Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
ثقافة وفنون

إعادة فتح متحف “السراي الحمراء” بليبيا لأول مرة منذ سقوط القذافي

شهدت العاصمة الليبية طرابلس إعادة افتتاح المتحف الوطني الليبي بعد غلق دام قرابة 14 عامًا، وذلك في حفل رسمي يوم الجمعة. يعيد هذا الافتتاح إحياءً لواحد من أهم معالم ليبيا الثقافية والتاريخية، ويسمح للجمهور بالاطلاع على كنوز أثرية فريدة من نوعها كانت مغلقة أمامهم لفترة طويلة. يمثل هذا الحدث خطوة هامة في جهود استعادة ليبيا لمؤسساتها الثقافية بعد سنوات من الصراع وعدم الاستقرار.

وكان المتحف، المعروف سابقًا باسم “السراي الحمراء”، قد أُغلق أبوابه في عام 2011 خلال أحداث الثورة التي أطاحت بالنظام السابق بقيادة معمر القذافي. وقد بدأت أعمال الترميم والتجديد في مارس/آذار 2023 بجهود مشتركة من حكومة الوحدة الوطنية الليبية، بدعم من الأمم المتحدة.

أهمية إعادة افتتاح المتحف الوطني الليبي

أكد رئيس وزراء حكومة الوحدة الوطنية، عبد الحميد الدبيبة، خلال حفل الافتتاح أن إعادة افتتاح المتحف ليست مجرد حدث ثقافي، بل هي دليل على التزام ليبيا ببناء مؤسساتها واستعادة هويتها الوطنية. يعتبر المتحف الوطني الليبي نافذة على تاريخ ليبيا العريق، حيث يضم مجموعة واسعة من الآثار التي تعود إلى مختلف العصور والحضارات.

تضمنت مراسم الافتتاح عرضًا بصريًا وفنيًا، سردًا لتاريخ المتحف ومجموعاته، مرورًا بفجر الحضارة، وعصور ما قبل التاريخ، والقبائل الليبية الأمازيغية، والعصور الكلاسيكية، والعهد الإسلامي، والعصر القرمانلي، وصولًا إلى فترة الكفاح من أجل الاستقلال. يهدف هذا العرض إلى إبراز التنوع الثقافي والتاريخي لليبيا.

مجموعة المتحف الغنية

يمتد المتحف على مساحة 10 آلاف متر مربع، تعرض لوحات فسيفساء، وجداريات، ومنحوتات، وعملات، وقطع أثرية أخرى تعكس تاريخ ليبيا العريق. تشمل هذه المجموعات آثارًا تعود إلى العصور الرومانية واليونانية والإسلامية، بالإضافة إلى مومياوات قديمة من جبال أكاكوس ومنطقة الجغبوب.

ولا تقتصر أهمية المتحف على المجموعات الدائمة، بل يسعى أيضًا لتعزيز دوره التعليمي والثقافي من خلال تنظيم ورش عمل ومعارض وبرامج زيارات مدرسية. وصرحت مديرة المتحف، فاطمة عبد الله أحمد، بأن البرنامج الحالي يركز على تمكين المدارس من زيارة المتحف قبل افتتاحه الرسمي للجمهور.

استعادة الآثار الليبية المهربة

بالإضافة إلى أعمال الترميم، بذلت ليبيا جهودًا حثيثة لاستعادة الآثار التي تم تهريبها خلال فترة عدم الاستقرار التي أعقبت سقوط القذافي. وفقًا لرئيس مجلس إدارة مصلحة الآثار، محمد فرج الشكشوكي، تمكنت ليبيا من استعادة 21 قطعة أثرية من دول مختلفة، بما في ذلك فرنسا وسويسرا والولايات المتحدة الأمريكية.

وأضاف الشكشوكي أن المفاوضات لا تزال جارية لاستعادة أكثر من 20 قطعة أثرية أخرى من إسبانيا والنمسا. تظهر هذه الجهود التزام ليبيا بحماية تراثها الثقافي واستعادته من الخارج. تشمل جهود استعادة الآثار التعاون مع المنظمات الدولية مثل اليونسكو، والتي تدرج خمسة مواقع ليبية على قائمة التراث العالمي المعرض للخطر.

تعد هذه المواقع – بما في لبدة الكبيرة وجرمة وغدامس – شاهدة على عراقة الحضارات التي تعاقبت على هذه الأرض، وتسعى ليبيا جاهدة للحفاظ عليها وإعادة تأهيلها. تستفيد عملية استعادة الآثار من قوانين دولية تتعلق بالملكية الثقافية والتعاون عبر الحدود.

يمثل المتحف الوطني الليبي إضافة هامة للمشهد الثقافي في البلاد، وخطوة نحو تعزيز السياحة الثقافية. بالإضافة إلى ذلك، يساعد المتحف في الحفاظ على الذاكرة الجماعية الليبية وتعزيز الهوية الوطنية. إعادة افتتاحه تشكل أيضًا فرصة لتطوير البنية التحتية الثقافية في ليبيا وتقديم الخدمات الثقافية للجمهور على نطاق أوسع.

من المتوقع أن يتم الإعلان عن الافتتاح الرسمي للمتحف للجمهور في الأشهر القليلة المقبلة. ومع ذلك، لا تزال هناك تحديات قائمة تتعلق بالتمويل والصيانة والأمن. ينبغي على الحكومة الليبية والمجتمع الدولي مواصلة تقديم الدعم للمتحف لضمان استدامته وحماية كنوزه الثقافية للأجيال القادمة. سيتطلب الأمر جهودًا متواصلة لمواجهة التحديات المحتملة وتأمين مستقبل هذا الصرح الثقافي الحيوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى