«البديوي»: دول الخليج شريك فاعل في ترسيخ الأمن الرقمي وتعزيز استقرار الفضاء السيبراني

شارك الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، جاسم محمد البديوي، في مناقشات حاسمة حول **الأمن السيبراني** خلال المائدة المستديرة لدبلوماسية التكنولوجيا في الدوحة يوم الأحد 7 ديسمبر 2025. جاءت مشاركته ضمن فعاليات الدورة الثالثة والعشرين لمنتدى الدوحة، بحضور الأمين العام لمنظمة التعاون الرقمي، ديمة بنت يحيى اليحيى. وتأتي هذه المشاركة في ظل تزايد الاعتماد العالمي على البنية التحتية الرقمية، مما يجعل حماية هذه الأنظمة أولوية قصوى.
ركز النقاش، الذي عُقد في العاصمة القطرية، على التحديات المتزايدة التي تواجه الفضاء الرقمي، وسبل تعزيز التعاون الدولي لمواجهة التهديدات السيبرانية. وشدد البديوي على أهمية التضامن بين الدول لحماية الشرعية الرقمية الدولية في مواجهة الأزمات المتوقعة، مؤكداً استمرار مجلس التعاون في لعب دور فعال في هذا المجال. وتستهدف هذه الجهود بناء منظومة عالمية أكثر أماناً وشمولية، في ظل التطورات المتسارعة في التكنولوجيا.
أهمية الأمن السيبراني في ظل التحولات الرقمية
أشار الأمين العام إلى أن العالم يشهد تحولاً جذرياً نحو الاعتماد المتزايد على البنى الرقمية في مختلف القطاعات، بدءاً من الاقتصاد وصولاً إلى الخدمات الأساسية ووسائل التواصل. وهذا الاعتماد المتزايد يجعل هذه البنى التحتية عرضة للاستهداف، سواء من خلال هجمات على الكابلات البحرية، أو تعطيل منصات الهوية الرقمية، أو نشر المعلومات المضللة.
وبحسب تصريحات البديوي، فإن أي اضطراب في هذه الأنظمة يمكن أن يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وتعطيل الخدمات الحيوية، مما يبرز الحاجة الملحة إلى تعزيز التعاون الدولي وبناء أطر مشتركة. وتشمل هذه الأطر تطوير آليات للاستجابة السريعة للحوادث السيبرانية، وتبادل المعلومات الاستخبارية، وتنسيق الجهود لمكافحة الجرائم الإلكترونية.
جهود دول مجلس التعاون في مجال الأمن السيبراني
أكد البديوي أن دول مجلس التعاون قد اتخذت خطوات مهمة في مجال **الأمن السيبراني**، من خلال تبني استراتيجية خليجية موحدة، والاستثمار في البنية التحتية السحابية، وتنمية الكفاءات البشرية المتخصصة. بالإضافة إلى ذلك، تقوم هذه الدول بتنظيم تمارين سيبرانية مشتركة تهدف إلى محاكاة المخاطر الواقعية واختبار قدرات الاستجابة.
وتشمل هذه الجهود أيضاً تطوير منصات رقمية للإنذار والتنسيق خلال الحوادث السيبرانية، مما يتيح تبادل المعلومات بشكل سريع وفعال بين الدول الأعضاء. وتسعى دول المجلس إلى بناء منظومة متكاملة للأمن السيبراني، قادرة على حماية مصالحها الوطنية والدفاع عن أمنها القومي.
وشدد الأمين العام على أهمية دعم الدول بعضها البعض في حالات الطوارئ، من خلال توفير المساعدة الفنية والتشغيلية، وتبادل الخبرات، وإتاحة الاستفادة المؤقتة من البنى التحتية الرقمية للدول المجاورة. ويتم ذلك مع احترام كامل لسيادة الدول وخصوصية أنظمتها الوطنية، وضمان عدم التدخل في الشؤون الداخلية.
قطاعات حيوية تتطلب حماية دولية مشددة
أشار البديوي إلى أن هناك مجموعة من المجالات الرقمية التي يجب أن تحظى بحماية دولية مشددة، لمنع التصعيد وحماية حياة المدنيين. وتشمل هذه المجالات أنظمة الطاقة والتحكم بالوقود، وشبكات الاتصالات والكابلات البحرية، وأنظمة الرعاية الصحية والطوارئ، والشبكات المالية وأنظمة الدفع الرقمية، والخدمات الحكومية وأنظمة النقل والخدمات اللوجستية. وتعتبر هذه القطاعات حيوية لعمل الدول والمجتمعات، وتعطيلها يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة.
كما أكد على ضرورة وضع “خطوط حمراء” دولية تمنع استهداف الأنظمة التي قد يؤدي تعطيلها إلى تصعيد سياسي أو عسكري خطير، بما في ذلك أنظمة الإنذار المبكر والسيطرة والتحكم. وتقدم هذه الأنظمة معلومات حيوية لصناع القرار، وتساعد على منع وقوع الأزمات وتخفيف آثارها.
ويعتبر موضوع حماية البنية التحتية الحيوية من التهديدات السيبرانية من القضايا الرئيسية التي تثير قلق المجتمع الدولي، نظراً للاحتمالات الكبيرة للتسبب في أضرار جسيمة. وتتطلب مواجهة هذه التهديدات جهوداً مشتركة من جميع الدول، وتبادل المعلومات والخبرات، وتطوير آليات فعالة للاستجابة.
في الختام، جدد الأمين العام لمجلس التعاون التأكيد على أن تحقيق السلام والاستقرار في الفضاء **الرقمي** يتطلب إرادة سياسية مشتركة لوضع قواعد دولية ملزمة تحمي الإنسان قبل التقنية، وتصون استمرارية الخدمات الأساسية، وتعزز سيادة وأمن الدول. من المتوقع أن يستمر مجلس التعاون في العمل مع الشركاء الدوليين لتطوير هذه القواعد وتنفيذها، بهدف بناء فضاء رقمي أكثر أماناً واستقراراً للجميع. وستتطلب المتابعة تقييماً دورياً للتهديدات وتحديث الاستراتيجيات وفقاً لوتيرة التطور التكنولوجي.