“العودة إلى الأرض”.. حي سكني للبيض فقط في أركنساس بأميركا

كشف تحقيق استقصائي أجرته صحيفة “لو موند” الفرنسية عن تأسيس أول مجمع سكني مغلق في الولايات المتحدة يقتصر على المتطرفين البيض، المؤمنين بتفوق العرق الأبيض. يمثل هذا التجمع، الذي أطلق عليه اسم “العودة إلى الأرض”، تطوراً مقلقاً في ترسيخ الأيديولوجيات العنصرية، ويقع في منطقة ريفية نائية بولاية أركنساس. هذا المجمع السكني يثير تساؤلات حول التمييز العنصري والالتفاف على القوانين.
يضم المجمع حاليًا حوالي 40 شخصًا، بينهم 12 طفلاً، وهم في الغالب من الشباب المسيحيين المتشددين الذين يتبنون آراءً عنصرية صريحة. جاء العديد منهم من أوساط داعمة للرئيس السابق دونالد ترامب، والمعروفة بحركة “ماغا”. يصف المؤسسون المكان بأنه مجتمع ريفي بسيط، لكن التحقيق يكشف عن مشروع إقصائي يهدف إلى خلق “حي سكني لأصحاب التفوق الأبيض”.
أسس التجمع العنصرية
يعتمد التجمع على مبادئ صارمة تتعلق بالعرق والدين والجنس. القبول في المجمع يتطلب إثبات الأصل الأوروبي من خلال اختبارات الحمض النووي، بالإضافة إلى التعبير عن آراء عنصرية متطرفة، مثل الاعتقاد بأن “الأشخاص الملونين يفتقرون إلى القدرات المعرفية التي يتمتع بها البيض”. هذه المعايير تثير قلقًا بالغًا بشأن التمييز المنهجي.
يبرر قادة التجمع هذا المشروع بالخوف من التغيرات الديموغرافية، معتقدين أن “البيض سيصبحون أقلية في الولايات المتحدة والعالم”. إريك أورول، الرئيس الشاب للتجمع، يصف هذا التجمع بأنه محاولة لحماية “هويتهم” و”مستقبلهم”.
الالتفاف على القوانين
يواجه التجمع اتهامات بانتهاك قانون الإسكان العادل لعام 1968، الذي يحظر التمييز العنصري في السكن. ومع ذلك، يبدو أن المؤسسين قد وجدوا طريقة للالتفاف على القانون من خلال بيع “أسهم” في الشركة بدلاً من بيع قطع الأراضي مباشرةً. هذه الخطوة تهدف إلى تجنب تصنيفهم كمطورين عقاريين يخضعون لقانون الإسكان.
على الرغم من فتح مكتب المدعي العام في أركنساس تحقيقًا في الأمر، إلا أن قادة التجمع يبدون واثقين من قدرتهم على مواجهة أي تحدٍ قانوني. ويرون أنهم قد يتمكنون من استخدام أي محاكمة كمنصة لتعزيز أيديولوجيتهم، معتقدين أنهم سيحظون بدعم قوي من أنصارهم.
مجتمع مسلح ومفاهيم اجتماعية متطرفة
يتبنى التجمع رؤية متطرفة للحياة الاجتماعية والدينية. يُشجع الأعضاء على الزواج وتكوين الأسر، مع التأكيد على الفصل التقليدي للأدوار بين الجنسين. تُفضل ربة المنزل التي تتولى رعاية الأطفال والمنزل، وهو مفهوم شائع بين مؤيدي ترامب.
بالإضافة إلى ذلك، يعتمد التجمع على مبدأ “البقاء للأصلح”، حيث يمتلك معظم الأعضاء أسلحة نارية ويتدربون عليها بانتظام. ويصفون أنفسهم بأنهم مستعدون للدفاع عن مجتمعهم ضد أي تهديد خارجي، معلنين استعدادهم لحماية “قلعتهم البيضاء”.
تداعيات مستقبلية للمجمع السكني
يثير تأسيس هذا المجمع السكني قلقًا بالغًا بشأن صعود التطرف العنصري في الولايات المتحدة. ويشير الخبراء إلى أن هذا التجمع قد يكون مجرد بداية لظاهرة أكثر انتشارًا، حيث يسعى المتطرفون إلى خلق مجتمعات منعزلة تعزز أيديولوجياتهم. من المتوقع أن يستمر التحقيق الذي يجريه مكتب المدعي العام في أركنساس، وقد يتم اتخاذ إجراءات قانونية ضد قادة التجمع في الأسابيع أو الأشهر القادمة. يبقى من غير الواضح ما إذا كانت هذه الإجراءات ستكون كافية لوقف انتشار هذه الأيديولوجيات المتطرفة.
يجب مراقبة تطورات هذا الوضع عن كثب، وتقييم تأثيره على المجتمع الأمريكي. كما يجب على السلطات اتخاذ خطوات استباقية لمكافحة التطرف العنصري ومنع تأسيس المزيد من هذه المجتمعات المنعزلة. الوضع يتطلب يقظة مستمرة وجهودًا متضافرة من جميع الأطراف المعنية.





