الصحة العالمية: مقتل 114 شخصًا في هجمات على روضة أطفال ومستشفى في السودان

أعربت منظمة الصحة العالمية عن صدمتها العميقة إزاء الهجوم العنيف الذي استهدف روضة أطفال في ولاية جنوب كردفان بالسودان، والذي أسفر عن مقتل 114 شخصًا، بينهم 63 طفلاً. وقع الحادث المأساوي يوم الاثنين، حيث استمر القصف حتى أثناء محاولات فرق الإسعاف نقل المصابين إلى المستشفى. هذا الهجوم يمثل تصعيدًا خطيرًا في العنف الدائر في السودان، ويضع ضغوطًا هائلة على النظام الصحي المتهالك.
وقالت المنظمة إن الهجوم شمل قصفًا متكررًا للروضة بأسلحة ثقيلة، ثم استهداف متعمد للمسعفين والمدنيين الذين كانوا يقدمون المساعدة. وقد أدى ذلك إلى عرقلة جهود الإنقاذ وتأخير وصول الرعاية الطبية إلى المصابين. الناجون من الهجوم تم نقلهم لاحقًا إلى منشأة طبية أخرى، مع حاجة ماسة للإمدادات الطبية والدم.
منظمة الصحة العالمية تدين الهجوم وتطالب بالتحقيق
أدان المدير العام لمنظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم جيبريسوس، الهجوم بشدة، واصفًا إياه بأنه “عمل مروع”. وأكد في بيانه الصادر في 4 ديسمبر أن الهجمات على المرافق الصحية والعاملين بها والمدنيين أمر غير مقبول على الإطلاق، ويشكل انتهاكًا صارخًا للقانون الإنساني الدولي. وطالب بفتح تحقيق فوري ومستقل لتحديد المسؤولين عن هذا الفعل الشنيع ومحاسبتهم.
تداعيات الهجوم على النظام الصحي
يأتي هذا الهجوم في وقت يعاني فيه النظام الصحي في السودان من نقص حاد في الموارد، بسبب الصراع المستمر. وقد أدى القتال الدائر منذ أبريل إلى تدمير أو تعطيل العديد من المستشفيات والعيادات، مما جعل الحصول على الرعاية الصحية أمرًا صعبًا للغاية بالنسبة للملايين من السودانيين.
وفقًا لتقارير الأمم المتحدة، فإن أكثر من 6.3 مليون شخص نزحوا داخليًا في السودان بسبب القتال، مما أدى إلى زيادة الضغط على المرافق الصحية المتبقية. بالإضافة إلى ذلك، هناك نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، مما يعيق قدرة الأطباء والممرضين على تقديم الرعاية اللازمة للمرضى.
الوضع في جنوب كردفان، على وجه الخصوص، مقلق للغاية. تشير التقارير إلى أن المنطقة تشهد تصعيدًا في العنف بين القوات المسلحة السودانية وجيش الدعم السريع. هذا الصراع يعيق بشدة وصول المساعدات الإنسانية إلى السكان المحتاجين، مما يزيد من تفاقم الأزمة الإنسانية.
خلفية الصراع في السودان
اندلع الصراع في السودان في منتصف أبريل بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، بقيادة الجنرال محمد حمدان دقلو. بدأ القتال في الخرطوم، ثم انتشر إلى مناطق أخرى في البلاد، بما في ذلك جنوب كردفان.
يعود أصل الصراع إلى خلافات حول دمج قوات الدعم السريع في الجيش السوداني، وكيفية إدارة عملية الانتقال إلى الحكم المدني. وقد أدى الصراع إلى مقتل الآلاف من الأشخاص وإصابة عشرات الآلاف، وتسبب في أزمة إنسانية واسعة النطاق.
تتأثر الأوضاع الإنسانية بشكل خاص بسبب نقص الغذاء والمياه النظيفة والرعاية الصحية. كما أن هناك مخاوف متزايدة بشأن انتشار الأمراض المعدية، بسبب الاكتظاظ ونقص الصرف الصحي.
بالإضافة إلى ذلك، أثر الصراع سلبًا على الاقتصاد السوداني، مما أدى إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية وتدهور مستوى المعيشة. وقد حذرت الأمم المتحدة من أن السودان يواجه خطرًا وشيكًا من المجاعة، إذا لم يتم توفير المساعدات الإنسانية بشكل عاجل.
استجابة المجتمع الدولي
أعربت العديد من الدول والمنظمات الدولية عن قلقها العميق إزاء الوضع في السودان، ودعت إلى وقف فوري للأعمال القتالية. وقد قدمت بعض الدول مساعدات إنسانية للسودان، لكن الاحتياجات لا تزال هائلة.
تعمل منظمة الصحة العالمية بشكل وثيق مع وزارة الصحة السودانية والشركاء الآخرين لتقديم الدعم الطبي للسكان المتضررين. وتشمل هذه الجهود توفير الأدوية والمعدات الطبية، وإرسال فرق طبية إلى المناطق المتضررة، وتدريب العاملين الصحيين المحليين.
كما أن المنظمة تعمل على مراقبة تفشي الأمراض، وتقديم الدعم اللازم للسيطرة عليها. بالإضافة إلى ذلك، تقوم المنظمة بتنسيق جهود الاستجابة الإنسانية مع المنظمات الدولية الأخرى، لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين.
في أعقاب الهجوم على روضة الأطفال، أطلقت منظمة الصحة العالمية نداءً عاجلاً لجمع التبرعات لتوفير الإمدادات الطبية والدم للمصابين. وتدعو المنظمة أيضًا إلى ضمان حماية المرافق الصحية والعاملين بها والمدنيين في جميع أنحاء السودان.
من المتوقع أن تستمر الأزمة في السودان في الأسابيع والأشهر المقبلة. وتعتمد التطورات المستقبلية على قدرة الأطراف المتنازعة على التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار، والانخراط في حوار سياسي شامل. في الوقت الحالي، لا يزال الوضع غير مؤكد، ويتطلب مراقبة دقيقة وجهودًا إنسانية متواصلة.





