الجيش الإسرائيلي يتوغل في ريف درعا وينصب حاجزا عسكريا يقيّد الحركة

:
شهد ريف درعا الغربي في جنوب سوريا، توغلاً جديداً لقوات الاحتلال الإسرائيلي فجر الاثنين، حيث أقامت دورية عسكرية حاجزا مؤقتاً بين قريتي معرية وعابدين. يأتي هذا التوغل الإسرائيلي في سياق سلسلة من التحركات المماثلة التي تثير قلقاً متزايداً بشأن الوضع الأمني في المنطقة وتأثيرها على حياة المدنيين.
وذكرت مصادر محلية ووكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) أن القوات الإسرائيلية نصبت الحاجز عند نقطة تُعرف باسم “المقسم”، مما أدى إلى عرقلة حركة السكان وتقييد تنقلهم بين القريتين. لم يصدر أي تعليق رسمي من الجانب الإسرائيلي حتى صباح الاثنين بشأن دوافع هذا التوغل أو مدته المتوقعة.
التوغلات الإسرائيلية وتصاعد التوترات
يعد هذا التوغل جزءاً من نمط متزايد من العمليات الإسرائيلية في ريف درعا الغربي، والتي غالباً ما تترافق مع إقامة حواجز عسكرية مؤقتة. تهدف هذه التحركات، وفقاً لمحللين، إلى مراقبة الأنشطة في المنطقة والتضييق على الجماعات المسلحة، بالإضافة إلى جمع المعلومات الاستخباراتية.
وبحسب رصد لوكالة الأنباء الألمانية، بلغ عدد التوغلات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة ومحيطها جنوب غربي سوريا 3 توغلات خلال الأحد، ليصل إجمالي التوغلات منذ بداية شهر ديسمبر/كانون الأول إلى 42 توغلاً. تأتي هذه التوغلات في ظل حالة من عدم الاستقرار الأمني في المنطقة، وتصاعد التوترات بين إسرائيل وسوريا.
الأسباب والدوافع المحتملة
تأتي هذه التوغلات في وقت تتبادل فيه إسرائيل وسوريا الاتهامات بدعم جماعات معارضة. وتتهم إسرائيل إيران باستخدام الأراضي السورية كمنصة لتهريب الأسلحة إلى جماعات مسلحة في لبنان والعراق، بينما تتهم سوريا إسرائيل بتقديم الدعم للجماعات المسلحة التي تسعى إلى الإطاحة بالحكومة السورية.
بالإضافة إلى ذلك، تشير بعض التقارير إلى أن إسرائيل قلقة بشأن تزايد نفوذ حزب الله اللبناني في المنطقة، وتسعى إلى منع الجماعة من الحصول على أسلحة جديدة أو إنشاء قواعد عمليات جديدة في الأراضي السورية. وتعتبر إسرائيل حزب الله منظمة إرهابية، وتتهمه بتهديد أمنها القومي.
وتجري في الوقت ذاته محادثات غير مباشرة بوساطة دولية بين دمشق وتل أبيب للتوصل إلى تفاهمات أمنية. تتركز هذه المحادثات حول ضمان عدم استخدام الأراضي السورية كمنصة لشن هجمات على إسرائيل، ووقف دعم الجماعات المسلحة التي تسعى إلى تقويض الاستقرار في المنطقة.
ومع ذلك، فإن هذه المحادثات تواجه صعوبات كبيرة بسبب الخلافات العميقة بين الجانبين. وتشترط سوريا عودة الأوضاع الميدانية إلى ما كانت عليه قبل الثامن من ديسمبر/كانون الأول 2024، وهو التاريخ الذي شهد سقوط نظام الرئيس المخلوع بشار الأسد على يد الفصائل الثورية، وهو شرط ترفضه إسرائيل بشكل قاطع.
يُذكر أن إسرائيل أعلنت في وقت سابق من هذا العام عن انهيار اتفاقية فصل القوات الموقعة مع سوريا عام 1974، وسيطرت على المنطقة السورية العازلة. ويأتي هذا الإعلان في سياق تدهور العلاقات بين البلدين، وتصاعد التوترات في المنطقة. كما تحتل إسرائيل منذ عام 1967 معظم مساحة هضبة الجولان السورية، وتعتبرها جزءاً من أراضيها.
الوضع الإنساني: تتسبب هذه التوغلات في صعوبات إضافية للمدنيين في ريف درعا الغربي، الذين يعانون بالفعل من ظروف معيشية صعبة بسبب الحرب والنزوح. وتؤدي هذه التحركات إلى تعطيل حركة المرور وتقييد الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل الرعاية الصحية والتعليم.
الردود السورية: تعتبر الحكومة السورية التوغلات الإسرائيلية انتهاكاً لسيادتها ووحدة أراضيها، وتدينها بشدة. وتدعو سوريا المجتمع الدولي إلى اتخاذ إجراءات فورية لوقف هذه التوغلات وضمان احترام سيادتها.
من المتوقع أن تستمر التوغلات الإسرائيلية في ريف درعا الغربي في المستقبل القريب، ما لم يتم التوصل إلى تفاهمات أمنية جديدة بين إسرائيل وسوريا. ويجب مراقبة التطورات على الأرض عن كثب، وتقييم تأثيرها على الوضع الأمني والإنساني في المنطقة. كما يجب الانتباه إلى أي تطورات جديدة في المحادثات غير المباشرة بين دمشق وتل أبيب، والتي قد تؤدي إلى تخفيف التوترات أو تصعيدها.




