تشهد سوق انتقالات اللاعبين في الدوري الجزائري للمحترفين استعدادا للموسم الكروي 2025-2026، ركودا ملحوظا، خلافا للمواسم السابقة، التي كانت خلالها أندية الدوري تخوض صراعا قويا من أجل تعزيز صفوفها بصفقات جديدة من أجل تقوية حظوظها في المنافسة على اللقب.
وانطلقت فترة انتقالات اللاعبين الصيفية في الدوري الجزائري في الأول من يوليو/تموز الجاري، لكن بعد مرور أكثر من 3 أسابيع، لم يُسجل “الميركاتو” صفقات كبرى واقتصر على بعض التعاقدات المحلية بجانب استعادة الأندية للاعبيها بعد فترة إعارة في موسم 2024-2025.
وتباينت الآراء في الأوساط الكروية إزاء “الهدوء” الذي يكتنف فترة الانتقالات التي تستمر حتى أواخر أغسطس/آب المقبل، بينما ذهب الكثير من الملاحظين إلى القول إن الأزمة المالية التي تعيشها أغلب الأندية الجزائرية وارتفاع أجور اللاعبين وراء النسق الضعيف لبداية سوق الانتقالات، في حين اعتبر آخرون أن القوانين الجديدة حول وضع حد أعلى للأجور دفعت اللاعبين إلى البحث عن وجهات أخرى.
صفقات نادرة بسبب تحديد الأجور
وساد الاعتقاد أن تشهد سوق الانتقالات في الجزائر تنافسا قويا للظفر بصفقات جديدة، على غرار الموسم الماضي، لكن أغلب الأندية قررت تأجيل تعاقداتها، في حين لا تزال المفاوضات جارية من أجل استقطاب لاعبين جزائريين محترفين في أوروبا، سواء من العائدين من تجارب غير موفقة، أو من قرروا العودة لأسباب مختلفة.
واقتصرت حصيلة “ميركاتو صيف 2025” حتى الآن على عدد محدود من الصفقات، إذ تعاقد حامل اللقب مولودية الجزائر مع المدافع أيمن بوقرة لمدة 3 سنوات قادما من نادي قسنطينة بعد تجربتين سابقتين مع كل من فريقه الأم أتلتيك بارادو ثم شباب بلوزداد.
وفي حين رفض مسؤولون من مولودية الجزائر التعليق على أسباب اقتصار الصفقات حتى الآن على لاعب وحيد، قال مصدر قريب من النادي للجزيرة نت إن “الفريق كان قريبا من استعادة نجمه الدولي يوسف بلايلي من فريقه الحالي الترجي التونسي، لكن ارتفاع الراتب السنوي للاعب ووجود المولودية تحت وطأة الديون دفع مجلس إدارة النادي إلى التراجع عن الصفقة”.
وتعدّ أندية مولودية الجزائر وشبيبة القبائل وشباب بلوزداد واتحاد الجزائر من الفرق المنافسة على الألقاب في البلاد، كما أنها ستشارك في المسابقات الأفريقية الموسم المقبل، لكن نسق تعاقداتها فاجأ الكثير من المتابعين بعدم دخولها فعليا في سوق الانتقالات بعد مرور ما يقارب الشهر على بدايته.
وشهدت فترة الانتقالات بعض التعاقدات مع أندية وسط وأسفل جدول الترتيب، إذ انضم مؤخرا اللاعب الغامبي سيلاح جبريل لوفاق سطيف، الفريق الذي شكل الاستثناء وسط ركود حركة الانتقالات.
وضم الوفاق بعض اللاعبين الجدد، بجانب جبريل، عندما تعاقد مع كل من عيسى بودشيشة والحسن بوزيان وعدة دردار وكمال حميدي وأسامة دعينش وهاشمي بن سليمان وأيمن لقجع.
كما انتقل بن عمارة إلى ترجي مستغانم قادما من مولودية وهران، وتعاقد اتحاد خنشلة مع المهاجم الكاميروني فرانك مبيلا إيتوجا، في حين ضم أولمبيك أقبو المهاجم الإيفواري واتارا روماريك.
وتعاقد نادي شبيبة القبائل -الذي يشارك في دوري أبطال أفريقيا الموسم المقبل- مع رضا حميدي، قادما من نادي أتلتيك بارادو، وفق ما أعلنه الأخير رسميا.
نادي شبيبة القبائل يعلن عن شراء عقد لاعب ” رضا حميدي ” بصفة رسمية من اتلتيك بارادو ليصبح لاعبا له الى غاية سنة 2029 ..✨ pic.twitter.com/1Gii5D8rjg
— Top African Football (@african_f) July 21, 2025
معارضة قانون تحديد الأجور
وقررت بقية الأندية عدم الدخول حتى الآن في صفقات جديدة، وسط معارضة من عدد كبير من اللاعبين لقانون تحديد الأجور الذي تم إقراره أواخر يونيو/حزيران الماضي من قبل الاتحاد الجزائري للعبة، بحسب ما أكد سليم بولصنام وكيل أعمال اللاعبين.
