Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
دولي

الساعات الأخيرة لبشار الأسد ونظامه

بعد نحو 14 عامًا من الثورة السورية والحرب الأهلية، وبعد قرابة 6 عقود من حكم عائلة الأسد، شهدت سوريا تحولًا جذريًا في 8 ديسمبر/كانون الأول 2024. خلال أقل من 48 ساعة، انتقلت البلاد من حالة صراع مسلح إلى واقع سياسي جديد، دون معركة حاسمة تقليدية. هذا التطور المفاجئ أنهى حقبة طويلة من السلطة، وفتح الباب أمام مستقبل غير مؤكد للشعب السوري. هذا المقال يتناول تفاصيل سقوط نظام بشار الأسد، وكيف تطورت الأحداث في تلك الأيام الحاسمة.

بدأت الأحداث بتسارع في نهاية الأسبوع، حيث شهد الجنوب السوري تقدمًا ملحوظًا لقوات المعارضة. هذا التقدم تزامن مع علامات ضعف متزايدة في الخطوط الأمامية للنظام، وهروب مفاجئ للرئيس بشار الأسد وعائلته من دمشق. التحولات السريعة أثارت موجة من التساؤلات حول مستقبل سوريا، ودور القوى الإقليمية والدولية في تحديد مسار الأحداث.

صباح السبت 7 ديسمبر/كانون الأول 2024: بداية الانهيار

بحلول صباح السبت، كانت ملامح الانهيار العسكري لنظام الأسد واضحة. غرفة عمليات الجنوب، التي تضم فصائل من درعا والسويداء والقنيطرة، سيطرت على معظم أراضي درعا. في الوقت نفسه، انسحبت القوات الحكومية من القنيطرة، تاركة المحافظة بالكامل تحت سيطرة فصائل المعارضة. هذا الانسحاب كان بمثابة إشارة إلى فقدان السيطرة على المنطقة الجنوبية من البلاد.

هذا التقدم في الجنوب جاء نتيجة لمعركة “ردع العدوان” التي انطلقت من إدلب في أواخر نوفمبر/تشرين الثاني 2024. المعارضة تمكنت من السيطرة على حلب، ثم تقدمت نحو حماة وحمص، بهدف تطويق العاصمة دمشق. الضغط العسكري المتزايد على النظام ساهم في تفاقم الأزمة الداخلية.

تفكك الخطوط الدفاعية

مع اشتداد المعارك في حمص، ثالث أكبر مدن سوريا وعقدة المواصلات الرئيسية، بدأت تظهر علامات التفكك في المنظومة العسكرية والأمنية للنظام. جنود الجيش السوري تركوا الحواجز وخلعوا بزاتهم العسكرية، في مشهد يعكس فقدان الروح المعنوية والولاء. في الوقت نفسه، جرت اتصالات بين وجهاء المدن وفصائل المعارضة لضمان دخول هادئ إلى دمشق وتجنب القتال في الأحياء المكتظة.

شهدت الأطراف الجنوبية والغربية لدمشق مظاهر احتفال محدودة، حيث خرج شباب حاملين علم الثورة، الذي أصبح علم البلاد الجديد. لكن الجزء الأكبر من سكان العاصمة ظل يعيش حالة من القلق والترقب حول السيناريو المستقبلي.

منتصف الليل: هروب الأسد

وبينما كانت الجبهات حول دمشق تتغير بسرعة، بدأت تتكشف تفاصيل خطة هروب الرئيس بشار الأسد. وفقًا لتقرير نشرته وكالة رويترز، أطلع الأسد دائرة ضيقة من المقربين على خطته، وأوهم معظم القادة العسكريين والأمنيين بأن الدعم الروسي في طريقه، وأن المعركة في دمشق يمكن إدارتها. هذا التضليل كان يهدف إلى تأخير ردة الفعل وتقليل الفوضى.

بحسب رويترز، غادر الأسد مع ابنه الأكبر، حافظ، إلى قاعدة حميميم الروسية في اللاذقية، ثم إلى موسكو، حيث كانت زوجته أسماء وأبناؤهم الآخرون في انتظاره. وزير الدفاع علي عباس، وقائد القوات الجوية توفيق خضور، ومدير المخابرات الجوية قحطان خليل، فروا أيضًا من مطار دمشق قبل وصول قوات المعارضة. تفاصيل رحلة الهروب لا تزال غير واضحة، ولكن المؤكد أن الأسد اختار الانسحاب بدلًا من المواجهة.

فجر الأحد 8 ديسمبر/كانون الأول 2024: سقوط العاصمة

مع بزوغ فجر الأحد، انهارت خطوط دفاع النظام بشكل كامل. وحدات من الحرس الجمهوري والفرقة الرابعة انسحبت من مواقعها، مما فتح الطريق أمام قوات المعارضة لدخول دمشق دون اشتباكات كبيرة. انتشار أنباء هروب الأسد زاد من سرعة الانهيار.

أعلنت فصائل المعارضة سيطرتها على المواقع السيادية في العاصمة، بما في ذلك قصر الشعب ووزارة الدفاع ورئاسة الأركان ومبنى الإذاعة والتلفزيون. في الجامع الأموي، أُلقي خطاب رسمي يعلن سقوط نظام بشار الأسد، وانطلقت الاحتفالات في جميع أنحاء المدينة. هذا المشهد عكس تحولًا تاريخيًا في سوريا.

الاحتفالات والسيطرة على المؤسسات

شهدت ساحة الأمويين تجمعات شعبية حاشدة، حيث رفع السوريون علم البلاد الجديد. في المقابل، اقتحم السوريون أماكن سكن تعود لعائلة الأسد، وقاموا بتدمير صورهم وتماثيلهم. هذه الأفعال كانت تعبيرًا عن الغضب والإحباط الذي تراكم على مدى سنوات من الحرب والقمع.

أعلن رئيس وزراء النظام السابق، محمد غازي الجلالي، استعداده للتعاون مع القيادة الجديدة، والإشراف مؤقتًا على المؤسسات حتى تسليمها. قائد إدارة العمليات العسكرية، أحمد الشرع، ألقى خطابًا من الجامع الأموي، داعيًا إلى الوحدة والسلام. هذه الخطوات كانت تهدف إلى تسهيل الانتقال السلمي للسلطة.

من المتوقع أن تشهد سوريا في الأيام والأسابيع القادمة عملية تشكيل حكومة جديدة، وإعادة بناء المؤسسات المدنية والعسكرية. المرحلة القادمة ستكون مليئة بالتحديات، بما في ذلك معالجة الأزمة الإنسانية، وتحقيق المصالحة الوطنية، ومكافحة الإرهاب. المجتمع الدولي سيراقب عن كثب التطورات في سوريا، وسيسعى إلى تقديم الدعم اللازم للشعب السوري في بناء مستقبل أفضل. يبقى الدور الروسي والمدى الذي ستستمر فيه موسكو في التأثير على الأحداث في سوريا، أحد أهم العوامل التي ستحدد مسار البلاد في المستقبل القريب.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى