الأمم المتحدة تحذر من تأثير نقص التمويل على عودة اللاجئين السوريين

حذرت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين من أن نقص التمويل العالمي قد يعيق عودة اللاجئين السوريين إلى وطنهم، على الرغم من عودة أكثر من ثلاثة ملايين سوري منذ نهاية الأزمة. يأتي هذا التحذير في الوقت الذي تسعى فيه سوريا للتعافي بعد فترة طويلة من الصراع، ولكن تواجه تحديات كبيرة في توفير الدعم اللازم للمواطنين العائدين.
وأفادت المفوضية بأن حوالي مليون و200 ألف لاجئ، بالإضافة إلى مليون و900 ألف نازح داخلي، عادوا إلى سوريا في العام الماضي بعد التطورات الأخيرة، لكن أعدادًا كبيرة لا تزال غير قادرة على العودة بسبب الظروف المعيشية والاقتصادية الصعبة. هذا الوضع يثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار في سوريا واحتمالية حدوث موجات نزوح جديدة.
تحديات تواجه عودة اللاجئين السوريين
وشدد المفوض السامي للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، فيليبو غراندي، على الحاجة الماسة لتوفير دعم مالي ولوجستي أكبر لضمان استمرارية عودة اللاجئين بشكل آمن ومستدام. وأعرب عن قلقه من قدرة المجتمع الدولي على تلبية احتياجات سوريا المتزايدة في هذه المرحلة الحاسمة.
وتشير التقديرات إلى أن حوالي 5 ملايين لاجئ سوري لا يزالون في الخارج، معظمهم في الدول المجاورة مثل الأردن ولبنان وتركيا، بالإضافة إلى دول أوروبية. هؤلاء اللاجئون يعانون من ظروف صعبة ويفتقرون إلى العديد من الخدمات الأساسية، مما يجعل عودتهم أكثر تعقيدًا.
نقص التمويل والأثر الإنساني
وتواجه جهود الاستجابة الإنسانية في سوريا نقصًا حادًا في التمويل، حيث لم يتم تمويل سوى 29% من الاحتياجات المقدرة بـ 3.19 مليار دولار لهذا العام. وقد أدى ذلك إلى تقليص المساعدات في مجالات حيوية مثل الغذاء والصحة والمأوى، مما يزيد من معاناة السكان.
بالإضافة إلى ذلك، أعلنت العديد من الدول المانحة، بما في ذلك الولايات المتحدة، عن إجراء تخفيضات كبيرة في المساعدات الخارجية، مما يفاقم أزمة التمويل في سوريا. هذا النقص في التمويل يؤثر بشكل مباشر على قدرة المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدة للمحتاجين.
إزالة الألغام وتدهور الخدمات
وأكدت منظمة الإنسانية والإدماج الإغاثية أن بطء وتيرة إزالة الذخائر غير المنفجرة يشكل عائقًا كبيرًا أمام التعافي وإعادة الإعمار. وتشير تقديرات المنظمة إلى أن التمويل المخصص لجهود إزالة الألغام لا يتجاوز 13% من الحاجة الفعلية.
وقد أدى ذلك إلى وقوع أكثر من 1500 حالة وفاة وإصابة بسبب الألغام خلال العام الماضي، مما يعيق عودة السكان إلى مناطقهم وتنمية الأراضي الزراعية. بالإضافة إلى ذلك، تواجه سوريا تحديات كبيرة في توفير الخدمات الأساسية مثل الرعاية الصحية والتعليم.
وأشارت منظمة الصحة العالمية إلى وجود فجوة متزايدة في الخدمات الصحية بسبب تقليص المساعدات قبل أن تتمكن الحكومة السورية من تقديم الدعم الكافي للمؤسسات الصحية. ووفقًا للتقارير، تعمل 58% فقط من المستشفيات بكامل طاقتها، ويعاني بعضها من انقطاع التيار الكهربائي، مما يؤثر على سلسلة التبريد الخاصة باللقاحات وأدوية الأمراض المزمنة.
المستقبل والخطوات القادمة
يواجه ملف اللاجئين السوريين تحديات معقدة تتطلب تضافر جهود المجتمع الدولي والحكومة السورية والمنظمات الإنسانية. وتعتبر زيادة التمويل الإنساني وتوفير الدعم اللازم لإعادة الإعمار وإزالة الألغام من الأولويات الرئيسية لضمان عودة آمنة ومستدامة للاجئين والنازحين.
بالنظر إلى الوضع الحالي، من المتوقع أن تتصاعد الدعوات لتقديم المزيد من المساعدات لسوريا في الأشهر القادمة، خاصة مع اقتراب فصل الشتاء وتزايد الاحتياجات الإنسانية. سيتطلب ذلك تحركًا عاجلًا من قبل الدول المانحة لتقديم التمويل الكافي وتلبية الاحتياجات المتزايدة للسوريين.
من المهم متابعة تطورات الوضع الإنساني في سوريا ومراجعة استراتيجيات الاستجابة الإنسانية بشكل دوري لضمان فعاليتها. كما يجب التركيز على تعزيز التعاون بين جميع الأطراف المعنية لتقديم المساعدة للمحتاجين وتحقيق الاستقرار في البلاد. الوضع الإنساني في سوريا يتطلب دعمًا مستمرًا وحلولًا طويلة الأمد لضمان مستقبل أفضل للشعب السوري.





