الحاج صدقي الزرو.. محرر سلب السجن عمره وصحته
ملوّحا بكلتا يديه المتثاقلتين، حمل الفلسطينيون الأسير الفلسطيني المحرر صدقي حامد الزرو “التميمي” (65 عاما) على الأكتاف، فوز نزوله في مدينة رام الله من حافلة تابعة للجنة الدولية للصليب الأحمر، أقلته وأسرى آخرين من سجن عوفر العسكري غرب المدينة.
في صورة رجل طاعن في السن، اكتسى بالبياض، ظهر الزرو منهكا ومتعبا، دون أن يمنعه ذلك من مشاركة مستقبليه في التعبير عن الفرح والتلويح للمئات والهتاف معهم “الله أكبر”.
والزرو واحد من 183 أسيرا فلسطينيا تحرروا من سجون الاحتلال في الدفعة الرابعة من صفقة “طوفان الأحرار”، وفق مكتب إعلام الأسرى التابع لحركة حماس، “بينهم 18 أسيرًا من أصحاب الأحكام المؤبدة، 54 أسيرًا من ذوي الأحكام العالية، 111 أسيرًا من أبناء قطاع غزة، الذين اعتقلهم الاحتلال بعد 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023”.
وفي 19 يناير/كانون الثاني الجاري دخلت حيز التنفيذ المرحلة الأولى من اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وتتضمن إطلاق سراح 1737 أسيرا فلسطينيا مقابل 33 إسرائيليا لدى المقاومة في قطاع غزة.
من صدقي الزرو؟
ومنعت قوات الاحتلال عائلة الزرو من إبداء أي مظاهر فرح أو إعداد مكان عام لاستقبال ابنها المعروف بـ “الحاج صدقي”.
كما منعت ذويه من الحديث إلى وسائل الإعلام، فاكتفت العائلة بإصدار بيان أشارت فيه إلى سيرة الأسير المحرر، موضحة أنه “عرف بحبه للرئيس الراحل ياسر عرفات، ويعد من رموز الحركة الأسيرة الفاعلين في سجون الاحتلال”.
ومع اندلاع انتفاضة الأقصى عام 2000 ثم دخول العمل العسكري فيها، واجتياح الضفة الغربية، برز اسم كتائب شهداء الأقصى كجناح عسكري لحركة “فتح”، واعتقل المئات منهم بعد اجتياح الضفة عام 2002.
كان من بين المعتقلين الأسير المحرر اليوم صدقي الزرو، من مدينة الخليل جنوب الضفة الغربية، والذي كان يطلق عليه لقب “ابن لادن” الفلسطيني، نظرا لقرب هيئته وملبسه في حينه من زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، والذي أعلنت الولايات المتحدة قتله عام 2011.
ولد الأسير المحرر يوم 11 ديسمبر/كانون الأول لعام 1960، وينتمي لعائلة التميمي إحدى كبرى عائلات مدينة الخليل جنوبي الضفة الغربية.
عشرات الأبناء والأحفاد
الزرو متزوج من 3 نساء وله من الأبناء الذكور 7 والإناث 7 ولدت آخرهن “سجا” بعد اعتقاله وأصبحت اليوم شابة، إضافة إلى عشرات الأحفاد لا يعرف أغلبهم.
أما أكبر أبنائه فنجله بسام الذي تزوج مبكرا قبل أن يبلغ السابعة عشرة من عمره، وأطلق اسم والده صدقي على ابنه البكر.
عام 2007 فقد صدقي والده وكان أحد جرحى الانتفاضة الأولى عام 1987، كما فقد شقيقته الكبرى عام 2022، بينما تعاني والدته التسعينية من الأمراض تسبب بعضها الألم والحزن لسجن ابنها الذي حرمت سنوات طويلة من زيارته.
اعتقل صدقي عام 2002، وحكم عليه بالسجن 30 عاما، بتهمة المشاركة في مقاومة الاحتلال والانتماء لكتائب شهداء الأقصى، والمشاركة في عمليات إطلاق نار أدت إلى مقتل وإصابة إسرائيليين.
طوال فترة اعتقاله تنقل بين مختلف السجون الإسرائيلية، وتعرض للضرب والتعذيب الذي نال من صحته وشبابه، إضافة لاجتماع الأمراض عليه.
تكبيرات خلال استقبال الأسير المحرر صدقي التميمي من مدينة الخليل بعد 23 عاما في سجون الاحتلال. pic.twitter.com/vnu4PSMLH9
— شبكة قدس الإخبارية (@qudsn) February 1, 2025
إهمال متعمد
ووفق بيان لنادي الأسير الفلسطيني عانى الزرو من “الإهمال الطبي المتعمد من قبل إدارة السجن، وعدم تقديم الرعاية الطبية له خلافا لما تنص عليه الاتفاقيات والمواثيق الدولية”.
وأشار إلى معاناته من عدة أمراض منها “السكري، ومشاكل في العمود الفقري، والقولون، ومشاكل في المعدة والأمعاء وصعوبة في الإخراج، ولا يقوى على السير إلا بعكاز للمشي ويعاني من هزال شديد ونقص بالوزن”.
وبعد الإفراج عن الدفعة الرابعة من الأسرى، اليوم، أوضح نادي الأسير أن “هيئات الأسرى تعكس مستوى الجرائم التي مورست بحقهم، ومنها عمليات التعذيب غير المسبوقة بمستواها بعد السابع من أكتوبر 2023”.
وأشار إلى “جرائم التجويع والجرائم الطبيّة الممنهجة وإصابات عدد منهم بمرض الجرب السكايبوس، هذا إلى جانب عمليات الضرب المبرّح التي تعرض لها الأسرى قبيل الإفراج عنهم والتي استمرت لأيام بحسب العديد من إفاداتهم، والتي أدت في بعض الحالات إلى إصابات بكسور في الأضلاع”.