التوترات الجيوسياسية في البحر الأحمر تعيق التوسع في كابلات الإنترنت

أجلت شركتا “ميتا” و”غوغل” نشر كابلات الإنترنت البحرية في البحر الأحمر بسبب تدهور الأوضاع الأمنية والتوترات السياسية المتصاعدة في المنطقة، مما يثير مخاوف بشأن استقرار الاتصالات العالمية وسرعة الإنترنت. يأتي هذا القرار في ظل المخاوف المتزايدة على سلامة البنية التحتية الحيوية للكابلات البحرية، وتأمين المعدات اللازمة لعمليات النشر والإصلاح.
وكانت “ميتا”، المالكة لفيسبوك وإنستغرام، قد أعلنت سابقًا عن مشروع “2Africa” وهو كابل إنترنت ضخم يهدف إلى ربط أفريقيا بأوروبا والشرق الأوسط، وأيضًا شركة “غوغل” مع كابل “بلو رامان”. يؤدي هذا التأجيل إلى تعقيدات إضافية في خطط توسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت عالي السرعة في القارة الأفريقية وبقية المناطق المتصلة.
أزمات تؤثر على أسعار الإنترنت وتبطئ سرعته
يعتبر البحر الأحمر ممرًا استراتيجيًا رئيسيًا للكابلات البحرية التي تربط بين القارات، حيث توفر طريقًا أقصر وأكثر كفاءة لنقل البيانات مقارنة بالمسارات البديلة. ومع ذلك، فإن التهديدات الأمنية الأخيرة، بما في ذلك الهجمات على السفن التجارية في المنطقة، تجعل عمليات نشر وصيانة هذه الكابلات أكثر صعوبة وتكلفة.
أفادت “بلومبيرغ” بأن التوترات الحالية تعيق وصول السفن المتخصصة في تركيب وإصلاح الكابلات البحرية إلى البحر الأحمر، مما يزيد من خطر انقطاع الخدمة وارتفاع التكاليف. وتعتمد العديد من الدول في منطقة الشرق الأوسط وأفريقيا على هذه الكابلات لتوفير خدمات الإنترنت لعملائها، مما يجعلها عرضة للتأثر بهذه التطورات.
وفي تصريح لـ “بلومبيرغ”، أوضح متحدث باسم “ميتا” أن التأجيل يعود إلى “مجموعة من العوامل التشغيلية والمخاوف التنظيمية والمخاطر الجيوسياسية”. لم تقدم الشركة تفاصيل إضافية حول هذه العوامل، لكنها أكدت أنها تعمل على إيجاد حلول بديلة لضمان استمرار المشروع.
كما أكد متحدث باسم “ألفابيت”، الشركة الأم لـ “غوغل”، أن التقلبات السياسية في المنطقة أثرت سلبًا على خطط نشر كابل “بلو رامان”.
خيارات بديلة لإنزال كابلات الإنترنت
بالإضافة إلى كابلات “ميتا” و”غوغل”، هناك مشاريع أخرى لإنزال كابلات بحرية في البحر الأحمر متأثرة بهذه التطورات، بما في ذلك كابل “إنيديا يورو إكسبريس” وكابل “سي مي وي 6″ و”أفريقا 1”. وتواجه هذه المشاريع تحديات مماثلة في الحصول على التصاريح اللازمة وتأمين عمليات النشر والصيانة.
تبحث الشركات المعنية عن مسارات بديلة لإنزال الكابلات، بما في ذلك استخدام طرق برية عبر دول مثل السعودية والبحرين. ومع ذلك، فإن هذه الطرق قد تكون أطول وأكثر تكلفة، وقد تتطلب أيضًا الحصول على موافقات من الحكومات المحلية.
وتدرس بعض الشركات إمكانية تقديم طلبات للحكومة الأمريكية للحصول على إعفاءات من العقوبات المفروضة على بعض الأطراف في المنطقة، وذلك بهدف تسهيل التعاون معهم في مشاريع الكابلات البحرية. هذا الخيار يثير جدلاً قانونيًا وسياسيًا.
صرح أسوز رشيد، الرئيس التنفيذي لمجموعة “آي كيو”، بأن “البحر الأحمر أصبح الآن نقطة اختناق رئيسية وعالية الخطورة لشبكات الاتصالات العالمية.”
مستقبل شبكات الكابلات البحرية في المنطقة
يُتوقع أن تستمر التوترات في البحر الأحمر في التأثير على مشاريع الكابلات البحرية في المدى القصير والمتوسط. من المرجح أن تضطر الشركات إلى تأجيل المزيد من عمليات النشر والبحث عن حلول بديلة لضمان استمرار خدمة الإنترنت. قد يشهد المستخدمون في المناطق المتضررة ارتفاعًا في أسعار الإنترنت أو انخفاضًا في سرعته.
على المدى الطويل، قد تتجه الشركات إلى تنويع مسارات الكابلات البحرية لتقليل الاعتماد على البحر الأحمر. قد يشمل ذلك استكشاف مسارات جديدة عبر المحيط الهندي أو عبر القارة الأفريقية. وسيؤدي ذلك إلى زيادة مرونة شبكات الاتصالات العالمية وتقليل خطر انقطاع الخدمة بسبب الأحداث الجيوسياسية.
من المتوقع أن يتم تقييم الوضع الأمني في البحر الأحمر بشكل مستمر، وأن تتخذ الشركات قراراتها بناءً على أحدث التطورات. يجب على المستخدمين والشركات في المنطقة الاستعداد لاحتمال حدوث اضطرابات في خدمة الإنترنت واتخاذ التدابير اللازمة للتخفيف من آثارها.





