الإفراج عن 5 قياديين بحركة النهضة في تونس

أفرجت السلطات التونسية، يوم الجمعة الموافق 22 نوفمبر 2025، عن خمسة قياديين في حركة النهضة بعد أكثر من عام من الاعتقال على ذمة قضايا تتعلق بـ”التآمر على أمن الدولة”. يأتي هذا الإفراج في ظل تصاعد الاحتجاجات الشعبية في العاصمة تونس، حيث تظاهر المئات للتعبير عن رفضهم لسجن المعارضين والمطالبة باحترام حقوق الإنسان. وتعتبر قضية المعتقلين السياسيين من أبرز القضايا التي تشغل الرأي العام التونسي.
وأكدت القيادية في جبهة الخلاص الوطني، شيماء عيسى، إطلاق سراح كل من محمد القلوي، ومحمد علي بوخاتم، وتوفيق بن عمار، وابنه شعيب بن عمار، ولطفي كمون. ويأتي هذا التطور بعد فترة طويلة من المطالبات بالإفراج عن المعتقلين من قبل منظمات حقوقية وقوى معارضة، والتي اعتبرت أن الاعتقالات ذات دوافع سياسية.
تهم بالتآمر وأبعادها السياسية
كان الرئيس قيس سعيد قد اتهم بعض الموقوفين بـ”التآمر على أمن الدولة” والوقوف وراء أزمات اقتصادية واجتماعية، إلا أن المعارضة تنفي بشدة هذه الاتهامات وتصفها بالملفقة. وتؤكد قوى المعارضة أن هذه الإجراءات تندرج ضمن حملة قمع تستهدف معارضي الرئيس وتهدف إلى تكميم الأفواه.
وتشمل قائمة الموقوفين شخصيات بارزة في حركة النهضة، بما في ذلك رئيسها راشد الغنوشي، ورئيس مجلس الشورى السابق عبد الكريم الهاروني، ورئيس الحكومة الأسبق علي العريض، ووزير العدل السابق نور الدين البحيري، وأمين عام الحركة العجمي الوريمي. وقد أثارت هذه الاعتقالات موجة انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوقية دولية ومحلية.
وتعتبر قضية “التآمر على أمن الدولة” من القضايا المعقدة التي تتطلب تحقيقًا شفافًا ونزيهًا، وفقًا لمبادئ القانون والدستور. ويرى مراقبون أن هذه القضية تمثل اختبارًا حقيقيًا لاستقلالية القضاء في تونس.
احتجاجات شعبية وتصاعد الغضب
تزامناً مع إفراج محدود عن بعض القياديين، شهدت العاصمة التونسية مسيرة حاشدة تحت شعار “مسيرة ضد الظلم”، انطلقت من ساحة حقوق الإنسان. شارك في المسيرة مئات المحتجين من مختلف القوى السياسية والمدنية والحقوقية، للتعبير عن رفضهم للاعتقالات التعسفية والمطالبة بإطلاق سراح جميع المعتقلين السياسيين.
ورفع المحتجون شعارات منددة بالظلم والقمع، ومطالبة بالحرية والديمقراطية. كما عبروا عن غضبهم من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية في البلاد، وارتفاع معدلات البطالة والفقر. وتشهد تونس أزمة اقتصادية حادة منذ سنوات، تفاقمت بسبب جائحة كوفيد-19 والحرب في أوكرانيا.
وتأتي هذه الاحتجاجات في سياق تصاعد الغضب الشعبي من الإجراءات الاستثنائية التي اتخذها الرئيس قيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، والتي شملت حل مجلسي القضاء والبرلمان، وإصدار تشريعات بأوامر رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء شعبي. وتعتبر قوى سياسية هذه الإجراءات “انقلابًا على دستور الثورة” وتكريسًا لحكم فردي مطلق.
ردود الفعل الدولية والمحلية
أعربت العديد من المنظمات الدولية والحقوقية عن قلقها إزاء الأوضاع في تونس، ودعت إلى احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية. كما طالبت بإجراء تحقيق مستقل في مزاعم التعذيب وسوء المعاملة التي تعرض لها بعض المعتقلين.
على الصعيد المحلي، انقسمت الآراء حول التطورات الأخيرة. فبينما ترى قوى المعارضة أن هذه الإجراءات تمثل تهديدًا للديمقراطية، تعتبر قوى أخرى أنها ضرورية لتصحيح مسار الثورة وتحقيق الاستقرار السياسي والاقتصادي.
من المتوقع أن تستمر الاحتجاجات والمطالبات بالإفراج عن جميع المعتقلين السياسيين في تونس. كما من المتوقع أن تشهد القضية تطورات جديدة في الأيام والأسابيع القادمة، خاصة مع اقتراب موعد الاستئناف على الأحكام الأولية الصادرة في قضية “التآمر على أمن الدولة”. ويراقب المراقبون عن كثب التطورات السياسية والقانونية في البلاد، ويخشون من أن تؤدي هذه التطورات إلى مزيد من التوتر وعدم الاستقرار.





