ابتكار روسي يضاعف كفاءة توصيل أدوية السرطان عشر مرات ويقلل سميتها

تطوير روسي واعد في مكافحة السرطان، حيث نجح باحثون في جامعة سيتشينوف الطبية في رفع كفاءة توصيل الأدوية المضادة للسرطان بشكل ملحوظ. فقد تمكنوا من تطوير تقنية جديدة لتحميل المركبات الدوائية داخل جسيمات نانوية متطورة، مما يزيد بشكل كبير من استهداف الخلايا السرطانية وتقليل الأضرار الجانبية.
يأتي هذا الإنجاز من فريق بحثي روسي بعد سنوات من العمل، ويستهدف تحسين العلاجات المتاحة حاليًا وفتح الباب أمام أدوية أكثر فعالية. وفقًا للباحثين، فإن التقنية الجديدة ترفع نسبة توصيل الدواء الفعال إلى الخلايا السرطانية من معدلات تتراوح بين 5-9% إلى ما يقارب 85%.
قفزة نوعية في علاج السرطان بتقنية الجسيمات النانوية
يعتبر استخدام الجسيمات النانوية في توصيل الأدوية مجالًا واعدًا في علاج السرطان، حيث تتيح إيصال الدواء مباشرة إلى الورم، مما يقلل من تأثيره على الخلايا السليمة. ومع ذلك، كانت التحديات الرئيسية تكمن في الحفاظ على سلامة الجسيمات النانوية أثناء تحميل الدواء وضمان كفاءة التحميل نفسها.
صرح دميتري كوستيوشوف، مدير مختبر التقنيات الوراثية في جامعة سيتشينوف، بأن التقنية المطورة تعالج هذه المشكلات بشكل فعال. وأضاف أن الطرق التقليدية غالبًا ما تتسبب في إتلاف هيكل الجسيمات النانوية، مما يقلل من قدرتها على الوصول إلى الهدف العلاجي.
تطوير الأساليب وعلاقتها بالجسيمات النانوية
استغرق تطوير هذه الأساليب الجديدة حوالي أربع سنوات، ركز خلالها الفريق على إيجاد طرق لتحميل الأدوية داخل الجسيمات النانوية دون التأثير على خصائصها أو فعاليتها. تشمل هذه الأساليب تعديلات على تركيب الجسيمات النانوية واستخدام تقنيات جديدة للتحميل.
من الميزات الهامة لهذه التقنية قدرتها على تحقيق توصيل دقيق ومستهدف للأدوية إلى الأورام، بالإضافة إلى الخلايا السرطانية المنتشرة (النقائل). يعتبر هذا التوجيه الدقيق ضروريًا بشكل خاص في المراحل المتقدمة من السرطان، كالـمرحلة الثالثة والرابعة، حيث يكون انتشار المرض أكبر.
أظهرت التجارب الأولية نتائج مبكرة واعدة، حيث سجلت التقنية نجاحًا في نماذج حيوانية مصابة بسرطان الثدي وسرطان الجلد. تشير هذه النتائج إلى إمكانية تطبيق التقنية على مجموعة متنوعة من أنواع السرطان.
يؤكد الباحثون أن الجسيمات النانوية الجديدة تتميز بتوافق حيوي عالٍ، مما يعني أنها لا تسبب ردود فعل سلبية كبيرة في الجسم. بالإضافة إلى ذلك، فإن التقنية قابلة للتوسع، مما يجعلها مناسبة للإنتاج على نطاق واسع. هذه الخصائص تعزز من فرص انتقال التقنية إلى مراحل متقدمة من البحث والتطوير.
ويرى خبراء في مجال الأورام أن هذا التطور يمثل خطوة هامة نحو تحسين فعالية العلاجات الكيميائية. يعاني العديد من مرضى السرطان من آثار جانبية شديدة نتيجة للعلاج الكيميائي التقليدي، والذي يؤثر على جميع خلايا الجسم تقريبًا. تقليل هذه الآثار الجانبية هو هدف رئيسي للبحوث في مجال علاج السرطان.
يتعلق البحث الجدي في مجال توصيل الأدوية بتقليل السمية وزيادة التوافر الحيوي للمركبات العلاجية. يسهم تطوير هذه التقنية في تعزيز مفهوم العلاج الشخصي للسرطان، والذي يعتمد على اختيار العلاج الأنسب لكل مريض بناءً على خصائص ورمه.
على الرغم من أن هذه النتائج واعدة للغاية، إلا أنها لا تزال في مراحلها الأولية. من الضروري إجراء المزيد من البحوث والدراسات، بما في ذلك التجارب السريرية على البشر، لتقييم سلامة وفعالية هذه التقنية بشكل كامل.
من المتوقع أن ينتقل الفريق البحثي إلى مرحلة البحث قبل السريري في الأشهر القليلة القادمة، مع التركيز على إجراء المزيد من الاختبارات على الحيوانات وتقييم الجرعات المثلى. وفي حالة نجاح هذه المرحلة، قد تبدأ التجارب السريرية على البشر خلال عام أو عامين. سيراقب الخبراء عن كثب التقدم المحرز في هذه البحوث لتقييم إمكانية تطبيقها في المستقبل القريب.
يعتبر تطوير تقنيات توصيل الأدوية المبتكرة، مثل هذه التقنية القائمة على استخدام الجسيمات النانوية، جزءًا من الجهود العالمية المتزايدة لمكافحة مرض السرطان وتحسين جودة حياة المرضى. وتستمر الأبحاث في هذا المجال بوتيرة سريعة، مما يبشر بآفاق جديدة وواعدة في علاج هذا المرض.





