Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخر الاخبار

التقييم السعودي.. بين المعايير العالمية والطموح

في خضم التحولات الاقتصادية الكبرى التي تشهدها المملكة العربية السعودية، تتجلى مهنة التقييم كأحد الأعمدة الفنية الأساسية لضمان الشفافية والنمو المستدام في الأسواق. ولم تعد هذه المهنة مجرد أداة لتحديد القيم، بل أصبحت ركيزة إستراتيجية في تعزيز الثقة، ودعم قرارات الاستثمار، ورفع كفاءة إدارة الأصول في مختلف القطاعات.

تُعد المملكة اليوم قوة اقتصادية محورية في الشرق الأوسط، وصاحبة ثقل عالمي لا يمكن تجاهله. فمع التحولات الجذرية في الحوكمة والتشريعات، تتقدم السعودية بخطى واثقة نحو مصاف الدول المتقدمة، متسلحة برؤية 2030 التي وضعت نصب عينيها تحويل المملكة إلى مركز عالمي في مختلف المجالات، بما في ذلك مهنة التقييم.

رؤية 2030 ليست مجرد خطة تنموية، بل هي مشروع وطني يُعيد رسم ملامح الاقتصاد والمجتمع، ويصنع من المملكة نموذجاً عالمياً يُحتذى به. ومن هذا المنطلق، فإن مهنة التقييم تقف أمام مسؤولية كبرى، تقتضي أن تتماهى مع هذه الطموحات، وتنهض بدورها كأداة تمكينية للتنمية المستدامة.

منذ تأسيس الهيئة السعودية للمقيمين المعتمدين تحت مظلة وزارة التجارة وانتقالها تحت مظلة وزارة المالية، شهدت مهنة التقييم في المملكة قفزات نوعية ملحوظة، سواء في جودة المخرجات أو كفاءة الكوادر الوطنية المؤهلة. وقد أسهمت الهيئة في ترسيخ منهجية علمية قائمة على النزاهة والاستقلالية، مدعومة ببرامج تدريبية متقدمة ومعايير مهنية عالية المستوى.

هذا التطور لم يكن وليد الصدفة، بل نتيجة مباشرة لتبني المملكة نهجاً مؤسسياً شاملاً، جعل من التقييم أداة إستراتيجية تُسهم في رفع كفاءة الأسواق العقارية والمالية، وتحقيق العدالة في النزاعات، وضمان دقة التقارير المالية.

في ظل هذا الزخم، بات من الضروري إنشاء مجلس وطني مختص يُعنى بتطوير معايير تقييم سعودية متكاملة، تنطلق من الخصوصية الاقتصادية المحلية، لكنها لا تنفصل عن المعايير الدولية. معايير تمتاز بجودة عالمية، وتتبنى أحدث ما وصلت إليه التكنولوجيا، خاصة في مجالات الذكاء الاصطناعي والتحليل التنبؤي، لرفع كفاءة القرارات وتعزيز الموثوقية.

إن وجود مجلس مستقل يُشرّع ويحدث هذه المعايير سيكون بمثابة المرجع الوطني والإقليمي، ويجعل من السعودية مصدراً للمعرفة لا مجرد مستهلك لها، ومقصداً للمؤسسات والجهات الراغبة في تبني أفضل الممارسات في مهنة التقييم.

مع تسارع التطور التكنولوجي، باتت أدوات الذكاء الاصطناعي حاضرة بقوة في مشهد التقييم العالمي. وفي السعودية، أصبح من المهم دمج هذه التقنيات ضمن منظومة العمل المهني، لتقديم تقارير دقيقة، موثوقة، وسريعة الاستجابة. الذكاء الاصطناعي لا يهدد دور المقيم البشري، بل يعززه، ويوفر له أدوات تحليلية فائقة الدقة، تمكّنه من تقديم قيمة مضافة حقيقية.

مهنة التقييم في السعودية تقف اليوم على أعتاب مرحلة جديدة، تتطلب استثمارات فكرية وتنظيمية ترقى إلى مستوى الطموح الوطني. والمملكة، بثقلها الإقليمي والدولي، ومكانتها المتقدمة في منظومة الاقتصاد العالمي، مؤهلة لأن تقود هذه المرحلة، وأن تُصدر للعالم معايير تقييم بروح سعودية، ونكهة عالمية.

إنها فرصة تاريخية لصناعة مستقبل مهني يليق بمكانة وطن عظيم.

أخبار ذات صلة

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى