«الأعلى للقضاء»: مراجعة قانوني الخدمة المدنية والمرافعات

قدم المجلس الأعلى للقضاء تقريراً مفصلاً إلى وزير العدل، المستشار ناصر السميط، بشأن الثغرات التشريعية التي كشفت عنها الأحكام القضائية، واقتراحات تهدف إلى تطوير سير العدالة في البلاد. يمثل هذا التقرير خطوة هامة نحو تعزيز النظام القضائي وتحديثه، وذلك وفقاً لنص المادة 71 من القانون رقم 23 لسنة 1990 بشأن تنظيم القضاء المعدل. ومن المتوقع أن يرفع وزير العدل التقرير إلى مجلس الوزراء لاتخاذ الإجراءات اللازمة.
جاء الإعلان عن التقرير يوم الخميس، ويؤكد التزام المجلس الأعلى للقضاء بتحسين كفاءة وفعالية القضاء الكويتي. يهدف التقرير إلى معالجة أوجه القصور في القوانين الحالية التي تعيق تطبيق العدالة بشكل كامل وسريع. ويشمل التقرير مقترحات محددة تهدف إلى سد هذه الثغرات وتعزيز حقوق الأفراد.
مقترحات لتعديل قانون المرافعات المدنية والتجارية وتعزيز سير العدالة
أحد أبرز المقترحات التي تضمنها التقرير هو إضافة مادة جديدة إلى القانون رقم 38 لسنة 1980 بشأن قانون المرافعات المدنية والتجارية. تسمح هذه المادة لأي طرف ذي مصلحة بطلب إعادة النظر في الأحكام والقرارات المتعارضة الصادرة من محكمة التمييز، وذلك أمام الهيئة المنصوص عليها في المادة الرابعة فقرة رقم 2 من قانون تنظيم القضاء. هذا الإجراء يأتي استجابةً لتوجيهات سمو الأمير الشيخ مشعل الأحمد بشأن توحيد وتفسير الأحكام القضائية.
الحفاظ على التوازن بين الحقوق الفردية والجماعية
بالإضافة إلى ذلك، يقترح التقرير تعديل المادة 216 من قانون المرافعات. يهدف هذا التعديل إلى توسيع نطاق الأموال والعناصر التي لا يجوز الحجز عليها إلا بنسبة محددة. يهدف هذا التعديل إلى مراعاة الجوانب الاجتماعية والإنسانية، وضمان عدم المساس بالحد الأدنى من الاحتياجات الضرورية للأفراد. ويأتي هذا في سياق السعي لتحقيق التوازن المطلوب بين حقوق الدائنين وحقوق المدينين.
تحديث قانون الخدمة المدنية لمواكبة التطورات
يشمل التقرير أيضاً مراجعة شاملة لقانون الخدمة المدنية رقم 15 لسنة 1979 والمرسوم الخاص بنظام الخدمة المدنية وتعديلاتهما. بعد مرور أكثر من 46 عاماً على تطبيق هذه القوانين، يرى المجلس الأعلى للقضاء ضرورة تقييمها وتحديثها لتتماشى مع التغيرات التي طرأت على المجتمع والدولة. ويشمل ذلك التطورات في نظرية المرفق العام، والتقدم الرقمي، ومتطلبات الحوكمة في العمل الإداري.
وقد كلف رئيس المجلس الأعلى للقضاء، المستشار د. عادل بورسلي، فريقاً من المستشارين وأعضاء المجلس ورئيس المكتب الفني لمحكمة التمييز بتقديم مقترحاتهم وملاحظاتهم حول هذا التقييم. سيتم خلال هذه المراجعة استطلاع آراء القضاة والمستشارين، وخاصة العاملين في الدوائر الإدارية وأعضاء النيابة العامة، لضمان شمولية الدراسة وواقعيتها. تعتبر هذه الخطوة جزءاً من جهود أوسع لتطوير المنظومة القضائية في الكويت.
ويأتي هذا التقرير في وقت تشهد فيه الكويت تطورات متسارعة في مختلف المجالات، مما يستدعي تحديث القوانين والتشريعات لمواكبة هذه التطورات. كما أنه يعكس حرص المجلس الأعلى للقضاء على ضمان استقلالية القضاء ونزاهته، وتعزيز ثقة المواطنين في النظام القضائي. وتعد هذه المقترحات بمثابة خطوة نحو تحقيق شفافية أكبر في الإجراءات القضائية.
من المتوقع أن يتم عرض نتائج الدراسة والتعديلات المقترحة على المجلس الأعلى للقضاء في أقرب وقت ممكن. بعد ذلك، سيتم رفعها إلى مجلس الوزراء لإقرارها وتحويلها إلى قوانين نافذة. يبقى أن نرى مدى استجابة الحكومة لهذه المقترحات، والجدول الزمني المتوقع لتنفيذها. وسيكون من المهم متابعة تطورات هذا الملف، وتقييم أثر هذه التعديلات على كفاءة القضاء وسرعة التقاضي في الكويت.




