الاحتياطي الأمريكي ينهي جدل «الرهانات المتراخية» لـ«الفائدة»

أحبط جيروم باول رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي الرهانات المتراخية على أن مسلسل رفع الفائدة قد انتهى، قائلاً إن المسؤولين لن يترددوا في تشديد السياسة النقدية إذا لزم الأمر.
وأعلن باول، إمكانية رفع أسعار الفائدة أكثر إذا لزم الأمر في إطار الجهد لخفض التضخم وإعادته إلى معدله السابق البالغ 2 %، وقال «نعلم أن التقدم المستمر نحو هدفنا البالغ 2 % ليس مضموناً»، مضيفاً «إذا أصبح من الملائم تشديد السياسة بشكل أكبر، فلن نتردد في ذلك».
وتشير تعليقات باول إلى أن البنك المركزي الأمريكي لا يزال يشعر بقلق بشأن احتمال عودة تسارع التضخم الذي انخفض بأكثر من النصف منذ أن بلغ ذروته العام الماضي.
جاء ذلك بعد ثمانية أيام فقط من خطابه الذي أثار فيه الرهانات على أن الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع أسعار الفائدة، وبعد أسبوع فقط على تصويت البنك الاحتياطي الأمريكي للمرة الثانية لصالح إبقاء سعر الفائدة ثابتاً بين بين 5.25 و5.50 %، وهو أعلى مستوى له منذ 22 عاماً، ما عزز التوقعات بعدم رفعه مجدداً.
ويرى متداولون في السوق المالية أن هناك احتمالاً قوياً جداً بأن يصوت الاحتياطي الفيدرالي على إبقاء أسعار الفائدة ثابتة في اجتماعه المقبل في ديسمبر، وفقاً لبيانات من مجموعة «سي ام اي».
تصريحات تفاجئ الأسواق
وأدت تعليقات باول إلى جعل المتداولين يرفعون تسعيراتهم قليلاً لاحتمالات رفع سعر الفائدة من بنك الاحتياطي الفيدرالي، في حين يقلصون الرهانات على خفض أسعار الفائدة قبل يوليو، «بحسب بلومبرغ».
وقال كوينسي كروسبي، كبير الاستراتيجيين العالميين في «أل بي أل فاينانشيال»، إن «تعليقات باول إلى جانب المزاد المخيب للآمال، هي أعذار منطقية للسوق للبدء في تعزيز المكاسب». وأضاف: «لقد شهدت الأسواق حركة قوية، لكنها اقتربت من مستويات ذروة الشراء».
من جهته، اعتبر مايكل فيرولي من «جي بي مورغان تشيس» إن جوهر تصريحات باول لم يكن مختلفاً عما قاله الأسبوع الماضي، على الرغم من أنها تبدو متشددة مقارنة بتوقعات السوق، التي أصبحت واثقة تماماً من أن بنك الاحتياطي الفيدرالي قد انتهى من رفع الفائدة.
أما كريشنا غوها من شركة «إيفركور»، فاعتبر أنه يمكن قراءة «لهجة باول الأشد صرامة» على أنها محاولة للضغط ضد مزيد من تيسير الشروط المالية، ومحاصرة توقعات تخفيض أسعار الفائدة في النطاق المقبول، مع المحافظة على إمكانية زيادة الفائدة مرة أخرى إذا لزم الأمر.
ورغم أن ذلك ينبغي أن يكون تجنباً للمخاطرة، لم يفسر غوها ذلك على أنه «تحول كبير في السياسة النقدية بل محاول لتصحيح الوتيرة»، مضيفاً: «لا نرى مثلاً أي محاولة جادة للعودة إلى طرح مسألة رفع الفائدة في ديسمبر».
تقلبت الأسواق مع تحذير باول للمستثمرين بألا يتعرضوا للتضليل نتيجة «التحركات الزائفة» في بيانات بضعة أشهر جيدة، وفق تصريحات جيفري روش من شركة «إل بي إل فاينانشيال».
ومع ذلك، توقع روش أن تتراجع عوائد السندات قبيل الإعلان عن أرقام التضخم في الأسبوع المقبل، والتي ينتظر أن توفر بعض «الراحة» للأسواق، لأن نسبة التضخم العامة قد لا تأتي مرتفعة.
كفاية أوروبية
من جهتها قالت رئيسة البنك المركزي الأوروبي كريستين لاغارد إن إبقاء معدل الفائدة على الودائع عند 4 % يجب أن يكون كافياً لكبح التضخم، ولكن المسؤولين سوف يدرسون رفع تكاليف الاقتراض مجدداً حال الضرورة.
وبعد أسابيع من إحجام صناع السياسة عن زيادة جديدة للفوائد، للمرة الأولى منذ بدء دورة تشديد السياسة النقدية العام الماضي، أشارت لاغارد خلال فعالية نظمتها فاينانشال تايمز البريطانية إلى أن البنك المركزي لديه ثقة في أن الأوضاع النقدية الحالية تفي بالغرض.
وقالت لاغارد: «إذا أبقينا على المستوى الحالي لفترة طويلة بما يكفي، سوف يحدث فارق كبير لإعادة التضخم إلى النسبة المستهدفة، عند 2%»، بحسب الصحيفة البريطانية.
وتحدثت رئيسة البنك المركزي الأوروبي عقب عرض للبيانات أظهر أن التضخم الرئيسي تباطأ إلى 2.9 % في أكتوبر، وهي أبطأ وتيرة خلال عامين.