المقبرة ممتلئة على الدوام .. إسرائيليون يتوافدون لتشييع جنود قتلوا في غزة

رغم هطول المطر، سار مئات الإسرائيليين على عجل الثلاثاء بين أشجار الصنوبر وأحواض الزهور الجبلية في المقبرة العسكرية في جبل هرتزل، على مرتفعات القدس، لحضور دفن جنود قتلوا الإثنين في قطاع غزة.
ومُني الجيش الإسرائيلي الإثنين بأكبر خسارة منذ بدء العملية البرية في القطاع حيث قُتل 24 جنديًا من بينهم 21 من جنود الاحتياط. وأقيمت جنازاتهم الثلاثاء.
وقالت هليل وينشتاين، وهي طالبة تبلغ من العمر 22 عاماً جاءت من مستوطنة تقوع بالضفة الغربية المحتلة والتي تبعد نحو 15 كيلومتراً “لم أكن أعرف الميت، لكنّني أشعر كما لو كان أخي… نحن أمّة واحدة ونشعر جميعًا بأنّ هناك ما يربط بيننا. عندما يصاب أحد أفراد الأسرة، نتّحد جميعاً”.
وكثير ممن جاؤوا إلى المقبرة ما كانوا يعرفون الجنود القتلى. وقال راز إسحقي الذي جاء للتعبير عن تضامنه “إننا نشعر بالوحدة. يجب أن نظهر للعالم ولأمتنا ما هو مهم، إنها الوحدة”.
وتحت خيمة، تجمع الحشد غير المتجانس بين من وضعوا قلنسوة أو قبعات الجنود والنساء المتدينات اللواتي غطين شعورهن، وأخريات بدون غطاء رأس. وبكى الحاضرون وتعانقوا وهم يتابعون كلمات التأبين للجنود الذين اختارت عائلاتهم دفنهم في المقبرة العسكرية الرئيسية المجاورة لقبور شخصيات كبيرة مثل مؤسس الصهيونية تيودور هرتزل أو رئيسة الوزراء غولدا مائير.
أقحوان متعدد الألوان
وعلى القبور المجاورة لقبور الموتى الجدد، ما زال التراب ندياً فقد دُفن كثيرون هنا في الأسابيع الأخيرة.
واندلعت الحرب إثر هجوم غير مسبوق شنته حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر وأسفر في الدولة العبرية عن مقتل أكثر من 1140 شخصاً، معظمهم من المدنيين، وفقا لتعداد أجرته وكالة فرانس برس استنادا إلى بيانات إسرائيلية رسمية.
وتعهدت إسرائيل القضاء على حماس التي تتولى السلطة في غزة منذ عام 2007، وشنت عملية عسكرية مدمرة واسعة النطاق أسفرت حتى اليوم عن مقتل 25490 فلسطينياً، غالبيتهم العظمى من النساء والأطفال والفتية، وفقا لوزارة الصحة التابعة لحماس.
ومنذ بدء العمليات البرية في 27 أكتوبر، قُتل 221 جندياً إسرائيلياً. كما قُتل تسعة آخرون على الحدود مع لبنان.
والمقبرة ممتلئة على الدوام، وشهدت الثلاثاء عدة جنازات، نُظمت تباعاً، كلّ ساعتين تقريبًا. وتصل التوابيت مغطاة بالأعلام الإسرائيلية قبل أن تُحاط بأكاليل من زهور الأقحوان المتعددة الألوان.
وكتب الكانا فيزل (35 عاما) الذي دُفن الثلاثاء، في رسالة تركها لأهله “عندما يموت جندي في القتال، فهذا أمر محزن. لكني أطلب منكم أن تكونوا سعداء. غنّوا وأمسكوا أيدي بعضكم وعبّروا عن مساندتكم لبعضكم البعض”. وبين الدموع، علت الأناشيد اليهودية.
وقالت نوريت الطيب وهي زميلة للمتوفى بعد أن صلّت إنّ “إسرائيل كانت مهمّة جدًا لإلكانا، ومن واجبنا أن نكرّمه”.
بدورها، قالت أدينا نير “أتيت للتعبير عن دعمي للجنود الذين يحمون بلادنا. هذا صعب، لكننا لا نتخلّى أبدًا عن عائلتنا (إسرائيل). نوقف كلّ ما نفعله ونلبّي النداء”.
وخارج المقبرة، تتوافد الحافلات والسيارات تباعاً وتتسبب بازدحام مروري مع هبوط الليل، ويسرع الركاب بالخروج وفتح مظلاتهم للانضمام إلى الجنازة التالية.