الحكومة اليمنية تنفذ إجراءات تقشف لضبط الاقتصاد

بدأت الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً في تنفيذ إجراءات تقشفية جديدة تهدف إلى معالجة الانهيار الاقتصادي الحاد الذي تشهده البلاد، وذلك عبر فرض قيود صارمة على السفر الرسمي لكبار المسؤولين. تأتي هذه الخطوة في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وتزايد خطر المجاعة الذي يهدد الملايين من اليمنيين، وتسعى الحكومة لضبط الاقتصاد اليمني المتأزم.
أعلن رئيس الحكومة اليمنية سالم صالح بن بريك، خلال اجتماع في عدن، عن إعادة هيكلة وتوجيه العمل التنفيذي نحو الحضور الفعال داخل العاصمة المؤقتة. يندرج هذا الإجراء ضمن خطة شاملة للإصلاحات الاقتصادية والمالية والإدارية، بهدف تحقيق تقشف حكومي واسع النطاق.
تقليص السفر الحكومي
أكد بن بريك، الذي يشغل أيضاً منصب وزير المالية، على أن “التوسع غير المبرر في سفريات الوزراء والمسؤولين إلى الخارج لن يُسمح باستمراره”. وأوضح أن المرحلة الحالية تتطلب وجوداً حكومياً دائماً وفاعلاً في عدن، لتعزيز حضور الدولة وسلطتها.
وأضاف أن السفر الخارجي سيقتصر على الحالات الضرورية القصوى فقط، بعد تقييم دقيق للعائد الوطني المتوقع من المشاركة، والحصول على موافقة مسبقة وواضحة بناءً على أولويات الدولة، وليس الأفراد. يهدف هذا الإجراء إلى ترشيد النفقات الحكومية وتوجيه الموارد نحو الأولويات الأساسية.
الأسباب الكامنة وراء الإجراءات التقشفية
تواجه الحكومة اليمنية ضغوطاً مالية واقتصادية كبيرة في تمويل رواتب موظفي القطاع العام، وإعادة تأهيل البنية التحتية المتضررة. يعزى ذلك بشكل أساسي إلى نقص حاد في احتياطيات النقد الأجنبي، وتدهور قيمة العملة المحلية.
تفاقم الوضع بسبب انقسام السياسة النقدية بين البنك المركزي في عدن وصنعاء، وتوقف إيرادات النفط التي كانت تمثل 70% من إيرادات البلاد. وقد أدى استهداف موانئ تصدير النفط جنوب شرقي البلاد من قبل الحوثيين قبل ثلاث سنوات إلى توقف هذه الإيرادات الحيوية.
تداعيات الصراع على الاقتصاد اليمني
أدى الصراع المستمر في اليمن منذ أكثر من عقد إلى تدمير الاقتصاد الوطني، وترك 80% من السكان البالغ عددهم 35.6 مليون نسمة يعتمدون على المساعدات الإنسانية. وقد دفع هذا الوضع المأساوي الملايين إلى حافة المجاعة، وزاد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
بالإضافة إلى ذلك، أثرت الأزمة على قطاعات حيوية أخرى مثل الزراعة والصناعة، مما أدى إلى ارتفاع معدلات البطالة والفقر. وتشير التقارير إلى أن الوضع الاقتصادي في اليمن يتطلب تدخلاً عاجلاً ودعماً دولياً لإنقاذ البلاد من الانهيار الكامل.
الإصلاحات المالية كجزء من جهود أوسع
تعتبر هذه الإجراءات التقشفية جزءاً من حزمة إصلاحات مالية واقتصادية أوسع تهدف إلى استقرار الوضع المالي في اليمن، وتحسين إدارة الموارد العامة. وتشمل هذه الإصلاحات أيضاً جهوداً لمكافحة الفساد، وتعزيز الشفافية في الإدارة الحكومية.
تسعى الحكومة اليمنية إلى تحقيق إصلاحات هيكلية في الاقتصاد، وتنويع مصادر الدخل، وتشجيع الاستثمار الخاص، بهدف تحقيق نمو اقتصادي مستدام. الاستثمار الأجنبي يعتبر عنصراً أساسياً في خطط التعافي الاقتصادي.
من المتوقع أن تستمر الحكومة اليمنية في تنفيذ المزيد من الإجراءات التقشفية خلال الأشهر القادمة، بهدف تحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي. وستراقب الجهات المعنية عن كثب تأثير هذه الإجراءات على الوضع المعيشي للمواطنين، وتعديلها حسب الحاجة. يبقى التحدي الأكبر هو الحصول على دعم دولي كافٍ لمساعدة اليمن على تجاوز هذه الأزمة الحادة.





