الثانية خلال أيام.. مخابرات الاحتلال تداهم فعالية للأطفال بالقدس

بأمر من وزير الأمن القومي الإسرائيلي، إيتمار بن غفير، منعت سلطات الاحتلال فعاليتين ثقافيتين في مدينة القدس خلال الأيام القليلة الماضية، مما أثار جدلاً حول حرية التعبير الثقافي الفلسطيني. آخر هذه الإجراءات كان منع فعالية “أحلام تحت شجرة الزيتون” التي نظمها ملتقى الشباب التراثي المقدسي في المسرح الوطني الفلسطيني (الحكواتي) يوم الأحد الماضي. هذا الإجراء يلقي الضوء على التحديات المستمرة التي تواجه المؤسسات الثقافية الفلسطينية في القدس.
وقعت حادثة المنع خلال استعداد الأطفال لتقديم عرض فني، حيث اقتحمت قوات المخابرات الإسرائيلية المسرح وأمرت بإنهاء الفعالية فوراً. وأفادت مصادر إعلامية بأن القوات طلبت من الحضور إخلاء المكان خلال خمس دقائق، مما تسبب في حالة من الذعر بين الأطفال وعائلاتهم. مدير الملتقى، محمد الأعور، كان من بين الحاضرين الذين واجهوا القوات.
قيود على الفعاليات الثقافية الفلسطينية في القدس
بررت سلطات الاحتلال منع الفعالية بادعاء أنها أقيمت برعاية السلطة الفلسطينية، وأنها لم تحصل على التصاريح اللازمة وفقاً لقانون إسرائيلي يعود لعام 1994. وتنص هذه القوانين على ضرورة الحصول على موافقة مسبقة لإقامة أي نشاط يُعتبر مدعوماً من قبل السلطة الفلسطينية في القدس الشرقية المحتلة.
هذا ليس أول منع من نوعه؛ ففي وقت سابق من هذا الأسبوع، منعت السلطات الإسرائيلية إقامة بازار خيري في دير “أبينا إبراهيم” في حي رأس العامود بمدينة القدس. كان البازار يهدف إلى دعم المشاريع الصغيرة التي يديرها رواد أعمال فلسطينيون، ويضم فعاليات ثقافية وترفيهية للأطفال.
الخلفية القانونية والسياسية
تأتي هذه الإجراءات في سياق سياسة إسرائيلية أوسع نطاقاً تهدف إلى تقييد الأنشطة الفلسطينية في القدس الشرقية، والتي تعتبرها إسرائيل جزءاً من عاصمتها الموحدة، بينما يطالب الفلسطينيون بها عاصمة لدولتهم المستقبلية. تعتبر إسرائيل أي نشاط يُنظر إليه على أنه مدعوم من السلطة الفلسطينية تهديداً لسيادتها في المدينة.
وفقاً لمصادر دبلوماسية، فإن تمويل الفعاليات الثقافية عادة ما يكون أوروبياً، وليس من السلطة الفلسطينية. وأكدت مصادر للجزيرة نت أن السلطة الفلسطينية لم تكن ممولة للفعالية التي تم منعها في الحكواتي.
أثارت هذه الإجراءات انتقادات واسعة من قبل منظمات حقوق الإنسان والناشطين الفلسطينيين، الذين وصفوها بأنها محاولة لتقويض الهوية الثقافية الفلسطينية في القدس. كما أدانوا استخدام القوة المفرطة ضد الأطفال والحاضرين في المسرح.
وتشير التقارير إلى أن هناك تصاعداً في القيود المفروضة على المؤسسات الثقافية والاجتماعية الفلسطينية في القدس منذ بداية العام الحالي. وتشمل هذه القيود منع عقد الاجتماعات والندوات، ومصادرة الممتلكات، والاعتقالات التعسفية.
التمويل الأوروبي يلعب دوراً هاماً في دعم هذه المبادرات الثقافية، لكنه لا يمنع التدخل الإسرائيلي. القدس المحتلة تظل نقطة اشتعال رئيسية في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، حيث تتنافس كل من إسرائيل والفلسطينيين على السيطرة عليها. الحرية الثقافية هي حق أساسي، وتقييده يمثل انتهاكاً للمعايير الدولية.
من المتوقع أن يستمر مدير ملتقى الشباب التراثي المقدسي، محمد الأعور، وآخرون في الخضوع للتحقيق من قبل السلطات الإسرائيلية. كما من المحتمل أن يتم فرض المزيد من القيود على المؤسسات الثقافية الفلسطينية في القدس في المستقبل القريب. يجب مراقبة التطورات المتعلقة بهذا الموضوع عن كثب، وتقييم تأثير هذه الإجراءات على المشهد الثقافي الفلسطيني في القدس.