واعتبر بولصنام، في تصريحات للجزيرة نت أن “قرار تحديد الأجور قوبل بمعارضة كبيرة ليس فقط من اللاعبين الذي سعوا إلى تغيير وجهتهم نحو دوريات أخرى مثل التونسي والمغربي والمصري على سبيل المثال، وإنما أيضا لدى أندية اعتبرت أن تلك الإجراءات ستحد من إقبال اللاعبين على التعاقد معها وستدفعهم للبحث عن وجهات خارجية”، وفق قوله.
وقال بولصنام، المتخصص في انتقالات اللاعبين في الدوريات العربية وخاصة في تونس والجزائر إن العدد المحدود للصفقات الحالية في فترة الانتقالات يعود إلى فرض حد أعلى للأجور، ولكن أيضا للأوضاع الإدارية والمالية في بعض الأندية، على غرار اتحاد العاصمة المتوج بكأس الجزائر.
وأضاف: “اتحاد الجزائر لم ينتخب رئيسه الجديد حتى الآن وهذا ما يفسر عدم دخوله الميركاتو، أما شباب بلوزداد فينتظر تنصيب مسؤوليه الجدد للبحث عن لاعبين من أجل تقوية صفوفه، ويبقى مولودية وهران الفريق الذي ينتظر أن يوقع على صفقات هامة قبل الموسم المقبل. هناك عدة أسباب لركود السوق لكن قضية الأجور تعتبر أبرزها”.
وفي يونيو/حزيران الماضي أقر الاتحاد الجزائري قوانين جديدة لأجور اللاعبين بهدف وضع حد نهائي للرواتب المرتفعة وذلك بأن لا يتجاوز الأجر الشهري للاعب 300 ألف دينار جزائري (حوالي ألفي دولار)، دون اعتبار المنحة التي بدورها لا ينبغي أن تتعدى 20% من قيمة الأجر.
تجارب فاشلة للعائدين من أوروبا
من جهته، اعتبر الإعلامي الرياضي الجزائري طارق بوفليح أن “التجارب المتواضعة للاعبين العائدين من أوروبا في موسم 2024-2025 دفعت عدة أندية إلى التريث وعدم المجازفة بتوقيع صفقات جديدة للاعبين جزائريين يحترفون في فرنسا أو بلجيكا على سبيل المثال”.
وقال بوفليح -الصحفي بالتلفزيون الجزائري- للجزيرة نت: “نسق التعاقدات في الصيف الحالي بطيء جدا مقارنة بما بدا عليه الصيف الماضي، والسبب هو الأزمات المالية التي تشكو منها أغلب الأندية بجانب رغبتها في عدم التسرع بعد خيبة بعض التجارب للعائدين من أوروبا، على غرار أندي ديلور الذي قضى 6 أشهر فقط في مولودية الجزائر قبل العودة إلى فرنسا، وأيضا إسلام سليماني الذي ظهر مع بلوزداد حتى منتصف موسم 2024-2025 ثم انتقل في يناير/كانون الثاني إلى الدوري البلجيكي”.
وأضاف بوفليح “لا تزال الفرصة قائمة أمام أندية الدوري للتعاقد مع لاعبين جدد في أغسطس/آب باعتبار أن فترة الانتقالات تنتهي في 31 من الشهر الجاري، ولكن المؤشرات الحالية لا تبدو واعدة بشأن إبرام صفقات كبرى، في حين يُنتظر أن يقوم نادي شبيبة القبائل بالتوقيع مع عدة لاعبين استعدادا لمشاركة الفريق في دوري أبطال أفريقيا بعد غيابه عن المسابقة لسنوات”.
وكشف الصحفي الجزائري أن “شبيبة القبائل يتفاوض مع بعض اللاعبين من بينهم زين الدين بلعيد الذي غادر قبل موسمين نحو الدوري البلجيكي، وهناك لاعب آخر ينتظر قدومه للشبيبة وهو يسري بوزوق المحترف بالدوري السعودي، وقد تشهد الأسابيع المقبلة نشاطا للميركاتو ولكن الأمر لا يقارن بما كان عليه العام الماضي”.
وينطلق الدوري الجزائري لموسم 2025-2026 في 21 أغسطس/آب المقبل بمشاركة 16 فريقا، يتقدمها حامل اللقب مولودية الجزائر، وفق ما أكده بيان الاتحاد الجزائري لكرة القدم.
ويشارك الموسم المقبل كل من مولودية الجزائر وشبيبة القبائل في دوري أبطال أفريقيا في حين يخوض شباب بلوزداد واتحاد الجزائر كأس الكونفدرالية الأفريقية.
