السمنة تدق ناقوس الخطر.. دراسة تكشف صلة قوية بين زيادة الوزن وتسارع ألزهايمر

أظهرت دراسة طبية حديثة علاقة قوية بين السمنة وزيادة خطر الإصابة بمرض ألزهايمر، حيث تبين أن الوزن الزائد لا يرفع احتمالات الإصابة فحسب، بل قد يسرّع أيضًا من تطور المرض لدى الأفراد الذين تظهر لديهم علامات مبكرة. وقد أكدت النتائج أن الأشخاص الذين يعانون من السمنة يشهدون ارتفاعًا ملحوظًا في المؤشرات الحيوية المرتبطة بتدهور الدماغ.
وقد أجريت الدراسة، التي عُرضت خلال الاجتماع السنوي للجمعية الإشعاعية لأمريكا الشمالية (RSNA)، على أكثر من 400 مشارك، وربطت بين مؤشر كتلة الجسم المرتفع وزيادة مستويات بروتينات معينة في الدم مرتبطة بألزهايمر. تأتي هذه النتائج في ظل تزايد الاهتمام العالمي بفهم العوامل التي تساهم في تطور هذا المرض التنكسي العصبي.
السمنة وألزهايمر: تفاصيل الدراسة والاكتشافات
حلل فريق البحث سجلات طبية لـ 407 مشاركًا في مبادرة التصوير العصبي لألزهايمر على مدار خمس سنوات. تضمنت التحاليل فحوصات التصوير المقطعي بالإصدار البوزيتروني (PET) بالإضافة إلى اختبارات دموية متخصصة تركز على المؤشرات الحيوية لتلف الخلايا العصبية، مثل سلاسل الخيوط العصبية الخفيفة وبروتين pTau217.
نتائج التحاليل
أظهرت النتائج وجود ارتباط مباشر بين ارتفاع مؤشر كتلة الجسم وزيادة سريعة في مستويات بروتين pTau217 في الدم، بنسبة تتراوح بين 29% و 95% لدى الأشخاص المصابين بالسمنة. يعتبر هذا البروتين علامة مهمة في تشخيص ومتابعة تطور مرض ألزهايمر. بالإضافة إلى ذلك، كشفت الدراسة عن ارتفاع بنسبة 24% في شظايا البروتينات الناتجة عن تلف الخلايا العصبية، وزيادة طفيفة تقدر بـ 4% في تراكم لويحات الأميلويد في الدماغ.
تأثير الوزن على تطور المرض
وفقًا للدكتور سايروس راجي، أستاذ الأشعة وعلوم الأعصاب بجامعة واشنطن، فإن هذه الدراسة هي الأولى التي تثبت العلاقة بين السمنة وألزهايمر من خلال تحليل المؤشرات الحيوية في الدم. وأشار إلى أن هذه النتائج تفتح آفاقًا جديدة لدراسة تأثير الأدوية المستخدمة في إنقاص الوزن على مسار المرض.
العوامل المؤثرة في ألزهايمر وأهمية الوقاية
تأتي هذه الدراسة لتؤكد على أهمية الحفاظ على وزن صحي كجزء من استراتيجية الوقاية من مرض ألزهايمر. فقد حدد تقرير لجنة “لانسيت” لعام 2024 ما يقرب من 14 عامل خطر قابلًا للتعديل، تساهم مجتمعة بنحو 45% من حالات الإصابة بالمرض. تشمل هذه العوامل، بالإضافة إلى السمنة، ارتفاع ضغط الدم، ومقاومة الأنسولين، وقلة النشاط البدني، والتدخين.
الخرف هو مصطلح شامل يشير إلى تدهور القدرات المعرفية، وألزهايمر هو أحد أكثر أسبابه شيوعًا. تشير الأبحاث إلى أن التغييرات التي تحدث في الدماغ بسبب زيادة الوزن في منتصف العمر قد تزيد من خطر الإصابة بالخرف في مراحل لاحقة من الحياة. ومع ذلك، فإن فهم الآليات الدقيقة التي تربط بين السمنة وتدهور الدماغ لا يزال قيد البحث.
الصحة العصبية هي مجال يركز على الحفاظ على وظائف الدماغ وتحسينها. وتشير هذه الدراسة إلى أن اتباع نظام غذائي صحي، وممارسة الرياضة بانتظام، والحفاظ على وزن مثالي يمكن أن تكون بمثابة تدخلات فعالة للحماية من الأمراض العصبية التنكسية مثل ألزهايمر.
الأدوية الجديدة والآفاق المستقبلية
تشير بعض الأبحاث البريطانية إلى أن أدوية مثل ليراغلوتيد (ساكسيندا)، المستخدمة في علاج السمنة، قد تساعد في تقليل التدهور المعرفي وفقدان خلايا الدماغ لدى مرضى ألزهايمر بنسبة تصل إلى 50%. ومع ذلك، لم تؤكد دراسات أخرى هذه النتائج، مما يؤكد الحاجة إلى إجراء المزيد من الأبحاث لتحديد فعالية هذه الأدوية في علاج ألزهايمر.
من المتوقع أن تركز الدراسات المستقبلية على تحديد الآليات البيولوجية التي تربط بين السمنة وألزهايمر، وتقييم تأثير التدخلات المختلفة، مثل الأدوية والأنظمة الغذائية، على مسار المرض. كما ستسعى إلى تطوير طرق تشخيصية أكثر دقة للكشف عن علامات ألزهايمر المبكرة، مما يسمح ببدء العلاج في مراحل مبكرة لتحسين النتائج.
في الوقت الحالي، لا تزال الأبحاث جارية لتحديد أفضل الطرق للوقاية من ألزهايمر وعلاجه. ومع ذلك، فإن الأدلة المتزايدة تشير إلى أن الحفاظ على نمط حياة صحي، بما في ذلك الوزن الصحي، يمكن أن يلعب دورًا مهمًا في حماية الدماغ وتقليل خطر الإصابة بهذا المرض المدمر.





