على وقع احتجاجات.. عباس يصدر بيانا عن رواتب الأسرى ومؤسسة “تمكين”

رام الله – تشهد الأراضي الفلسطينية توترًا متزايدًا على خلفية قرار الحكومة الفلسطينية بوقف صرف مخصصات الأسرى والشهداء، وهو ما أثار موجة احتجاجات واسعة في عدة محافظات. وقد أصدر الرئيس محمود عباس بيانًا رسميًا يوضح أسباب هذا القرار، ودور مؤسسة “تمكين” في إدارة هذه الملفات، مؤكدًا أن ذلك يأتي ضمن برنامج شامل للإصلاح تتبناه القيادة الفلسطينية. وتعتبر قضية مخصصات الأسرى من القضايا الحساسة والمهمة في المجتمع الفلسطيني.
شهدت مدينتا رام الله ونابلس اليوم الأربعاء وقفات احتجاجية واعتصامات لعائلات الأسرى والشهداء والجرحى، تعبيرًا عن رفضهم لقطع الرواتب التي كانت تصرف لهم من قبل مؤسسة “تمكين”. وقد أغلقت العائلات شوارع رئيسية في نابلس، وأشعل بعض المحتجين إطارات السيارات احتجاجًا على ما وصفوه بتجاهل قضاياهم الاجتماعية والإنسانية.
بيان الرئيس وتوضيح دور “تمكين”
أكد الرئيس عباس في بيانه أن الوفاء بتضحيات الأسرى والشهداء والجرحى هو التزام وطني وأخلاقي راسخ، وأن هذا الالتزام لا يخضع لأي مزايدة أو استثمار سياسي. وأوضح أن القرار بقانون رقم (4) لسنة 2025، والذي يتعلق بتوحيد برامج الحماية والرعاية الاجتماعية تحت إدارة مؤسسة “تمكين”، يهدف إلى ضمان العدالة والشفافية والاستدامة في تقديم المخصصات.
وأضاف البيان أن مؤسسة “تمكين” هي مؤسسة وطنية رسمية تعمل على تنفيذ السياسات والقرارات الصادرة وفقًا لأحكام القانون، ولا تمتلك أي صلاحيات تشريعية أو سياسية. وشدد الرئيس على أن تحميل المؤسسة مسؤوليات خارج نطاق دورها القانوني يعتبر خلطًا للأوراق وإضرارًا بمؤسسة وطنية تعمل في إطار منظومة الإصلاح.
خلفية القرار وتداعياته
يأتي هذا القرار في ظل ضغوط مالية واقتصادية كبيرة تواجهها السلطة الفلسطينية، بالإضافة إلى الضغوطات السياسية والإسرائيلية والأمريكية المتزايدة لوقف صرف المخصصات للأسرى وعائلاتهم. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي المبالغ المدفوعة كمخصصات للأسرى والشهداء والجرحى وعائلاتهم تصل إلى عشرات الملايين من الشواكل شهريًا.
في فبراير/شباط الماضي، أصدر الرئيس عباس مرسومًا رئاسيًا بإلغاء المواد القانونية المتعلقة بنظام دفع المخصصات المالية، وإحالة صلاحيات كافة برامج الحماية والرعاية الاجتماعية إلى مؤسسة “تمكين”. وقد أثار هذا المرسوم انتقادات واسعة من مختلف الفصائل الفلسطينية وعائلات الأسرى.
غضب شعبي وتصعيد احتجاجي
تصاعد الغضب الشعبي بعد أن دعت مؤسسة “تمكين” المستفيدين من برنامج الحماية الاجتماعية إلى التوجه إلى البنوك لتسلم مستحقاتهم، لكن عائلات الأسرى والشهداء لم تجد أي مبالغ مالية في حساباتهم. وقد أدى ذلك إلى اتهامات للمؤسسة بالتقصير والتجاهل، وتأجيج المشاعر السلبية لدى عائلات الأسرى.
بالتوازي مع الاحتجاجات، طالبت العائلات المعتصمة بالضغط على منظمة الصليب الأحمر الدولي لتمكينها من زيارة أبنائها في سجون الاحتلال، واستعادة جثامين الشهداء المحتجزة لدى إسرائيل. وتعتبر قضية الأسرى والشهداء من القضايا الوطنية المركزية في الذاكرة الفلسطينية.
ردود الفعل الرسمية
انتقد رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين رائد أبو الحمص سياسات مؤسسة “تمكين”، داعيًا إلى استبعادها عن إدارة ملف مخصصات الأسرى والشهداء. وأكد أن الأسرى والجرحى وعائلات الشهداء ليسوا مجرد حالات اجتماعية، بل هم جزء أساسي من النضال الفلسطيني.
وفي سياق متصل، أصدر عضو اللجنة المركزية لحركة فتح توفيق الطيراوي بيانًا يدعو إلى وقف الاستمارات التي تطلبها “تمكين” من الأسرى وعائلاتهم، معتبرًا أنها تمس بكرامة المناضلين وتاريخهم النضالي.
الوضع المستقبلي والمستجدات
من المتوقع أن يستمر التوتر والاحتجاجات في الأيام القادمة، ما لم يتم التوصل إلى حلول مرضية لعائلات الأسرى والشهداء. وتشير المعلومات إلى أن السلطة الفلسطينية تسعى إلى إيجاد بدائل لضمان استمرار تقديم الدعم المالي للأسرى وعائلاتهم، في ظل القيود المالية والسياسية المفروضة عليها.
يبقى الوضع معقدًا وغير واضح، ويتطلب متابعة دقيقة لتطورات الأحداث، وخاصةً ردود الفعل الإسرائيلية والأمريكية على هذه المستجدات. كما أن مصير المباحثات الجارية بين السلطة الفلسطينية وإسرائيل حول صرف الأموال الفلسطينية المقيدة يظل غير مؤكدًا، وهو ما قد يؤثر بشكل كبير على قدرة السلطة على الوفاء بالتزاماتها تجاه الأسرى وعائلاتهم.




