استثمر فيها إبستين واتهمها سنودن بالتجسس.. فما هي “بالانتير”؟

تعد شركة “بالانتير” (Palantir) إحدى الشركات التقنية الأمريكية الأكثر إثارة للجدل في العالم، وذلك لقدرتها على تسخير قوة البيانات والذكاء الاصطناعي لخدمة أهداف عسكرية، مما أثار تساؤلات حول دور التكنولوجيا في الصراعات. اكتسبت الشركة سمعة مرتبطة بتقنيات المراقبة المكثفة وجمع المعلومات، وهو ما أثار مخاوف واسعة النطاق بشأن الخصوصية والحريات المدنية. ورغم شهرتها، فإن الكثيرين لا يدركون بالضبط ماهية “بالانتير” ومجالات عملها المتشعبة.
تأسست “بالانتير” في عام 2003، وسرعان ما نمت لتصبح لاعباً رئيسياً في مجال تحليل البيانات الضخمة، ليس فقط للجهات الحكومية ولكن أيضًا للشركات الكبرى. تستثمر الشركة بشكل كبير في تطوير برمجيات متطورة قادرة على معالجة كميات هائلة من البيانات من مصادر متنوعة، وتقديم رؤى استخباراتية قيمة. وقد أثارت هذه القدرات قلقًا متزايدًا بشأن استخدام هذه التقنيات في أنشطة المراقبة والعمليات العسكرية.
من يقف وراء شركة بالانتير؟
يعود الفضل في تأسيس “بالانتير” إلى بيتر ثيل، أحد مؤسسي شركة “باي بال”، الذي سعى إلى استكشاف آفاق جديدة بعد نجاحه في مجال المدفوعات الإلكترونية. انضم إليه في هذا المسعى مجموعة من المستثمرين البارزين، بما في ذلك أليكس كارب، المدير التنفيذي الحالي للشركة، وستيفن كوهين، وجو لونسديل، وناثان جيتينجز. يتميز ثيل بعلاقاته الوثيقة مع الحكومة الأمريكية، وقد استفادت شركته من العديد من العقود الحكومية، بما في ذلك مشاريع تهدف إلى تتبع المهاجرين وتسريع عمليات الترحيل.
لقد أثارت علاقات ثيل القوية بالسياسيين، بما في ذلك الرئيس السابق دونالد ترامب، تساؤلات حول مدى تأثير هذه العلاقات على قرارات الشركة وعقودها الحكومية. كما واجهت “بالانتير” اتهامات بالتعاون مع وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) في تحليل البيانات بشكل غير قانوني، وفقًا لتقارير إعلامية.
ماذا تعمل شركة بالانتير؟
تصف “بالانتير” نفسها بأنها شركة متخصصة في “البرمجيات كخدمة” (Software as a Service)، حيث تقدم حلولاً برمجية مخصصة لتحليل البيانات للشركات والمؤسسات الحكومية. تعتمد الشركة على برمجيتين رئيسيتين: “فاوندري” (Foundry) و”غوثام” (Gotham). “فاوندري” مصممة خصيصًا للشركات المدنية، بينما “غوثام” تستهدف قطاع الأمن والاستخبارات.
تكمن قوة “بالانتير” في قدرتها على دمج البيانات من مصادر مختلفة، حتى تلك القديمة والمعقدة، وتقديمها في شكل واجهة سهلة الاستخدام. هذا يسمح للمستخدمين بتحديد الأنماط والاتجاهات الخفية في البيانات، واتخاذ قرارات مستنيرة بناءً على هذه الرؤى. تُستخدم برامج “بالانتير” في مجموعة واسعة من التطبيقات، بدءًا من مكافحة الاحتيال المالي وحتى مكافحة الإرهاب.
ومع ذلك، فإن هذه القدرات أثارت جدلاً واسعاً. فقد انتقدت “بالانتير” بسبب عدم شفافية عملها وإمكانية استخدام تقنياتها في انتهاكات حقوق الإنسان. كما أثار استخدام الشركة لتقنيات الذكاء الاصطناعي في عمليات عسكرية، بما في ذلك في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، قلقًا بالغًا.
الدعم الإسرائيلي و نموذج “لافندر”
أظهر بيتر ثيل، مؤسس الشركة، دعمًا صريحًا لإسرائيل، مشيدًا بالعمليات العسكرية الإسرائيلية. وقد أعلنت “بالانتير” صراحة عن شراكتها الإستراتيجية مع وزارة الدفاع الإسرائيلية، وتوفير تقنيات الذكاء الاصطناعي لتحليل البيانات. وقد أثارت هذه الشراكة جدلاً واسعاً، خاصة بعد الكشف عن استخدام الشركة لنموذج “لافندر” (Lavender) الذي يعتمد على الذكاء الاصطناعي لتحديد الأهداف المحتملة للقصف في غزة.
أدى استخدام “لافندر” إلى انتقادات شديدة، حيث يخشى البعض من أن هذا النموذج قد يؤدي إلى قصف غير دقيق للمدنيين، وانتهاكات للقانون الإنساني الدولي. ورغم أن “بالانتير” أكدت أن استخدام “لافندر” يخضع لإشراف بشري، إلا أن هذه التأكيدات لم تخفف من المخاوف.
تستمر “بالانتير” في التوسع في مجالات عملها، وتتوقع الشركة زيادة اعتمادها على تقنيات الذكاء الاصطناعي في المستقبل. ويتوقع أن تستمر الجدالات حول دور الشركة وأخلاقيات عملها في التصاعد، خاصة في ظل تزايد المخاوف بشأن استخدام الذكاء الاصطناعي في الصراعات والعمليات العسكرية. ومن المرتقب أن تصدر الشركة تقريرًا عن أدائها المالي في الربع القادم، وهو ما سيراقب المحللون عن كثب لقياس تأثير الجدل الدائر حولها على نتائجها التجارية.





