استطلاع: تراجع شعبية حزب المؤتمر الوطني بجنوب أفريقيا

26/8/2025–|آخر تحديث: 15:50 (توقيت مكة)
كشفت نتائج استطلاع داخلي أجرته المعارضة في جنوب أفريقيا عن تراجع كبير في شعبية حزب المؤتمر الوطني الأفريقي الحاكم، لمصلحة شريكه في حكومة الوحدة الوطنية، التحالف الديمقراطي، مما يعكس تصاعد التوترات داخل الائتلاف الحاكم ويثير تساؤلات عن مستقبل التحالف السياسي في البلاد.
ووفقا لما نشره موقع أفريكا روبرت، فإن استطلاعا هاتفيا أجراه حزب التحالف الديمقراطي في 14 أغسطس/آب الجاري، وشمل 1820 ناخبا مسجلا، أظهر أن الحزب قد يحصل على 28% من الأصوات إذا أجريت الانتخابات اليوم، مقابل 29% لحزب المؤتمر الوطني، وذلك يمثل تراجعا بنحو 11 نقطة مئوية للحزب الحاكم مقارنة بانتخابات مايو/أيار 2024، في حين ارتفعت نسبة التأييد للتحالف الديمقراطي بـ6 نقاط.
تراجع في المدن الكبرى
كما أشار الاستطلاع إلى أن حزب المؤتمر الوطني لم يعد يسيطر بشكل مباشر سوى على بلدية واحدة من أصل 9 بلديات كبرى، وهي مدينة بوفالو في شرق البلاد.
وفي مدينة جوهانسبرغ، على سبيل المثال، تراجعت شعبية الحزب إلى 23%، بينما ارتفعت نسبة التأييد للتحالف الديمقراطي إلى 40%، وسط تكهنات بإمكانية ترشيح هيلين زيلي، رئيسة المجلس الفدرالي للحزب، لمنصب العمدة في الانتخابات المحلية المقبلة.
أزمة ثقة داخل الائتلاف
ورغم هذا التقدم، يواجه التحالف الديمقراطي تحديات داخل حكومة الوحدة الوطنية التي انضم إليها بعد الانتخابات، إذ تصاعدت الخلافات مع حزب المؤتمر الوطني حول ملفات حساسة، أبرزها السياسة الخارجية وإقالة وزراء من الحزب المعارض من دون تنسيق سابق.
وكانت إقالة نائب وزير التجارة والصناعة، أندرو ويتفيلد، قد أثارت غضب قيادة التحالف الديمقراطي، كما أقال الرئيس رامافوزا وزيرة التعليم أنجي موستيكغا بعد جدل واسع حول أدائها.
وفي سياق متصل، أجرى الرئيس رامافوزا تعديلات على قانون تمويل الأحزاب السياسية، ضاعف فيها سقف التبرعات السنوية من 15 مليون راند (790 ألف دولار) إلى 30 مليون راند (1.58 مليون دولار)، مما أثار انتقادات من منظمات المجتمع المدني التي اعتبرت الخطوة تهديدا للشفافية وتقويضا للرقابة العامة.
ومن بين نقاط الخلاف أيضا، توقيع الرئيس على قوانين أقرها البرلمان السابق بعد الانتخابات، مثل قانون تعديل التعليم الأساسي في سبتمبر/أيلول، وقانون نزع الملكية في يناير/كانون الثاني الذي وصفه زعيم التحالف الديمقراطي جون ستينهايزن بأنه “خط أحمر” قد يهدد الاستثمارات في البلاد.

فساد يهدد الثقة العامة
تأتي هذه التطورات في ظل أزمة ثقة متنامية في المؤسسات الأمنية، بعد تصريحات مفوض شرطة إقليم كوازولو ناتال، نهلانهيلا مخوانازي، الذي كشف عن شبكة فساد تضم سياسيين وضباط شرطة ومسؤولين قضائيين، واتهم وزير الشرطة نفسه بمحاولة تفكيك فرق التحقيق الخاصة لحماية شركائه.
هذه الاتهامات زادت من شكوك المواطنين في قدرة الحكومة على معالجة الأزمات الاجتماعية المتراكمة، خاصة في ظل ارتفاع معدلات الجريمة وتراجع مؤشرات الشفافية.
صعود أحزاب جديدة
من جهة أخرى، يشهد المشهد السياسي في جنوب أفريقيا تغيرات لافتة، أبرزها صعود حزب “أومكونتو وي سيزوي” الذي أسسه الرئيس السابق جاكوب زوما، ويضم منشقين عن حزب المؤتمر الوطني.
وقد حصل الحزب على 14.7% من الأصوات في أول مشاركة انتخابية له، مما جعله ثالث أكبر قوة سياسية في البلاد.
ويعكس هذا الصعود رغبة قطاع واسع من الناخبين في العودة إلى خطاب المقاومة والعدالة الاجتماعية، وسط اتهامات لقيادة المؤتمر الوطني “بالانحراف عن مسار مانديلا”.

مستقبل غامض للائتلاف
ورغم أن التحالف الديمقراطي انضم إلى حكومة الوحدة بهدف دفع عجلة النمو الاقتصادي وتوفير فرص العمل، فإن التوقعات تشير إلى نمو ضعيف لا يتجاوز 1% هذا العام، مما يضع مستقبل الائتلاف على المحك.
وفي ظل تصاعد التوترات، انسحب التحالف الديمقراطي من الحوار الوطني الذي تقوده الرئاسة، معتبرا أن “الحديث المتكرر مع حزب المؤتمر الوطني لم يعد مجديا”.