اقتصاد بلا عمل ولا مال؟ ماسك يطلق أكثر توقعاته تطرفًا حتى الآن

أطلق إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، تصريحات لافتة خلال مشاركته في منتدى الاستثمار الأميركي السعودي في واشنطن يوم الأربعاء الماضي، حيث توقع أن يُحدث تطوير الروبوتات ثورة اقتصادية واجتماعية عالمية، وأن يقضي في نهاية المطاف على الفقر، ويجعل العمل اختيارياً. جاءت تصريحات ماسك في سياق نقاش حول مستقبل الذكاء الاصطناعي وتأثيره على سوق العمل العالمي.
ورداً على ذلك، أبدى جنسن هوانغ، المدير التنفيذي لشركة إنفيديا، تحفظاً على هذه الرؤية، معتبراً أن الذكاء الاصطناعي والأتمتة سيزيدان من إنتاجية الأفراد، وسيجعلانهم أكثر انشغالاً وليس العكس. هذا الاختلاف في وجهات النظر يُسلط الضوء على الجدل الدائر حول مستقبل الوظائف وتأثير التكنولوجيا المتقدمة.
تأثير الروبوتات على الاقتصاد العالمي: رؤية إيلون ماسك
أكد ماسك أن تطوير الروبوتات البشرية، مثل “أوبتيموس” الذي تعمل تسلا على بنائه، سيعمل على زيادة الإنتاجية بشكل كبير، مما سيؤدي إلى وفرة في السلع والخدمات، وبالتالي القضاء على الفقر. وأضاف أن هذا التغيير لن يقتصر على تسلا، بل ستشترك فيه العديد من الشركات الأخرى التي ستعمل على تطوير روبوتات مشابهة. ويرى أن الذكاء الاصطناعي والروبوتات هما السبيل الوحيد لتحقيق رخاء عالمي شامل.
وبحسب ماسك، فإننا نتجه نحو “اقتصاد ما بعد الندرة”، وهو مفهوم اقتصادي واجتماعي يفترض أن التطور التكنولوجي سيؤدي إلى توفير احتياجات الجميع دون الحاجة إلى عمل شاق. وقد استشهد بسلسلة “كالتشر” (Culture) للكاتب إيان بانكس كمثال على مجتمع مستقبلي لا يعتمد على المال في توفير الاحتياجات الأساسية.
توقعات ماسك للفترة القادمة (10-20 سنة)
يرى ماسك أن هذا التحول سيحدث خلال العقدين القادمين، وأن العمل سيصبح مجرد خيار للأفراد وليس ضرورة حتمية. ويتوقع أن تتبنى الحكومات دوراً في توزيع الثروة الناتجة عن الأتمتة والروبوتات، لضمان حصول الجميع على احتياجاتهم الأساسية. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع أن يشهد العالم تطوراً في مجالات أخرى بفضل هذه الزيادة في الإنتاجية.
وجهة نظر إنفيديا: زيادة الإنتاجية لا يعني إلغاء العمل
في المقابل، أشار جنسن هوانغ، المدير التنفيذي لشركة إنفيديا، إلى أن الذكاء الاصطناعي والأتمتة لن يلغيا الحاجة إلى العمل، بل سيزيدان من قدرة الأفراد على تحقيق أهدافهم وطموحاتهم. وأضاف أن التكنولوجيا ستغير طبيعة العمل، وستتطلب من الأفراد اكتساب مهارات جديدة، وزيادة تركيزهم على المهام التي تتطلب الإبداع والتفكير النقدي. ويؤكد هوانغ على أهمية الاستثمار في التعليم والتدريب لمواكبة هذه التغيرات. الذكاء الاصطناعي سيساهم في تطوير وتنويع الوظائف.
وأوضح هوانغ أنه، على عكس تصور ماسك، يتوقع أن يزداد هو أيضاً انشغالاً بفضل التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي، وذلك لوجود العديد من الأفكار والمشاريع التي ترغب إنفيديا في تنفيذها. ويرى أن زيادة الإنتاجية ستسمح للشركات بتحقيق المزيد من النجاحات، مما سيؤدي إلى خلق المزيد من الفرص.
تباين الآراء حول مستقبل العمل
يمثل هذا التباين في وجهات النظر بين ماسك وهوانغ صراعاً فكرياً حول مستقبل العمل، حيث يركز ماسك على الجانب الثوري للتكنولوجيا وتأثيرها على الهيكل الاقتصادي والاجتماعي، بينما يركز هوانغ على الجانب التطوري للتكنولوجيا وتأثيرها على طبيعة الوظائف والمهارات المطلوبة. التحول الرقمي والتكنولوجيا المتقدمة من المؤكد أنها ستعيد تشكيل سوق العمل.
هل تقضي الروبوتات على الفقر أم تزيد من حدته؟
تثير تصريحات ماسك تساؤلات حول إمكانية تحقيق العدالة الاجتماعية في عالم تهيمن عليه الروبوتات والذكاء الاصطناعي. ففي حين يرى ماسك أن هذه التكنولوجيا يمكن أن تقضي على الفقر، يرى البعض الآخر أنها قد تؤدي إلى تفاقم عدم المساواة وزيادة البطالة. يتطلب تحقيق رؤية ماسك إجراء تغييرات جذرية في الأنظمة الاقتصادية والسياسية، بما في ذلك إعادة توزيع الثروة وتوفير شبكات أمان اجتماعي قوية. يجب دراسة وتقييم الآثار الاجتماعية والاقتصادية لانتشار الروبوتات.
ويرى مراقبون أن النقاش حول مستقبل العمل والذكاء الاصطناعي يجب أن يكون شاملاً ومفصلاً، وأن يشمل جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومات والشركات والمؤسسات التعليمية والمجتمع المدني. من المتوقع أن تشهد السنوات القادمة المزيد من المناقشات حول هذا الموضوع، وأن يتم تطوير سياسات واستراتيجيات جديدة لمواجهة التحديات والفرص المرتبطة بالذكاء الاصطناعي والروبوتات.
من المقرر أن تنشر تسلا المزيد من التفاصيل حول خططها لتطوير الروبوت “أوبتيموس” في الربع الأول من عام 2026. سيراقب الخبراء عن كثب التقدم المحرز في هذا المجال، بالإضافة إلى تأثيره على سوق العمل والاقتصاد العالمي. تبقى الأسئلة حول كيفية توزيع الثروة الناتجة عن الأتمتة وكيفية التعامل مع البطالة المحتملة مفتوحة للنقاش والتفكير المستقبلي.




