الأمم المتحدة تحذر من تزايد أعداد الجوعى في أفغانستان

حذر برنامج الأغذية العالمي (WFP) من تدهور حاد في الأمن الغذائي في أفغانستان، حيث يواجه أكثر من 17 مليون شخص خطرًا وشيكًا من الجوع هذا الشتاء. يمثل هذا الرقم زيادة مقلقة بأكثر من ثلاثة ملايين شخص مقارنة بالعام الماضي، مما يسلط الضوء على تفاقم الأزمة الإنسانية في البلاد. وتأتي هذه التحذيرات في وقت تشهد فيه أفغانستان تحديات اقتصادية وجيوسياسية متزايدة.
تدهور الوضع الغذائي في أفغانستان
أفاد برنامج الأغذية العالمي بأن سوء التغذية بين الأطفال في أفغانستان من المتوقع أن يرتفع بشكل كبير، ليطال حوالي 4 ملايين طفل خلال العام المقبل. ويعتبر هذا المستوى من سوء التغذية هو الأعلى منذ عقود، مما يهدد صحة ورفاهية جيل كامل. ويعزى هذا الارتفاع إلى مجموعة من العوامل المتداخلة، بما في ذلك الجفاف والفقر والنزاعات.
أسباب تفاقم الأزمة
أشار جون إيليف، مدير برنامج الأغذية العالمي في أفغانستان، إلى أن فرق البرنامج ترصد حالات لعائلات غير قادرة على توفير الغذاء لأيام، وتضطر إلى اتخاذ إجراءات يائسة للبقاء على قيد الحياة. وقد أثر الجفاف على نصف البلاد، مما أدى إلى تدمير المحاصيل الزراعية وتفاقم نقص الغذاء. بالإضافة إلى ذلك، أدى تدهور الوضع الاقتصادي إلى فقدان الوظائف وانخفاض الدخول، مما جعل الحصول على الغذاء أكثر صعوبة بالنسبة للعديد من الأسر.
كما ساهمت الزلازل الأخيرة في زيادة الاحتياجات الإنسانية، حيث أدت إلى نزوح آلاف الأسر من منازلها. وعمليات الإعادة القسرية من باكستان وإيران أدت إلى عودة حوالي 2.5 مليون شخص إلى أفغانستان منذ بداية العام، ومعظمهم يعيشون في فقر مدقع. ويتوقع أن يستمر تدفق العائدين في عام 2026، مما يزيد من الضغط على الموارد المحدودة.
الأمن الغذائي في أفغانستان يعاني أيضًا من نقص حاد في التمويل المخصص للبرامج الإنسانية، مما يحد من قدرة المنظمات على تقديم المساعدة اللازمة. هذا النقص في التمويل يعرض حياة الملايين للخطر، خاصةً خلال أشهر الشتاء القاسية.
تأثيرات الأزمة الإنسانية
تتجاوز تأثيرات الأمن الغذائي المتدهور مجرد نقص الغذاء. فارتفاع معدلات سوء التغذية يؤدي إلى ضعف جهاز المناعة لدى الأطفال، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والوفاة. كما يؤثر نقص الغذاء على النمو البدني والعقلي للأطفال، مما قد يكون له عواقب طويلة الأمد على مستقبلهم. بالإضافة إلى ذلك، يمكن أن يؤدي نقص الغذاء إلى تفاقم التوترات الاجتماعية وزيادة خطر النزاعات.
وتشير التقارير إلى أن الوضع يزداد سوءًا في المناطق الريفية والنائية، حيث يعتمد السكان بشكل كبير على الزراعة وتربية الحيوانات. فقدان المحاصيل وتدهور الأراضي الزراعية أدى إلى تفاقم الفقر والجوع في هذه المناطق. كما أن محدودية الوصول إلى الخدمات الصحية والمياه النظيفة تزيد من تفاقم الوضع.
الوضع الاقتصادي العام في أفغانستان هش للغاية، ويعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية. تراجع المساعدات الدولية أدى إلى تفاقم الأزمة الاقتصادية، مما أثر على جميع جوانب الحياة في البلاد. وتواجه الحكومة الأفغانية تحديات كبيرة في توفير الخدمات الأساسية وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين.
الاحتياجات العاجلة والخطوات المستقبلية
أكد برنامج الأغذية العالمي أنه يحتاج إلى 468 مليون دولار بشكل عاجل لتقديم مساعدات غذائية منقذة للحياة لنحو 6 ملايين شخص من الأكثر ضعفًا. تهدف هذه المساعدات إلى تخفيف آثار الشتاء القاسي ومنع تفاقم الأزمة. ويحث البرنامج المجتمع الدولي على زيادة التمويل المخصص لأفغانستان، وإعادة النظر في أولوياته الإنسانية.
في الوقت الحالي، يركز برنامج الأغذية العالمي على توزيع المساعدات الغذائية على الأسر الأكثر احتياجًا، وتوفير العلاج للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية الحاد. كما يعمل البرنامج على دعم المزارعين المحليين وتحسين إنتاجية المحاصيل الزراعية. ومع ذلك، فإن هذه الجهود لا تكفي لمواجهة حجم الأزمة.
من المتوقع أن يستمر الوضع الإنساني في أفغانستان في التدهور خلال الأشهر المقبلة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة. سيكون من الضروري مراقبة تطورات الوضع الاقتصادي والسياسي، وتقييم الاحتياجات الإنسانية بشكل مستمر. كما سيكون من المهم ضمان وصول المساعدات الإنسانية إلى جميع المناطق المحتاجة، دون أي عوائق.





