«الصحة العالمية»: 237 وفاة بالكوليرا في اليمن و87 ألف إصابة خلال الفترة من أول يناير وحتى 31 أكتوبر

ارتفع عدد حالات الوفاة بمرض الكوليرا في اليمن بشكل مقلق منذ بداية العام الحالي، مسجلاً 237 حالة وفاة و87 ألف إصابة، وفقًا لبيانات حديثة صادرة عن منظمة الصحة العالمية. هذا الارتفاع يضع اليمن في مرتبة متقدمة بين الدول الأشد تضرراً من هذا الوباء، ويؤكد تفاقم الأزمة الإنسانية والصحية التي تعاني منها البلاد. الوضع يتطلب تدخلًا عاجلاً لمواجهة الانتشار المتسارع للمرض وتوفير الرعاية اللازمة للمتضررين.
أظهر تقرير منظمة الصحة العالمية، الذي غطى الفترة من الأول من يناير وحتى 31 أكتوبر، الإبلاغ عن 87,566 حالة إصابة جديدة بالكوليرا والإسهال المائي الحاد في جميع أنحاء اليمن. وتشير الأرقام إلى أن الوفيات المرتبطة بالمرض جعلت اليمن ثالث أعلى دولة من حيث معدل الوفيات على مستوى العالم، متجاوزةً بها العديد من الدول الأخرى التي تعاني من ظروف صحية مماثلة.
تزايد انتشار الكوليرا في اليمن: أسباب وتداعيات
يعزى الانتشار الواسع لمرض الكوليرا في اليمن بشكل أساسي إلى انهيار البنية التحتية الصحية، الناتج عن سنوات من الصراع المستمر. يشمل ذلك تدمير شبكات المياه والصرف الصحي، مما أدى إلى تلوث مصادر المياه الصالحة للشرب وتسهيل انتقال المرض.
تدهور البنية التحتية
أدى استمرار الحرب في اليمن إلى تدهور حاد في قطاع الصحة، حيث أصبحت المستشفيات تعاني من نقص حاد في الأدوية والمعدات الطبية، بالإضافة إلى نقص الكادر الطبي المؤهل. هذا النقص يحد من قدرة النظام الصحي على الاستجابة الفعالة للأوبئة ومواجهة حالات الإصابة بـالكوليرا.
نقص المياه والصرف الصحي
يعتبر نقص المياه النظيفة والصرف الصحي المناسب من العوامل الرئيسية المساهمة في انتشار الكوليرا. يلجأ العديد من اليمنيين إلى استخدام مصادر مياه غير آمنة للشرب والطهي، مما يزيد من خطر الإصابة بالمرض. بالإضافة إلى ذلك، فإن عدم وجود أنظمة صرف صحي فعالة يؤدي إلى تجمع المياه الملوثة وتلوث البيئة.
الوضع يزداد سوءًا بسبب النزوح الداخلي للسكان، حيث يعيش ملايين اليمنيين في مخيمات مؤقتة تفتقر إلى أبسط مقومات الحياة الصحية. هؤلاء النازحون أكثر عرضة للإصابة بالأمراض والأوبئة، بما في ذلك الكوليرا، وذلك بسبب الاكتظاظ ونقص الغذاء والمياه النظيفة.
في نهاية شهر يناير الماضي، أعلنت منظمة الصحة العالمية أن الكوليرا أودت بحياة 879 شخصًا في اليمن خلال عام 2023، مع تسجيل أكثر من 260 ألف حالة إصابة. يمثل هذا الرقم زيادة كبيرة مقارنة بالأعوام السابقة، ويشير إلى أن الوضع آخذ في التدهور.
يلعب الوضع الاقتصادي المتردي دورًا أيضًا في تفاقم الأزمة، حيث يواجه اليمنيون صعوبات في الحصول على الغذاء والمياه النظيفة، مما يضعف جهازهم المناعي ويزيد من قابليتهم للإصابة بالأمراض. بالإضافة إلى ذلك، فإن ارتفاع أسعار الأدوية والمستلزمات الطبية يجعل من الصعب على الكثير من العائلات الحصول على الرعاية الصحية اللازمة.
تعد الكوليرا عدوى بكتيرية تصيب الأمعاء الدقيقة، وتنتشر بشكل رئيسي عن طريق تناول المياه أو الطعام الملوثين ببكتيريا Vibrio cholerae. تشمل أعراض الكوليرا الإسهال الشديد والقيء، مما يؤدي إلى الجفاف الشديد الذي قد يكون قاتلاً إذا لم يتم علاجه بسرعة.
تسعى منظمة الصحة العالمية والمنظمات الإنسانية الأخرى إلى تقديم الدعم والمساعدة لليمنيين لمواجهة انتشار الكوليرا، من خلال توفير الأدوية والمستلزمات الطبية، وتشغيل مراكز علاج الإسهال، وتنفيذ حملات توعية حول طرق الوقاية من المرض. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تواجه تحديات كبيرة بسبب الوضع الأمني المتدهور وصعوبة الوصول إلى المناطق المتضررة.
يرتبط تفشي الكوليرا ارتباطًا وثيقًا بالأمن الغذائي في اليمن. يعاني العديد من السكان من سوء التغذية، مما يجعلهم أكثر عرضة للإصابة بالمرض وتفاقم أعراضه. لذلك، فإن تحسين الأمن الغذائي وتوفير الغذاء الكافي للأطفال والنساء الحوامل والمرضعات يعتبر أمرًا ضروريًا للحد من انتشار الكوليرا.
يجدر بالذكر أن هناك جهودًا متواصلة تبذلها الحكومة اليمنية، بدعم من المنظمات الدولية، لإعادة بناء البنية التحتية الصحية وتحسين خدمات المياه والصرف الصحي. ومع ذلك، فإن هذه الجهود تحتاج إلى دعم وتمويل أكبر من المجتمع الدولي لتحقيق نتائج ملموسة.
من المتوقع أن يستمر الوضع الصحي في اليمن في التدهور خلال الفترة القادمة، ما لم يتم اتخاذ إجراءات عاجلة لمعالجة الأسباب الجذرية لانتشار الكوليرا والأمراض الأخرى. من المهم أن تواصل المنظمة الصحية العالمية والمنظمات الإنسانية جهودها لتقديم الدعم والمساعدة لليمنيين، وأن يتم توفير التمويل اللازم لتنفيذ المشاريع الصحية والتنموية في البلاد. ستصدر منظمة الصحة العالمية تقريرًا جديدًا عن الوضع الوبائي في اليمن في موعد أقصاه نهاية العام الحالي، وسيتم تحديث البيانات والأرقام بناءً على التطورات الأخيرة.
كلمات مفتاحية ذات صلة: الأوضاع الإنسانية في اليمن، اليمن والصحة، الأمراض والأوبئة.





