إسرائيل تستنفر بالجولان وتخشى هجوما من سوريا
6/12/2024–|آخر تحديث: 7/12/202412:50 ص (بتوقيت مكة المكرمة)
القدس المحتلة- رغم أن إسرائيل ليست متورطة بشكل مباشر فيما يحدث في سوريا، فإن توقيت الهجوم الذي شنته الفصائل السورية المسلحة ضد الجيش السوري، ليس صدفة، بل مستوحى إلى حد كبير من معركة طوفان الأقصى، والهجوم المفاجئ الذي شنته حركة حماس على مستوطنات “غلاف غزة”، وتأثرت بالأحداث التي جرت في إطار الحرب على غزة.
هذه القراءات تجمع عليها تقديرات المحللين العسكريين ومراكز الأبحاث الإسرائيلية، التي تقول إن إسرائيل تراقب تطورات المعارك في سوريا، والتقدم السريع الذي تحققه فصائل المعارضة المسلحة، كما أنها تخشى انهيار نظام بشار الأسد، وعليه لا تستبعد سيناريو التدخل العسكري في سوريا لإحباط أي هجوم بري على إسرائيل على غرار “طوفان الأقصى”.
وفي ظل التقدم الميداني والإنجازات العسكرية التي تحققها قوات المعارضة وتطورات المعارك في سوريا، أعلنت هيئة الأركان العامة بالجيش الإسرائيلي والقيادة الشمالية تعزيز القوات الجوية والبرية في قطاع الجولان، ونشر قوات عسكرية من مختلف الوحدات على طول خط وقف إطلاق النار مع سوريا.
وفي مؤشر يعكس سيناريو استعداد إسرائيل للتدخل العسكري في سوريا، قال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي دانيال هاغاري في بيان، الجمعة، إن “القوات الإسرائيلية منتشرة في المنطقة الحدودية، وتزيد من جاهزيتها وفق السيناريوهات المختلفة، ومستعدة لأي سيناريو بالهجوم والدفاع، ولن تسمح بوجود تهديد بالقرب من الحدود، وسيعمل الجيش على إحباط أي تهديد لمواطني إسرائيل”.
حسابات إسرائيل
وفي تقدير موقف بعنوان “هجوم المتمردين في سوريا-منعطف إستراتيجي أم حدث عابر؟”، الصادر عن مركز أبحاث الأمن القومي التابع لجامعة تل أبيب، تجمع التقديرات الإسرائيلية أن “هيئة تحرير الشام، خططت للهجوم في الأشهر الأخيرة، وأعادت انتشار قواتها داخل حدود منطقة إدلب واستعدت له عسكريا، ولعب عنصر المفاجأة دورا رئيسيا هنا”.
بالنسبة لإسرائيل، فإن الأحداث الجارية في سوريا -بحسب مركز أبحاث الأمن القومي- “تحمل جوانب إيجابية وأخرى سلبية، فعلى الجانب الإيجابي، فإن الأضرار الكبيرة التي لحقت بنظام الأسد، وربما حتى الإطاحة به، ستكون بمثابة ضربة قاسية لإيران ووكلائها، وكذلك لروسيا”.
لكن، بحسب مركز الأبحاث، “يكمن في هذه التطورات جوانب سلبية، فالتهديد الذي يواجه نظام الأسد، سيسهم بتعزيز القوات الإيرانية التي ستهب لنجدته، كما أن سيناريو انهياره، قد يؤدي إلى وضع فوضوي وغير مستقر”.
ويضيف التقدير أن الأسوأ من ذلك بالنسبة لإسرائيل “نجاح العناصر ذات الأيديولوجية الدينية، بالسيطرة على أجزاء كبيرة من سوريا، وربما حتى مخزونات كبيرة من الأسلحة، بما في ذلك الأسلحة الكيميائية، وهو ما سيشكل تهديدا خطيرا للمصالح الإسرائيلية”.
توغل مفاجئ
وقدر المحلل العسكري في صحيفة “هآرتس” عاموس هرئيل أن “نظام الأسد على وشك الانهيار، وهو ما يربك تل أبيب التي لا تستبعد التدخل العسكري لمنع أي تهديد قد تشكله المليشيات الموالية لإيران أو فصائل المعارضة المسلحة”، وأضاف قائلا إن “إسرائيل تستعد لمواجهة تهديد توغل بري مفاجئ من الحدود السورية”.
