ارتفاع عدد الأطفال المولودين بتشوهات خلقية نادرة في غزة | أخبار

شهد قطاع غزة ارتفاعًا ملحوظًا في عدد الولادات التي تتضمن تشوهات خلقية نادرة، وذلك في ظل استمرار الحرب الإسرائيلية وتدهور الأوضاع الصحية والإنسانية. وقد أثار هذا الارتفاع قلقًا بالغًا لدى الأطباء والسكان المحليين على حد سواء، مع صعوبة متزايدة في توفير الرعاية اللازمة لهؤلاء الأطفال. وتأتي هذه الزيادة بعد أشهر من الحصار المفروض على القطاع، مما أدى إلى نقص حاد في الغذاء والدواء والمستلزمات الطبية.
وبحسب تقارير صادرة عن وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، فإن عدد الحالات المسجلة من تشوهات خلقية خلال الأشهر الأخيرة من الحرب يتجاوز بشكل كبير المتوسطات السابقة. الوضع يزداد سوءًا بسبب الضغط الهائل على المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل، والتي تعاني من نقص حاد في الأطراف و المعدات.
أسباب ارتفاع حالات التشوهات الخلقية في غزة
يعزو خبراء الصحة هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متداخلة، أبرزها القصف المستمر الذي قد يعرض النساء الحوامل لمستويات عالية من الإجهاد والتوتر، بالإضافة إلى التلوث البيئي الناجم عن الدمار. تشير بعض الدراسات الأولية إلى احتمال وجود علاقة بين التعرض للمواد الكيميائية الناتجة عن القصف وبعض أنواع التشوهات الخلقية.
نقص الرعاية الصحية والتغذية
أدى انهيار النظام الصحي في غزة إلى صعوبة تشخيص ومتابعة حالات الحمل، مما يقلل من فرص التدخل المبكر لعلاج أو تخفيف حدة بعض التشوهات الخلقية. بالإضافة إلى ذلك، فإن النقص الحاد في الغذاء والتغذية السليمة، خاصة للأمهات الحوامل، يُعد عامل خطر رئيسيًا لتطور هذه الحالات. ويؤكد الأطباء على أهمية حمض الفوليك والعناصر الغذائية الأخرى في منع بعض التشوهات العصبية لدى الأجنة.
التلوث البيئي و المواد الكيميائية
يُثير الدمار الهائل في البنية التحتية لغزة مخاوف بشأن تلوث المياه والتربة والهواء، مما قد يؤدي إلى التعرض لمواد كيميائية ضارة تؤثر على صحة الأجنة. يفتقر القطاع إلى آليات الرقابة البيئية الفعالة، مما يزيد من خطر تفاقم هذه المشكلة. هناك حاجة ماسة لتقييم شامل للمخاطر البيئية في غزة لتحديد مدى تأثيرها على صحة السكان.
تعتبر صعوبة الحصول على الرعاية المتخصصة بعد الولادة من أكبر التحديات التي تواجه الأسر التي لديها أطفال يعانون من تشوهات خلقية. غالبًا ما تضطر هذه الأسر إلى السفر إلى الخارج لتلقي العلاج، وهو أمر صعب للغاية بسبب الإغلاق المستمر للمعابر. وفي الحالات التي لا يمكن السفر، يواجه الأطفال صعوبات كبيرة في الحصول على الرعاية والدعم اللازمين، مما يؤثر بشكل كبير على جودة حياتهم.
أعربت منظمات إغاثة دولية، مثل اليونيسيف ومنظمة الصحة العالمية، عن قلقها العميق إزاء الوضع في غزة، ودعت إلى توفير الدعم العاجل للنظام الصحي وحماية المدنيين، خصوصًا النساء الحوامل والأطفال. وتعمل هذه المنظمات على تقديم المساعدات الطبية والغذائية، بالإضافة إلى دعم برامج الرعاية الصحية الأولية. ومع ذلك، فإن حجم المساعدات المقدمة لا يزال غير كافٍ لتلبية الاحتياجات المتزايدة.
تتراوح التشوهات الخلقية التي تم رصدها في غزة بين حالات بسيطة يمكن علاجها جراحيًا، وحالات أكثر تعقيدًا تتطلب رعاية طويلة الأمد. تشمل بعض هذه التشوهات شقوق الحلق والشفة، وعيوب القلب الخلقية، وتشوهات الجهاز العصبي. وقد أشار بعض الأطباء إلى ظهور حالات نادرة لم يسبق لهم رؤيتها من قبل.
تأثير هذه الأزمة لا يقتصر على الجانب الصحي فحسب، بل يمتد ليشمل الجوانب النفسية والاجتماعية للأسر المتضررة. غالبًا ما تشعر هذه الأسر بالعزلة والإحباط، وتحتاج إلى دعم نفسي واجتماعي لمساعدتها على التكيف مع الوضع. ويتطلب التعامل مع هذه الحالات جهدًا متضافرًا من جميع الجهات المعنية.
تُركز الجهود الحالية على توفير الأدوية والمستلزمات الطبية الأساسية، بالإضافة إلى دعم المستشفيات القليلة التي ما زالت تعمل. ومع ذلك، هناك حاجة إلى استثمارات أكبر في البنية التحتية الصحية وتدريب الكوادر الطبية. إضافة إلى تقديم الدعم النفسي و الاجتماعي للأمهات و الأسر.
من المتوقع أن تستمر الحاجة إلى الرعاية الصحية المتخصصة للأطفال المولودين بتشوهات خلقية في غزة لسنوات قادمة. تعتمد القدرة على الاستجابة لهذه الاحتياجات على توفير التمويل الكافي وإزالة القيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع. كما يجب إجراء المزيد من البحوث والدراسات لتقييم مدى تأثير الحرب والظروف المحيطة بها على صحة الأطفال في غزة.
في الأيام القادمة، سيتابع المجتمع الدولي عن كثب تطورات الوضع الصحي في غزة، مع التركيز بشكل خاص على حالات التشوهات الخلقية. من المقرر أن تقدم وزارة الصحة الفلسطينية تقريرًا مفصلًا عن الوضع في نهاية الشهر الحالي، والذي سيشمل أحدث البيانات والإحصائيات. كما يتوقع أن تناقش الأمم المتحدة هذه القضية في اجتماعها القادم.





