«البرنامج الوطني للتشجير»: الأقاليم النباتية تسهم في تعزيز الجهود البيئية لتحقيق التنمية المستدامة

أكد البرنامج الوطني للتشجير أهمية الأقاليم النباتية في المملكة العربية السعودية كأداة أساسية للتخطيط البيئي المستدام وتحقيق أهداف رؤية 2030. جاء هذا التأكيد خلال ورشة عمل في الرياض استعرضت مسودة مشروع خريطة الأقاليم النباتية، والتي تهدف إلى توفير مرجع دقيق وشامل للباحثين وصناع القرار. يمثل هذا المشروع خطوة حاسمة نحو فهم التنوع البيولوجي للمملكة وإدارته بفعالية.
عُقدت ورشة العمل يوم أمس في الرياض، بمشاركة واسعة من الجهات الحكومية والخاصة، بالإضافة إلى خبراء ومتخصصين في مجال البيئة. وتهدف هذه الورشة إلى جمع ملاحظات وتوصيات حول مسودة خريطة الأقاليم النباتية قبل إطلاقها النهائي، وذلك لضمان دقتها وشموليتها.
أهمية خريطة الأقاليم النباتية في التنمية المستدامة
أوضح المهندس أحمد بن صالح العيادة، الرئيس التنفيذي للمركز الوطني لتنمية الغطاء النباتي ومكافحة التصحر، أن خريطة الأقاليم النباتية ليست مجرد توثيق للتنوع النباتي، بل هي رؤية مستقبلية للبيئة السعودية. ستكون الخريطة متاحة إلكترونيًا عبر المنصة الوطنية للتشجير، مما يسهل الوصول إليها من قبل جميع المعنيين في أي وقت ومن أي مكان.
دور الخريطة في مشاريع التشجير
تعتبر الخريطة مدخلاً رئيسياً لمنصة التشجير، حيث تساهم في توثيق وتسجيل الأشجار المزروعة في مختلف المناطق. هذا التوثيق يضمن التوازن البيئي ويساعد في اختيار الأنواع المناسبة لكل بيئة، مما يزيد من فرص نجاح مشاريع التشجير. بالإضافة إلى ذلك، ستدعم الخريطة مبادرات التشجير المختلفة في المملكة.
تحسين إدارة الموارد الطبيعية
وفقًا للمهندس العيادة، ستُمكّن الخريطة الجهات المعنية من اتخاذ قرارات أفضل وأكثر توافقًا مع الظروف الطبيعية. هذا سيؤدي إلى تحسين إدارة المراعي والغابات، وتطوير المشاتل وخطط إنتاج الشتلات، والتخطيط الأمثل لاستخدامات الأراضي. كما ستساهم في جهود مكافحة التصحر واستعادة الأراضي المتدهورة.
يعتمد مشروع خريطة الأقاليم النباتية على منهجية علمية متطورة تتضمن تحليلًا دقيقًا للبيانات النباتية والمناخية والمكانية. وقد تم دعم هذا التحليل بأعمال ميدانية مكثفة لضمان صحة البيانات وتحديد المواقع التمثيلية المناسبة. وقد أسفرت هذه الجهود عن تحديد 21 إقليمًا بيئيًا متميزًا في المملكة، يعكس تنوعًا كبيرًا في الأنظمة الطبيعية.
يأتي إطلاق هذه الأقاليم في إطار جهود البرنامج الوطني للتشجير لتحقيق أهداف مبادرة السعودية الخضراء الطموحة. تهدف المبادرة إلى زيادة الغطاء النباتي وتحسين البيئة بشكل عام، مما يعزز جودة الحياة ويساهم في تحقيق الاستدامة البيئية. وتعتبر هذه الخريطة أداة حيوية لتحقيق هذه الأهداف.
تعتبر دراسة الأقاليم النباتية جزءًا من جهود أوسع نطاقًا تبذلها المملكة للحفاظ على التنوع البيولوجي ومواجهة التحديات البيئية. وتشمل هذه الجهود إنشاء محميات طبيعية، وتنفيذ برامج لإعادة تأهيل الأراضي المتدهورة، وتعزيز الوعي البيئي لدى المواطنين. وتسعى المملكة إلى أن تكون رائدة في مجال الحفاظ على البيئة في منطقة الشرق الأوسط.
تتكامل هذه الجهود مع الاستثمارات المتزايدة في التقنيات الحديثة لرصد وتقييم حالة الغطاء النباتي والتغيرات المناخية. وتشمل هذه التقنيات استخدام الأقمار الصناعية، والطائرات بدون طيار، وأنظمة الاستشعار عن بعد. وتساعد هذه التقنيات في توفير بيانات دقيقة وموثوقة لصناع القرار.
من المتوقع أن يتم الانتهاء من مسودة خريطة الأقاليم النباتية وتقديمها للجهات المعنية للمراجعة النهائية خلال الأشهر القليلة القادمة. بعد ذلك، سيتم إطلاق الخريطة رسميًا وإتاحتها للجمهور عبر المنصة الوطنية للتشجير. وستكون الخريطة بمثابة نقطة انطلاق لمزيد من الدراسات والأبحاث في مجال البيئة والتنمية المستدامة في المملكة. ويجب متابعة التطورات المتعلقة بتطبيق الخريطة وتقييم أثرها على مشاريع التشجير وإدارة الموارد الطبيعية.
بالإضافة إلى ذلك، من المهم مراقبة الجهود المبذولة لتحديث الخريطة بشكل دوري، وذلك لضمان مواكبتها للتغيرات البيئية والمستجدات العلمية. كما يجب العمل على تعزيز التعاون بين الجهات الحكومية والخاصة والمؤسسات البحثية في مجال دراسة الأقاليم النباتية وتبادل الخبرات والمعلومات.