بالتحريض عليه عبر وسائل التواصل الاجتماعي. وتتضمن هذه التحريضات مطالبات بـ “إرسال غريب إلى غزة” أو “قتله” لمنعه من مواصلة عمله. وشملت الانتقادات أيضًا الإشارة إلى معرفته الواسعة بتفاصيل المنطقة، من مسافر يطا جنوبًا إلى بيسان شمالًا.
يقول شقيقه بلال إن أيمن كان ينشر تقاريره باللغتين العربية والإنجليزية لزيادة الوعي المحلي والعالمي بالوضع في الأغوار. وكان يسعى دائمًا لإيصال صوت المجتمعات المهمشة التي غالبًا ما يتم تجاهلها. ويؤكد بلال أن شقيقه تعرض لملاحقات مستمرة واحتجازات متكررة من قبل الجيش والمستوطنين بسبب عمله في مناطق حساسة.
الظروف القاسية للاعتقال
وفقًا لشقيقه، احتجز الجيش الإسرائيلي أيمن لمدة ثلاثة أيام في ظروف قاسية في “قاعدة سمرة” العسكرية بالأغوار. وتفتقر القاعدة إلى أبسط مقومات الاعتقال، حيث تم ترك غريب في العراء ومكبل اليدين، وعانى من البرد والجوع، بالإضافة إلى تعرضه للضرب المبرح الذي استدعى نقله إلى المستشفى مرتين.
ويأتي اعتقال غريب في سياق أوسع من تزايد القيود المفروضة على النشطاء والمؤسسات الحقوقية التي تعمل في الأغوار. وتشير التقارير إلى أن السلطات الإسرائيلية تهدف إلى إعاقة جهود التوثيق والتقييم للمستوطنات والانتهاكات، مما يعيق جهود المساءلة الدولية.
تأثير الاعتقالات على التوثيق الميداني
يصف الصحفي حافظ أبو صبرة أيمن غريب بـ “العنوان الأول” لأي صحفي يعمل في منطقة الأغوار، لما يمتلكه من معرفة تفصيلية بالجغرافيا المحلية. ويؤكد أبو صبرة أن غريب كان مبادرًا في التواصل مع الصحفيين وتزويدهم بالمعلومات والصور اللازمة لتغطية الأحداث. ويعتبر غيابه ضربة قوية للصحافة المستقلة في المنطقة.
يرى مدير النشر والتوثيق في هيئة مقاومة الجدار والاستيطان أمير داود، أن الاعتقالات المتزايدة للموثقين جزء من محاولة لفرض “منطقة عمياء” في المناطق الساخنة في الضفة الغربية. واضاف داود أن الاحتلال يدرك أن التوثيق هو أداة قوية لفضح جرائمه، لذلك يسعى إلى تعطيل هذه الجهود بكل الوسائل المتاحة. وأشار إلى أن تزايد استهداف الموثقين يمثل تهديدًا خطيرًا لقدرة المجتمع الدولي على فهم الوضع على الأرض.
تُظهر الامتحانات السابقة لممارسات التوثيق في الأغوار أهمية دعم الموثقين المحليين وتمكينهم من مواصلة عملهم. ويتطلب ذلك توفير الحماية القانونية والمالية للموثقين، بالإضافة إلى العمل على رفع الوعي بقضاياهم ووضعهم على جدول الأعمال الدولي. النشاط الفلسطيني مهم في مواجهة التحديات التي يفرضها الاحتلال.
من المتوقع أن يتم تجديد أمر الاعتقال الإداري لأيمن غريب خلال الأسابيع القادمة، مما قد يؤدي إلى إطالة فترة اعتقاله. وستراقب المنظمات الحقوقية عن كثب تطورات القضية، وتدعو إلى الإفراج الفوري عنه وضمان سلامة جميع الموثقين والنشطاء العاملين في الأغوار. يبقى الوضع في الأغوار متوترًا وغير مؤكد، ويتطلب يقظة مستمرة وجهودًا متواصلة لضمان حماية حقوق الإنسان وتوثيق الانتهاكات الجارية.





