الأمين العام للناتو: الحرب قد تضرب كل بيت في أوروبا

حذّر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته من أن حربًا عالمية قد تندلع مع روسيا، مهددًا كل بيت في أوروبا بدمار هائل. جاءت هذه التحذيرات في ظل تصاعد التوترات بين الناتو وروسيا، وتزايد المخاوف بشأن استعداد أوروبا لمواجهة سيناريو تصعيد عسكري واسع النطاق. ودعا روته إلى الاستعداد لهذا الاحتمال، مشيرًا إلى أن روسيا تعتبر دول الناتو هدفًا محتملاً.
أدلى روته بهذه التصريحات خلال كلمة له في برلين، الخميس، مؤكدًا أن الحرب المحتملة قد تتسبب في نزوح ملايين الأشخاص ومعاناة واسعة النطاق وخسائر فادحة. وتأتي هذه التحذيرات بعد سلسلة من الحوادث التي فاقمت التوترات، بما في ذلك مقتل جندي بريطاني في ظروف غامضة وحوادث رصد لمسيرات روسية في أجواء دول الناتو.
تصاعد التوتر وتأثيره على الأمن الأوروبي
تأتي تصريحات الأمين العام للناتو في وقت يشهد فيه الأمن الأوروبي تدهورًا ملحوظًا. فقد ألقى موقع “آي بيبر” البريطاني الضوء على هذه التصريحات، مشيرًا إلى أن روسيا اتهمت بريطانيا بدعم أوكرانيا في تنفيذ “هجمات إرهابية”. وردت لندن بتأكيد مسؤولية روسيا عن “الحرب غير القانونية” في أوكرانيا. هذا التبادل الحاد للاتهامات يعكس حالة من عدم الثقة المتزايدة بين الطرفين.
بالإضافة إلى ذلك، كشفت وزارة الدفاع البريطانية عن قيام غواصة روسية بـ”عملية” في القنال الإنجليزي على مدى ثلاثة أيام، مما استدعى تدخل مروحية من طراز “ميرلين” وسفينة تابعة للأسطول البريطاني بالتنسيق مع قوات الناتو. وأشارت الوزارة إلى ارتفاع نسبة مرور السفن الروسية في المياه البريطانية بنسبة 30% خلال العامين الماضيين، مما يعزز المخاوف بشأن النوايا الروسية.
حوادث المسيرات وتأثيرها على التأهب الأمني
في سياق متصل، تعرضت دول الناتو مؤخرًا لاختراقات متكررة بمسيّرات يُعتقد أنها روسية، مما أثار استنفارًا أمنيًا واسعًا في القارة. ورُصدت هذه المسيرات في 15 دولة من دول الناتو، بما في ذلك ألمانيا وبلجيكا، وحلقت قرب مطارات ومواقع عسكرية، مما أدى إلى إغلاق مؤقت للمجال الجوي وتعطيل حركة النقل.
وحذر الخبير العسكري والجنرال السابق في الجيش الفرنسي فرانسوا شوفانسي من أن أوروبا لم تعد قادرة على اعتبار نفسها في مأمن من الصراعات. وأكد شوفانسي أن تجنب الحرب لا يتحقق بالكلام، بل بإظهار القوة، مشيرًا إلى أن معظم دول أوروبا تتجه نحو إعادة التسلح.
الاستعداد لمواجهة سيناريوهات التصعيد
تأتي هذه التطورات في ظل مناقشات جارية بين بريطانيا وحلفائها الأوروبيين حول شروط صفقة سلام محتملة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، برعاية الولايات المتحدة. وأكد رئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر أن لندن ستواصل الضغط على موسكو ودعم كييف “ما دام ذلك ضروريًا”، مشيرًا إلى استعداد بريطانيا للمشاركة في قوة حفظ سلام محتملة إذا توقفت الأعمال القتالية.
ويرى محللون أن تصريحات روته تهدف إلى إرسال رسالة واضحة إلى روسيا بشأن جدية الناتو في الدفاع عن أراضيه وحلفائه. كما أنها تهدف إلى حث الدول الأوروبية على زيادة إنفاقها الدفاعي وتعزيز قدراتها العسكرية، في ظل تزايد المخاوف بشأن التهديد الروسي.
الناتو يواجه تحديات متزايدة في ظل التوترات الجيوسياسية الحالية. وتشير التقديرات إلى أن أوروبا بحاجة إلى زيادة كبيرة في إنفاقها الدفاعي لضمان قدرتها على ردع أي عدوان محتمل. وتشمل هذه الزيادة الاستثمار في الأسلحة والمعدات العسكرية، بالإضافة إلى تطوير القدرات السيبرانية والاستخباراتية.
وفي الوقت نفسه، يواصل الناتو جهوده الدبلوماسية لتهدئة التوترات مع روسيا، من خلال الحوار والتفاوض. ومع ذلك، يرى بعض المحللين أن هذه الجهود قد تكون محدودة الفعالية في ظل استمرار الخلافات العميقة بين الطرفين.
من المتوقع أن يناقش وزراء دفاع الناتو هذه التطورات خلال اجتماعهم القادم في بروكسل، في محاولة لتقييم المخاطر وتحديد الخطوات اللازمة لتعزيز الأمن الأوروبي. وستركز المناقشات على سبل تعزيز الردع الجماعي للناتو، بالإضافة إلى تطوير خطط الطوارئ لمواجهة أي سيناريو تصعيد محتمل. يبقى الوضع متقلبًا، ويتطلب مراقبة دقيقة وتنسيقًا وثيقًا بين الحلفاء.





