التوطين الصوري
نتساءل ما بال بعض منشآت القطاع الخاص العاملة في الدولة تنتهج نهجاً مخالفاً وتصر على السير في الاتجاه المعاكس لقرارات إدارية وزارية، تدعي الالتزام في العلن وفي الخفاء حدث ولا حرج، خاصة في ما يتعلق بتوظيف المواطنين من الخريجين وغيرهم في مؤسسات القطاع الخاص على الرغم من كثرتها وكثرة العاملين فيها من غير المواطنين، بل لا تتوانى في ضرب كل ذلك عرض الحائط وتعمد إلى «التوطين الصوري»، الذي يعد مخالفة لسياسات وقرارات التوطين، وتترتب عليه عقوبات قانونية.
ولطالما حذرت وزارة الموارد البشرية والتوطين الكوادر الوطنية وشركات القطاع الخاص من الوقوع في مثل هذه المخالفة، فهما ضلعاها وتواطؤهما يقصم الجهود الرسمية لإيجاد فرص وظيفية في هذا القطاع الواسع والمتنوع الذي يستوعب العشرات بل مئات الآلاف ويرفض توظيف المواطنين وكأن بهم علة.
والحقيقة المرة أن هذه الممارسات ليست وليدة حالة أو حاجة، أو لسبب بديهي يدعو لذلك، بل هو سلوك قديم تسلكه مؤسسات في هذا القطاع تهرباً من المواطن، وتقفل الباب في وجهه، ولطالما اتخذت السلطات إجراءات إدارية بحق هؤلاء، بل والأمر من ذلك أن ضمن هذه المؤسسات التي تتورط في هذه المخالفات مؤسسات تعود ملكيتها للمواطنين، تقدم للجهات المعنية برقابة سوق العمل، والتأكد من تطبيق قرار التوطين ملفات غير حقيقية، «توظيف صوري» مقابل مبلغ مالي يقدم لطالب الوظيفة ليكون بذلك مساهماً في المشكلة، وأحد طرفي المخالفة.
ومؤخراً شهدنا إعلان وزارة الموارد البشرية والتوطين عبر حسابها على منصات التواصل الاجتماعي عن ضبط 1818 منشأة خاصة عينت 2784 مواطناً تعييناً «صورياً» خلال عامين، متحايلة على مستهدفات التوطين.
وهذا ما يخالف قرار التوطين، ولا بد أن يكون هناك حديث آخر في هذا الأمر. فعلى الرغم من مساهمة الحكومة مع القطاع الخاص لدعم رواتب المواطنين العاملين إلا أن البعض مستمر في مخالفة القرارات، متجاهلين ما يحققونه من أرباح ومكاسب، ومتناسين أن الخدمات المتاحة لهم هي سبب في نجاح أعمالهم واستثماراتهم ومضاعفة رؤوس أموالهم، فأصبحت المساهمة في قرارات استراتيجية حقاً للمجتمع عليهم، دون منة، ولكن وقد أثبتت الأيام بقاء البعض على موقفه، فليس أقل من زيادة قيمة الضريبة المضافة عليهم.