في إنجاز تاريخي يعزز مكانة مصر في مجال الصحة العامة، أعلنت منظمة الصحة العالمية بالإجماع أن مصر قد نجحت في القضاء على مرض الحصبة والحصبة الألمانية ومتلازمة الحصبة الألمانية الخلقية. جاء هذا الإعلان خلال اجتماع لجنة التحقق الإقليمية التابعة للمنظمة في القاهرة يوم الأربعاء الموافق 10 ديسمبر 2025، مؤكدًا خلو البلاد من هذه الأمراض للعام الثالث على التوالي، وهو ما يمثل تقدمًا كبيرًا في مجال الوقاية من الأمراض المعدية.
يأتي هذا الإنجاز تتويجًا لسنوات من العمل الدؤوب والجهود المتواصلة التي بذلها البرنامج الموسع للتطعيمات بقطاع الطب الوقائي في وزارة الصحة والسكان المصرية. وقد أشاد خبراء الصحة بهذا النجاح، معتبرين إياه دليلًا على كفاءة وفعالية النظام الصحي المصري وقدرته على حماية المواطنين من الأوبئة.
جهود مصر في القضاء على الحصبة والحصبة الألمانية
يعتمد نجاح مصر في القضاء على هذه الأمراض بشكل أساسي على التغطية الشاملة ببرامج التطعيم الروتينية، والتي توفرها وزارة الصحة والسكان مجانًا لجميع الأطفال في جميع أنحاء البلاد. بالإضافة إلى ذلك، قامت الوزارة بتنفيذ حملات تطعيم مكثفة في المناطق النائية والحدودية لضمان وصول التطعيمات إلى الفئات الأكثر عرضة للخطر.
أهمية التطعيمات الروتينية
أكد الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الصحة والسكان، أن التطعيمات الروتينية هي حجر الزاوية في استراتيجية مصر لمكافحة الأمراض المعدية. وأضاف أن الوزارة تولي اهتمامًا خاصًا بضمان جودة وسلامة التطعيمات المستخدمة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الطبية على تقديمها بشكل صحيح وفعال.
لم يقتصر الأمر على التطعيمات فحسب، بل شملت جهود مكافحة الحصبة والحصبة الألمانية أيضًا تطوير نظام متكامل للترصد الوبائي، والذي يراقب انتشار الأمراض المعدية ويساعد على الاستجابة السريعة لأي تفشيات محتملة. هذا النظام مدعوم بمعامل مركزية مجهزة بأحدث التقنيات لضمان دقة وسرعة التشخيص.
هذا الإنجاز يضاف إلى سلسلة من النجاحات الصحية التي حققتها مصر في السنوات الأخيرة، بما في ذلك القضاء على شلل الأطفال والتيتانوس الوليدي، والحصول على الشهادة الذهبية من منظمة الصحة العالمية كأول دولة في المنطقة تقضي على فيروس الالتهاب الكبدي “ب” لدى الأطفال. وتشير هذه الإنجازات إلى التزام مصر القوي بتحسين صحة مواطنيها وتحقيق أهداف التنمية المستدامة.
وأشاد المكتب الإقليمي لمنظمة الصحة العالمية بجهود مصر، مؤكدًا أن البرنامج المصري للتطعيمات أصبح نموذجًا يحتذى به في المنطقة. كما أكد على أهمية التزام الدولة بأعلى معايير الوقاية والترصد الوبائي في تحقيق هذا النجاح.
من جانبه، أوضح الدكتور عمرو قنديل، نائب وزير الصحة والسكان، أن مبدأ “الوقاية خير من العلاج” يظل في صدارة أولويات الوزارة. وأضاف أن قياس تقدم الأمم الحديثة يتم اليوم من خلال مدى قدرتها على حماية مواطنيها من الأمراض قبل حدوثها، وهو ما تسعى مصر جاهدة لتحقيقه.
وأشار الدكتور حسام عبد الغفار، المتحدث الرسمي لوزارة الصحة والسكان، إلى أن البرنامج الموسع للتطعيمات كان العامل الرئيسي وراء كل الإنجازات التاريخية التي حققتها مصر في مجال القضاء على الأمراض المعدية المستهدفة بالتطعيم. وأضاف أن الوزارة تعمل باستمرار على تطوير هذا البرنامج وتحديثه لمواكبة أحدث التطورات العلمية.
تؤكد وزارة الصحة والسكان أن هذا الإنجاز ليس مجرد رقم أو شهادة، بل هو دليل حي على قوة التحول الرقمي والأنظمة الوقائية التي تشهدها المنظومة الصحية المصرية. وتتعهد الوزارة بالاستمرار في تعزيز الريادة الصحية لمصر على المستويين الإقليمي والعالمي في السنوات القادمة، مع التركيز على تحسين الصحة العامة.
في المستقبل القريب، من المتوقع أن تواصل مصر جهودها لتعزيز برامج التطعيم وتوسيع نطاقها لتشمل المزيد من الأمراض المعدية. كما ستعمل الوزارة على تطوير نظام الترصد الوبائي لضمان الاستجابة السريعة لأي تهديدات صحية محتملة. وتشمل الخطط المستقبلية أيضًا الاستثمار في البحث العلمي وتطوير اللقاحات الجديدة، بالإضافة إلى تدريب الكوادر الطبية على أحدث التقنيات في مجال مكافحة الأمراض.
