أعلنت وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين في الشرق الأدنى (الأونروا) عن ارتفاع مقلق في حالات سوء التغذية الحادة بين الأطفال في قطاع غزة. حيث أكدت الوكالة تشخيص 508 أطفال على الأقل بهذه الحالة، مما يثير مخاوف جدية بشأن الأزمة الإنسانية المتفاقمة في المنطقة. هذا الوضع يتزامن مع تحذيرات الأونروا من نقص حاد في التمويل يعيق قدرتها على تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين.
يأتي هذا الإعلان بعد فترة طويلة من الصراع والقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع في غزة، بينما تواجه الوكالة صعوبات متزايدة في جمع التبرعات. وقال المتحدث باسم الأونروا، الدكتور عدنان أبو حسنة، إن الوكالة تمرّ بظروف صعبة تتطلب تدخلًا عاجلاً لتجنب تدهور الأوضاع المعيشية للاجئين. صوّتت الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤخرًا لصالح تمديد ولاية الأونروا لثلاث سنوات، وهو ما اعتبرته الوكالة دعمًا دوليًا مهمًا.
الأونروا وسوء التغذية في غزة: أزمة متفاقمة
يعكس ارتفاع حالات سوء التغذية الحادة بين الأطفال في غزة، والتي تشمل حالات خطيرة تتطلب علاجًا فوريًا، تأثيرًا تراكميًا للظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة. تعتمد نسبة كبيرة من سكان غزة على المساعدات الإنسانية لتلبية احتياجاتهم الأساسية، بما في ذلك الغذاء. تؤدي القيود على الوصول إلى الغذاء، بالإضافة إلى ارتفاع أسعاره بسبب الأوضاع الإقليمية والعالمية، إلى تفاقم مشكلة سوء التغذية.
أسباب تفاقم الأزمة
تتعدد العوامل التي ساهمت في هذا الوضع، بما في ذلك:
- الحصار المستمر على قطاع غزة والذي أثر بشكل كبير على الاقتصاد المحلي.
- النزاعات المتكررة التي أدت إلى تدمير البنية التحتية وتعطيل الخدمات.
- الوضع الاقتصادي العام في فلسطين، والذي يعاني من ارتفاع معدلات البطالة والفقر.
- نقص التمويل الذي تواجهه الأونروا، مما يحد من قدرتها على تقديم المساعدات الغذائية والصحية.
تعمل الأونروا في غزة منذ عام 1949، حيث تقدم خدمات أساسية للاجئين الفلسطينيين في مجالات التعليم والصحة والإغاثة. تعتبر الوكالة شريان الحياة للعديد من العائلات في القطاع، ولكنها تواجه تحديات متزايدة في ظل نقص التمويل والظروف السياسية المعقدة. تعتمد الأونروا بشكل كبير على التبرعات الطوعية من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
صرحت الوكالة بأنها قامت بتوسيع نطاق برامجها الغذائية والصحية لمواجهة الزيادة في حالات سوء التغذية. ومع ذلك، فإن هذه البرامج لا تزال غير كافية لتلبية الاحتياجات المتزايدة، خاصة مع محدودية الموارد المتاحة. وتشير تقارير إلى أن هناك حاجة ماسة لزيادة الدعم المالي والإنساني لضمان حصول الأطفال على الرعاية اللازمة.
بالإضافة إلى سوء التغذية الحادة، هناك مخاوف متزايدة بشأن انتشار حالات التقزم بين الأطفال في غزة، وهي حالة ناتجة عن سوء التغذية المزمن. يؤثر التقزم على النمو البدني والعقلي للأطفال، ويمكن أن يكون له عواقب وخيمة على صحتهم ومستقبلهم. تعتبر مكافحة سوء التغذية والتقزم من الأولويات الرئيسية للأونروا والمنظمات الإنسانية العاملة في غزة.
تعتبر قضية اللاجئين الفلسطينيين من القضايا المعلقة منذ عقود، وتتطلب حلولًا سياسية واقتصادية مستدامة. في غضون ذلك، تواصل الأونروا تقديم المساعدات الإنسانية للاجئين، وتسعى جاهدة لتحسين ظروفهم المعيشية. الأونروا تواجه تحديات كبيرة في تنفيذ مهامها، ولكنها تظل ملتزمة بتقديم الدعم اللازم للفلسطينيين.
الوضع الإنساني في غزة يثير قلقًا دوليًا متزايدًا، حيث يدعو العديد من المنظمات الحقوقية والإنسانية إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لإنقاذ حياة المدنيين. وتشير تقديرات إلى أن أكثر من 80% من سكان غزة يعيشون تحت خط الفقر، وأن نسبة البطالة تتجاوز 50%. هذه الأرقام تعكس حجم المعاناة التي يعيشها الفلسطينيون في القطاع.
مساعدات غذائية عاجلة مطلوبة لتلبية الاحتياجات المتزايدة للأطفال والأسر المحتاجة في غزة. وتدعو الأونروا إلى زيادة التبرعات الطوعية لتمكينها من توسيع نطاق برامجها الغذائية والصحية. كما تشدد الوكالة على أهمية رفع القيود المفروضة على حركة البضائع والأشخاص في القطاع، لتسهيل وصول المساعدات الإنسانية.
ستستمر الجمعية العامة للأمم المتحدة في مراقبة الوضع في غزة وتقييم احتياجات اللاجئين الفلسطينيين. من المتوقع أن تقدم الأونروا تقارير دورية عن جهودها في تقديم المساعدات الإنسانية، والتحديات التي تواجهها. يبقى مستقبل الأونروا واللاجئين الفلسطينيين رهنًا بالقرارات السياسية والاقتصادية التي ستتخذها الدول الأعضاء في الأمم المتحدة.