وما يعكس التخوفات الإسرائيلية حيال المعارك في سوريا والتقدم الذي تحقق فصائل المعارضة المسلحة وسط تراجع قوات النظام، بحسب هرئيل، أن “المفاجأة، وطبيعة الهجوم، والقدرات التي أظهرها المتمردون، والعديد منهم متطرفون ينتمون إلى تنظيم القاعدة، كلها تذكر الإسرائيليين بالهجوم المفاجئ الذي شنته حماس على مستوطنات غلاف غزة”.
وأوضح المحلل العسكري أن إسرائيل وعلى الرغم من الانعقاد الدائم للأجهزة الأمنية، وكذلك للمجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية “الكابينت”، فإنها لا تعترف حاليا بوجود خطر مباشر عليها في ضوء الوضع في سوريا، “وهي راضية تماما عن الإحراج الذي وضعت فيه إيران وحزب الله”.
ولكن على المدى الطويل، يعتقد هرئيل أن هناك دلائل على وجود خطر متزايد في الجولان وأيضا على الحدود الأردنية في المستقبل، وهي المخاطر التي تخشاها المؤسسة العسكرية، حيث نشرت القيادة الشمالية بالجيش الإسرائيلي، هذا الأسبوع، وحدة احتياط جديدة في منطقة الجولان، والتي سيتم استخدامها كقوة رد سريع إذا حصل أي توغل بري من سوريا.
وفي الوقت نفسه، يضيف المحلل العسكري أنه “تم تحديث غرف الطوارئ في مستوطنات الجولان، ويجري إدخال تحسينات على السياج على طول خطوط وقف إطلاق النار مع سوريا، تحسبا لأي هجمات برية على غرار طوفان الأقصى”.
وأكد المحلل العسكري أن السيناريو الذي يتعين على إسرائيل أن تستعد له بمنتهى الجدية، هو هجمات برية مفاجئة من قبل منظمات مسلحة “متطرفة”، حيث لا تتوفر لتل أبيب معلومات استخباراتية عن أنشطتها وقدرتها، كما أن الجيش الإسرائيلي لا يمكنه معرفة وفهم اعتبارات وتحركات هذه التنظيمات المسلحة.
تدابير
وتحت عنوان “الخوف من تفتيت سوريا: معضلات إسرائيل ومصالح أردوغان”، كتب المحلل العسكري لصحيفة “يديعوت أحرونوت” رون بن يشاي مقالا استعرض من خلاله التقدم السريع الذي يحققه من وصفهم بـ”المتمردين” (الفصائل السورية المسلحة) باتجاه الجنوب والشرق في سوريا، وهو التقدم الذي يخلق سلسلة من التهديدات لإسرائيل، بحسب تقديرات المؤسسة الأمنية في تل أبيب.
وبحسب وجهة المحلل العسكري، فإن “إسرائيل تخشى سقوط نظام الأسد الذي يبدو ضعيفا، وتعزيز التموضع العسكري الإيراني، وسيطرة فصائل المعارضة المسلحة على الترسانة الصاروخية وربما الأسلحة الكيميائية أو ربما وصولها إلى أيدي الجهاديين”، وعليه يقدر أن “إسرائيل ليست معنية، ولا يوجد لها مصلحة في انهيار النظام”.
ويقول بن يشاي إنه “ربما يكون هذا هو السبب وراء قيام سلاح الجو الإسرائيلي، بحسب وسائل إعلام أجنبية، بمهاجمة مجمع الأسلحة الكيميائية مؤخرا، وكذلك مستودعات أسلحة الجيش السوري الواقعة شمال دمشق، خصوصا أن المتمردين يتقدمون نحوها بسرعة”، موضحا أن “إسرائيل تفضل تدمير هذا التهديد حتى لا تقع هذه الأسلحة والترسانة بأيدي المعارضة، حتى لو كانت معادية لحزب الله وإيران”.
ورجّح المحلل العسكري أن سيناريوهات إسرائيل إذا سقط نظام الأسد، تتلخص في تفكك سوريا التي ستعيش حالة فوضى، وسيقوم الإيرانيون ببناء وتمويل جيش هناك هدفه العمل ضد إسرائيل، التي -بحسب تقديراته- شرعت باتخاذ تدابير دفاعية في الجولان، وكذلك تجهيزاتها لتنفيذ هجمات مكثفة وبشكل مستمر بالأراضي السورية ضد التنظيمات والفصائل المسلحة.