Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
منوعات

الأمير أحمد الزبير السنوسي: ضمير الحلم الدستوري الليبي

تحالفه الراسخ مع ولي العهد الأمير محمد السنوسي والنضال من أجل استعادة النظام الملكي في ليبيا

في المسار الطويل والمؤلم لتاريخ ليبيا الحديث، يبرز الأمير أحمد الزبير السنوسي كشاهد حي وضمير وطني. فهو ابن شقيق الملك إدريس الأول وأحد أبرز رموز العائلة السنوسية العريقة، ويُنظر إليه باحترام واسع ليس فقط بصفته أقدم سجين سياسي في تاريخ ليبيا، بل أيضًا كمدافع لا يكل عن العودة إلى الشرعية الدستورية والكرامة الوطنية.

ومع ذلك، فإن إرثه لا يُحمل بمفرده. ففي السنوات الأخيرة، توحدت رؤيته السياسية مع رؤية ابن عمه ووريث العرش السياسي، ولي العهد الأمير محمد السنوسي، الذي برز كرمز حديث للنظام الملكي الدستوري الليبي في المنفى. ويشكل الرجلان معًا تحالفًا تاريخيًا واستراتيجيًا—قائمًا على النسب المشترك، والرؤية الموحدة، والإيمان العميق بالحاجة إلى إعادة الشرعية إلى وطن منقسم.

صوت من أجل الدستور المنسي

إن إيمان الأمير أحمد بالنظام الملكي لا ينبع من الحنين إلى الماضي أو الطموح الشخصي، بل من التزام ثابت بدستور عام 1951—ذلك الدستور الذي وُلدت بموجبه المملكة الليبية المستقلة بقيادة الملك إدريس، والذي تم إعداده بتوافق واسع ودعم دولي، ووضع أسس نظام اتحادي يكفل الحريات ويوازن بين السلطات.

وبعد الإطاحة بالنظام الملكي على يد معمر القذافي عام 1969، لم يكتف النظام الجديد بإلغاء المؤسسات الملكية، بل استبدل الحكم الدستوري بقبضة استبدادية. ولم يمضِ وقت طويل حتى تم اعتقال الأمير أحمد عام 1970 بتهمة التآمر على النظام، ليقضي 31 عامًا في السجن، معظمها في الحبس الانفرادي. لقد أصبح رمزًا للمقاومة المبدئية.

ومع إطلاق سراحه في عام 2001، لم يدعُ الأمير أحمد إلى الانتقام، بل جدد نداءه بالعودة إلى دستور 1951، مؤكدًا أن ليبيا لا يمكن أن تجد السلام أو الوحدة دون الرجوع إلى الإطار القانوني والسياسي الشرعي الذي تأسست عليه.

تحالف استراتيجي: الأمير أحمد وولي العهد محمد السنوسي

بينما أصبح الأمير أحمد رمزًا للصمود داخل البلاد، برز ولي العهد الأمير محمد السنوسي كصوت النظام الملكي في المحافل الدولية. فقد وُلد في المنفى وتربى في ظل تهجير عائلته، وكرّس جهوده بهدوء لبناء دعم دولي لفكرة العودة إلى النظام الملكي الدستوري كطريق واقعي للخروج من الفوضى الليبية.

وتتجاوز العلاقة بينهما الطابع العائلي، فهي علاقة استراتيجية. فقد عبّر الأمير أحمد مرارًا عن دعمه الكامل للأمير محمد كـوريث شرعي للملك إدريس، وكممثل قادر على توحيد الليبيين وتولي منصب رمزي فوق التجاذبات السياسية. هذا الرابط يمثل استمرارية القيادة السنوسية عبر الأجيال—جيل صقلته السجون والحرمان، وآخر شكّله المنفى والدبلوماسية.

من جهته، لم يتوقف الأمير محمد عن الإشادة بالأمير أحمد، واصفًا إياه بأنه “كنز وطني ومناضل من أجل الحرية، يلهم الأجيال بثباته الأخلاقي”. وقد اعتبر أن سَجن الأمير أحمد لم يكن هزيمة، بل فصلًا ناصعًا في تاريخ المقاومة الليبية. كما قام الأمير محمد بعدة جولات ولقاءات مع زعماء القبائل والجاليات الليبية في الداخل والخارج، داعيًا إلى استفتاء شعبي على العودة إلى دستور 1951 في إطار نظام ملكي دستوري.

وحدة عبر الإرث

ويعكس هذا التحالف الراسخ بين الأميرين إيمانًا مستمرًا بأن ليبيا ليست بحاجة إلى اختراع نظام جديد من العدم، بل إلى العودة إلى نظام أثبت نجاحه. ففي بلد ممزق بالميليشيات والتدخلات الأجنبية والشرعيات المتعددة، يُعد النظام الملكي السنوسي المؤسسة الوطنية الوحيدة التي نجحت في توحيد برقة وطرابلس وفزان تحت راية واحدة.

واليوم، بينما لا تزال ليبيا تتخبط في أزمات سياسية وأمنية متلاحقة، ينظر كثير من الليبيين إلى النظام الملكي ليس كحلم بعيد، بل كحل عملي يقوم على الشرعية والتاريخ والهوية الوطنية. ورؤية الأمير أحمد، التي يردد صداها الأمير محمد، تضع المصالحة وحكم القانون في قلب مشروع استعادة الدولة.

دعاء شعب لأميرٍ من رموزه

وقد أثار نبأ تدهور الحالة الصحية للأمير أحمد مؤخرًا موجة من التعاطف والقلق داخل ليبيا وخارجها. وكان من بين الزائرين له ولي العهد الأمير محمد السنوسي، الذي دعا الليبيين إلى التضرع لله من أجل شفائه، وأشاد مرة أخرى بإرثه النضالي ومكانته الوطنية.

وفيما يواصل الأمير أحمد رحلة علاجه، تحيط به دعوات الملايين وإعجاب أمة—وبجانبه يقف الرجل الذي قد يُكمل المهمة التي بدأها قبل أكثر من نصف قرن. معًا، يمثل الأمير أحمد والأمير محمد جسرًا بين الماضي والمستقبل، بين الذاكرة والأمل.

وفي بلد لا يزال يبحث عن بوصلته، تبقى الأسماء: السنوسي، أحمد، ومحمد، لا تُجسد التاريخ فحسب، بل الإمكانية أيضًا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى