الدين الفرنسي يواصل صعوده وفشل في اعتماد موازنة 2026

ارتفع الدين العام الفرنسي بشكل ملحوظ في نهاية الربع الثالث من عام 2025، ليصل إلى 3482.2 مليار يورو، وهو ما يعادل 4080.22 مليار دولار أمريكي. يمثل هذا الدين الآن 117.4% من الناتج المحلي الإجمالي لفرنسا، مقارنة بنسبة 115.7% في الربع السابق، وفقًا لما أعلنه المعهد الوطني للإحصاء والدراسات الاقتصادية (INSEE) يوم الجمعة. يأتي هذا الارتفاع في وقت تعطلت فيه عملية اعتماد موازنة عام 2026 بسبب خلافات حادة بين الأطراف المعنية.
وأشار المعهد إلى أن الزيادة في الدين بلغت 65.9 مليار يورو (77.22 مليار دولار) خلال الفترة من يوليو/تموز إلى سبتمبر/أيلول. يُذكر أن الربع السابق شهد زيادة مماثلة بلغت 70.9 مليار يورو (83 مليار دولار). هذه الأرقام تضع فرنسا في مكانة ثالث أكبر مُثقل بالديون في منطقة الاتحاد الأوروبي، بعد اليونان وإيطاليا.
تأثير الدين العام الفرنسي على الاقتصاد
يعزى الجزء الأكبر من الزيادة الفصلية في الدين، تحديدًا 58.1 مليار يورو، إلى الحكومة الفرنسية. وبذلك، يبلغ إجمالي ديون الدولة (باستثناء ديون البلديات المحلية) 2845.7 مليار يورو (3334.41 مليار دولار). هذا الارتفاع المستمر في الدين يثير قلقًا متزايدًا بشأن الاستدامة المالية لفرنسا وقدرتها على الوفاء بالتزاماتها المستقبلية.
تزامن نشر هذه الأرقام مع اجتماع للجنة مشتركة من أعضاء البرلمان ومجلس الشيوخ، والتي فشلت في التوصل إلى اتفاق بشأن موازنة عام 2026. هذا الفشل يعكس انقسامات عميقة حول القضايا الرئيسية مثل العجز في الميزانية، والسياسات الضريبية، ومستويات الإنفاق الحكومي.
تأجيل موازنة 2026 وتداعياته
أعلن رئيس الوزراء سيباستيان لوكورنو أن اللجنة لن تتمكن من التصويت على موازنة عام 2026 قبل نهاية العام بسبب هذه الخلافات. ونتيجة لذلك، سيتم تأجيل إقرار الموازنة إلى عام 2026 نفسه. هذا التأجيل يعني أن الحكومة ستعمل بموجب “قانون خاص” يعتمد على تمديد ميزانية عام 2025 مؤقتًا، وذلك لأغراض تحصيل الضرائب، قبل استئناف العمل على إعداد موازنة رسمية في الأسابيع الأولى من العام الجديد.
يعتبر هذا الوضع غير مثالي، حيث يحد من قدرة الحكومة على تنفيذ سياسات مالية جديدة أو الاستجابة بفعالية للتغيرات الاقتصادية. الديون الحكومية المرتفعة تزيد من الضغوط على الميزانية وتحد من المرونة المالية المتاحة للحكومة.
على الصعيد العالمي، يذكر أن الدين العالمي سجل مستوى قياسيًا بلغ 337.7 تريليون دولار في نهاية الربع الثاني من عام 2025، مدفوعًا بضعف الدولار الأمريكي وتوجه البنوك المركزية الكبرى نحو سياسات نقدية أكثر تيسيراً، وفقًا لمعهد التمويل الدولي. وشهد النصف الأول من العام الحالي زيادة في الدين العالمي بأكثر من 21 تريليون دولار، وهي وتيرة مماثلة لتلك التي شهدتها جائحة كورونا في عام 2020.
الإنفاق الحكومي والسياسات المالية تلعب دورًا حاسمًا في إدارة الدين العام. تعتبر الموازنة العامة أداة رئيسية لتحقيق الاستقرار المالي والسيطرة على مستويات الديون. الاستدامة المالية هي هدف أساسي للحكومات في جميع أنحاء العالم، وتتطلب تخطيطًا دقيقًا وإدارة رشيدة للموارد.
وبلغت نسبة الدين العالمي إلى الناتج المحلي الإجمالي 324%، بينما وصلت في الأسواق الناشئة إلى 242%، بعد أن ارتفع إجمالي الديون في هذه الأسواق إلى 109 تريليونات دولار. هذا يشير إلى أن العديد من الدول تواجه تحديات كبيرة في إدارة ديونها وتحقيق النمو الاقتصادي المستدام.
من المتوقع أن تستأنف اللجنة المشتركة مناقشات الموازنة في أوائل عام 2026، مع التركيز على إيجاد حلول وسط بشأن القضايا الخلافية. ومع ذلك، لا يزال هناك قدر كبير من عدم اليقين بشأن ما إذا كانت اللجنة ستتمكن من التوصل إلى اتفاق في الوقت المناسب. سيكون من المهم مراقبة التطورات السياسية والاقتصادية في فرنسا عن كثب في الأشهر المقبلة، وتقييم تأثيرها على الدين العام والاستقرار المالي.





