Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اقتصاد

الاقتراض المتزايد باليورو يهدد هيمنة الدولار

لا تقتصر الاقتصادات الآسيوية على تحويل علاقاتها التجارية لمواجهة الرسوم الجمركية الأميركية فحسب، بل تنقل تمويلها بشكل متزايد إلى أسواق أخرى، مما يؤكد تهديد سياسات الرئيس دونالد ترامب بتآكل الهيمنة الأميركية على جمع رأس المال. وتزايد إصدارات التمويل المقومة باليورو من قبل الشركات والحكومات الآسيوية يسلط الضوء على هذا التحول المتنامي في استراتيجيات الاقتراض العالمية.

وقد ارتفعت مبيعات سندات اليورو من قبل الشركات والحكومات بنسبة 75% في عام 2025 لتصل إلى 86.4 مليار يورو (100.7 مليار دولار). ويعكس هذا النمو تحولًا ملحوظًا بعيدًا عن الاعتماد التقليدي على الدولار في أسواق رأس المال، مدفوعًا بمجموعة من العوامل الجيوسياسية والاقتصادية.

تراجع حصة الدولار في التمويل العالمي

أظهرت البيانات أن العديد من الصفقات الآسيوية صُنفت على أنها الأكثر اكتتابًا في سوق الديون المشتركة العامة في أوروبا خلال أسبوع إطلاقها. ولا تزال الصفقات المقومة بالدولار تُشكل غالبية صفقات التمويل، لكن حصة السوق تراجعت بشكل ملحوظ، وقد تتآكل الميزة الأميركية للتمويل تدريجيًا، وفقًا لتقرير صادر عن بلومبيرغ.

يقول الرئيس المشارك لأسواق رأس مال الدين لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في بنك “إتش إس بي سي” دانيال كيم: “أحد العوامل الرئيسية هو الحاجة إلى تنويع الاستثمارات بعيدا عن التركيز على الدولار. وينبع الارتفاع الكبير في إصدار السندات المقومة باليورو هذا العام من تضافر دوافع إستراتيجية تتجاوز مجرد إعادة التمويل الروتينية”.

أدت تحركات الرئيس الأميركي ترامب التجارية هذا العام، وضغطه على الاحتياطي الفدرالي الأميركي لخفض أسعار الفائدة رغم مخاوف التضخم، إلى زعزعة ثقة المستثمرين في هيمنة الدولار. وبدلاً من ذلك، اتجهوا نحو أصول اليورو بحثًا عن استقرار أكبر وعوائد أفضل.

وقال رئيس أسواق رأس مال الدين الصينية الخارجية في “دويتشه بنك إيه جي” بن وانغ: “إزالة الدولرة أو تنويع محافظ الاستثمار لزيادة استخدامها في العملات غير الدولارية هو موضوع شهدناه هذا العام”. وأضاف أن اليورو شكّل جزءًا أصغر من حجم تداول سندات دويتشه بنك في منطقة آسيا والمحيط الهادي في بداية العام، لكنه مثّل “أكثر من 10%، بل وحتى 20%” بعد دخول النصف الثاني.

عوامل إضافية تساهم في التحول

بالإضافة إلى العوامل السياسية والاقتصادية، يلعب انخفاض تكاليف التمويل باليورو دورًا مهمًا. وأظهرت بيانات جمعتها بلومبيرغ أن علاوة سعر الفائدة التي يدفعها المستثمرون لمبادلة اليورو بالدولار وصلت إلى أدنى مستوى لها في 5 سنوات تقريبًا، عند 3.1 نقطة مئوية.

ويشير هذا إلى أن الاقتراض باليورو أصبح أكثر جاذبية من الناحية المالية بالنسبة للعديد من المقترضين الآسيويين، مما عزز الطلب على سندات اليورو. كما أن المستثمرين يبحثون عن فرص تنويع محافظهم الاستثمارية بعيدًا عن الدولار التقليدي.

ويرى كبير الاقتصاديين في شركة فوجيتسو المحدودة في اليابان مارتن شولتز أن تزايد جاذبية اليورو لدى المشاركين في السوق الآسيوية للتمويل والاستثمار في الديون يعكس “تطبيعا” في أعقاب الطفرة في مبيعات الدولار. وأضاف قائلًا: “لدينا عالم أكثر تعددية في الأقطاب”.

ويُضاف إلى ذلك أن روسيا أكملت بنجاح الإصدار الأول لسندات القروض الفدرالية المقومة باليوان الصيني، بقيمة إجمالية بلغت 20 مليار يوان (نحو 2.8 مليار دولار). وقد عزز ذلك الاتجاه نحو تقليل الاعتماد على الدولار في التجارة والاستثمار الدوليين.

الآفاق المستقبلية لسوق التمويل العالمي

من المتوقع أن تستمر جاذبية القارة الأوروبية كوجهة تمويلية حتى العام المقبل. ويتوقع رئيس قسم تحليل الائتمان لمنطقة آسيا والمحيط الهادي في دويتشه بنك، أوين غاليمور أن ترتفع إصدارات اليورو من جانب المقترضين الآسيويين إلى 125 مليار دولار في عام 2026، بزيادة تفوق 20%.

وفي هذا الصدد، يقول رئيس قسم الائتمان الآسيوي في أبردين للاستثمارات، هنري لوه: “نرى أن الجهات المصدرة عموما تتطلع إلى توسيع نطاق أعمالها، ليس فقط داخل آسيا بل وخارجها، مع استمرار أوروبا في كونها سوقا رئيسية”.

بشكل عام، يشير التحول نحو اليورو والعملات الأخرى إلى تغيير أعمق في هيكل سوق التمويل العالمي. ويتطلب ذلك مراقبة دقيقة للتطورات الجيوسياسية والاقتصادية، وتقييم المخاطر والفرص المرتبطة بالاستثمار في مختلف العملات والأسواق.

في المستقبل القريب، من المهم مراقبة سياسات الحكومة الأميركية وتأثيرها على أسعار الفائدة والدولار. كما يجب متابعة التطورات في منطقة اليورو وكيف يمكن أن تؤثر على جاذبية اليورو كمخزن للقيمة وأصل للاستثمار. وستحدد هذه العوامل ما إذا كانت الاتجاهات الحالية ستستمر أو ستعكس.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى